جلال سلمي - خاص ترك برس

تُثبت الكثير من الأبحاث العلمية بأن الجانب الاقتصادي هو من أكثر الجوانب المؤثرة على الروح النفسية الخاصة بالناخب وقناعته مهما كانت جنسيته أو هويته.

يُقسم الجانب الاقتصادي بشكل عام مابين جانب اقتصادي عام خاص بالدولة و الخدمات الاجتماعية الخاصة بالمواطنين أجمع بشكل عام وجانب اقتصادي خاص بالشخص الواحد ومصالحه الشخصية، ويبدو بأن الحملات الانتخابية الخاصة بجميع الأحزاب السياسية التركية تُركز على الجانب الاقتصادي الخاص بقوت المواطن التركي وحياته بشكل مباشر.

ويتطرق الباحث السياسي في مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" أردال تاناس كاراغول، في دراسة أكاديمية له بعنوان "أيهما أهم الجانب الاقتصادي العام أم الجانب الاقتصادي الخاص في الحملة الانتخابية؟" نُشرت في جريدة ييني شفق التركية ومركز أبحاث سيتا بتاريخ 24 أيلول/ سبتمبر 2015، بالقول "تم الإفصاح عن المذكرات الانتخابية الخاصة بالأحزاب السياسية في تركيا الأسبوع الماضي، وحسب هذه المذكرات كان الجانب الاقتصادي مدموغًا بالوعود الاقتصادي الشخصية المُخاطبة بشكل مباشر لجيب المواطن التركي وقوته الحياتي، وهذا الأمر كان متوقعًا جدًا بعد حالة الغموض وعدم الاستقرار التي سببت حالة عارمة من القلق والتوتر لدى المواطنين الأتراك خوفًا على استمرارها وبعد تؤثرهم المباشر منها".

ويضيف كاراغول بأن "مستشاري الأحزاب السياسية أصبحوا على يقين تام بعد حالة عدم الاستقرار بأن المواطن التركي بات يبحث عن مُنقذ له بعدما تأثر بشكل مباشر من الزعزعة الاقتصادية التي أصابت البلاد في الفترة الأخيرة بعد حالة الغموض السياسي التي نتجت عن نتائج انتخابات 7 حزيران/ يونيو والتي تسببت بدورها بحالة غموض اقتصادي حاد أثر على الجانب الاقتصادي الشخصي للمواطن التركي ومن أجل إعادة طمأنة المواطن سعت جميع الأحزاب السياسية، وعلى رأسها حزب العدالة والتنمية الذي تبنى الجانب الاقتصادي العام في الانتخابات المنصرمة، إلى تبنى مذكرة أو برنامج انتخابي تُخاطب الحس الاقتصادي الخاص بالمواطن التركي بشكل مباشر".

وحسب الأبحاث السياسية الخاصة بالانتخابات يُبين علماء السياسية الاجتماعيين بأن هناك عدة عوامل تؤثر على الناخب في أي دولة ديمقراطية ومن أهم هذا العوامل العامل الاقتصادي المنفعي والذي ينقسم إلى العامل الاقتصادي النفسي المخاطب للفرد بشكل مباشر والعامل الاقتصادي النفسي المُخاطب للمجتمع والخدمات المجتمعية العامة، أما العامل الاقتصادي النفسي المُخاطب للفرد فهو يتعلق بالخدامات والمصالح الفردية مثل الحد الأدنى للأجور، خدمة المواصلات المجانية في بعض المناسبات، دعم الدولة للمواطن في تأمين المسكن وغيرها الكثير من الأمثلة وبالعادة يكون هذا العامل هو الأكثر تأثيرًا مقارنة بالعامل الاقتصادي المجتمعي وذلك لأن هذا العامل يُخاطب المنفعة الشخصية بشكل مباشر.

أما العامل الآخر وهو العامل الاقتصادي النفعي المجتمعي فيعني بأن يكون التطور طائل لجميع المجتمع كافة مثل الطرق والجسور والمطارات وخدمات البنية التحتية ولكن بعض الفئات تكون غير مستفيدة من هذه الخدمات أو هذه الخدمات لا تعني لها الكثير خاصة الفئات الفقيرة لذا هذه الخدمات لا تعني لها الكثير في بعض الأحيان.

وحسب الباحث السياسي السلوكي جوجور أوراس، الذي تناول الموضوع ذاته في مقالة سياسية بعنوان "العنصر الاقتصادي الاجتماعي وحزب العدالة والتنمية" نُشرت في جريدة ميلييت بتاريخ 30 أيلول/ سبتمبر 2015؛ فإن نتائج الانتخابات السابقة أكدت ولو حتى بشكل نسبي بأن العامل الاقتصادي الفردي هو أكثر تأثيرًا من العامل الاقتصادي المجتمعي، نتائج الانتخابات الأخيرة برهنت هذه النظرية وبكل وضوح وذلك لأنه على الرغم من حجم التطور المجتمعي العظيم الذي حققه حزب العدالة والتنمية في الآونة الأخيرة إلا أن إغفاله عن الجانب الاقتصادي الفردي جعلته يخسر النسبة التي كان يحققها في جميع الدورات الانتخابية التي خاضها في الفترات السابقة".

ويشير أوراس بأن "خطأ حزب العدالة والتنمية في الانتخابات السابقة كان بمثابة الدرس الوفي لجميع الأحزاب السياسية في تركيا إذ عمل حزب العدالة والتنمية والأحزاب الأخرى على تفادي هذا الخطأ من خلال طرح مذكرة أو برنامج انتخابي يُخاطب الجانب المنفعي أو الاقتصادي الشخصي أكثر من الجانب المنفعي العام، وذلك لجذب الناخب بشكل أكبر لأن الناخب أكد لمستشاري هذه الأحزاب السياسية بأن الذي يُجدي نفعًا لهم هو مايُخاطب مصالحهم الشخصية وليس المشاريع العامة التي يمكن أن لا يكون لها أي مردود نفعي بالنسبة لهم".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!