إتيان مهتشوبيان - صحيفة أقشام - ترجمة وتحرير ترك برس

لا يفهم الكثير الخطوة التي قام بها حزب العمال الكردستاني بالتحول من الطريق السياسي الذي حصل عن طريقه على 80 نائب في البرلمان التركي إلى طرق قد عفا عليه الزمن وهو ما سماه "حرب الشعب الثائر" بالحواجز والخنادق التي نشرها في مناطق تواجده، ليكون بذلك قد قفل على الخيار السياسي وجمّده. لم يعتقد حزب العمال الكردستاني بأن خياره هذا سيكون فاشلا حتى ذهب البعض إلى وصف قيادة الحزب بانها صاحبة "بعد النظر"! إن السبب الأساسي في فشل الاستراتيجية الجديدة للحزب لم يكن بما فعلته الحكومة، بل كان بسبب الوعي الذي يتمتع به الأكراد، أو كما يمكن أن نقول إن حزب العمال الكردستاني لم يقرأ حساسية الحاضنة التركية وأولوياتها بشكل جيد.

لا نستطيع القول إن الحجج التي ساقها حزب العمال الكردستاني ليبرر الحكم الذاتي الذي يسعى له فاشلة، كما لا نستطيع أن نقول أيضا إن هذا القرار غير منطقي، فالحزب ومن مطلع العام الحالي دخل في خط جديد واستراتيجية جديدة كان حزب الشعوب الديمقراطي فيها عبارة عن وسيلة وأداة من أجل بلوغ أجنداته. وكان القرار بأن يتم الربط بين سوريا وتركيا بمنطق "إما أن نحصل على ما نريد أو لا"، وبسبب هذه الخطوة نرى أن كثيرا ممن يحمل على عاتقه المسؤولية وممن يعتقد أن يديه ما زالت قصيرة يعيشون حالة من الخوف.

ومن أجل تحقيق أكبر قدر ممكن من المصلحة نراهم وهم يحاولون الاستفادة من روسيا وأمريكا في آن واحد، لكن هذا الخطاب المنقسم بين الغريمين لن يستمر طويلا حسب ما نرى. ولأن الرؤية ما زالت ضبابية وغير واضحة لما ستؤول إليه الأوضاع في المرحلة الانتقالية التي تعيشها سوريا الآن، فإن عليهم أن يسعوا جاهدين لقطف ثمرتهم في العامين القادمين إن أرادوا إنهاء مشكلتهم السياسية وإلى الأبد.

لقد دخلوا في طريقهم الجديد بأقصى ما يملكون، وكانت أولى خطواتهم بأن جعلوا مشروع مباحثات السلام خارج التغطية. فعندما جاءت الأخبار من قصر دولمابهشة رفضوها فورا وأرسلوا بذلك إلى حزب العدالة والتنمية ودميرطاش وقالوا للأخير مهددين "لن نجعلك رئيسا". وللتذكير فإن هذه المكالمات لم تخرج من اجتماع عادي لمجموعة عادية، وإنما خرجت وبشكل واضح من حزب العمال الكردستاني. أما بالنسبة لنتائج الانتخابات فكان القرار بأنها لن يكون لها أي مكان في الخارطة السياسة الجديدة وإن نجاح حزب الشعوب الديمقراطية الجديد لن يكون ضمن أجنداتهم.

كما أصبح حزب الشعوب الديمقراطي خارج الخطة الجديدة لحزب العمال الكردستاني فإن الحاضنة الشعبية ستصبح كذلك خارج اهتماماتهم، وذلك لأن الحزب يعتقد أن قضيته قضية تاريخية؛ الأمر الذي يُحتّم عليهم بالتخلص من كل من يُعارضه. ويرى الحزب بأنه يستطيع تحقيق أهدافه عندما يستطيع خلق فوضى مشابهة للحالة السورية خلال العامين القادمين، وذلك سيفتح باب التدخلات الخارجية التي ستتيح له اقتطاع ما يريده بحكم ذاتي أو ما يشببه من أشكال سياسية ممكنة، ولتحقيق ذلك سيسعى في الأيام القادة إلى نشر الأكاذيب في حملات إعلامية تحمل عنوان التحريض على حزب العدالة والتنمية بوصفه عرقي ومغتصب للحق والثقافة الكردية، كما وستكون بعض الدول الغربية داعمة ومساندة لهذه الحملة الإعلامية.

هل يا تُرى ستنجح هذه الاستراتيجية؟ نعم ستنجح في حال تصرفت الحكومة بشكل خاطئ... فلهزيمتهم في هذه الحرب قبل اندلاعها يجب على الحكومة إعطاء الاكراد كل حقوقهم بسرعة، كما ويجب عليها ان تبدئ بمشروع دولي يستهدف المشروع الاجتماعي في المنطقة بهدف توضيح حقوق الأكراد في الحرية.

عن الكاتب

إتيان مهتشوبيان

عضو لجنة الحكماء وكاتب في صحيفة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس