إتيان مهتشوبيان - صحيفة قرار - ترجمة وتحرير ترك برس

طالب الرئيس أردوغان مجددًا نظيره الروسي بوتين خلال زيارته إلى روسيا بإغلاق مكتب حزب الاتحاد الديمقراطي في موسكو. ورغم معرفة كافة الدول المنخرطة في المعادلة السورية بذلك الشرط التركي. لكن لم يتغير الشيء الكثير.

وبينما تواصل الولايات المتحدة الأمريكية تقديم السلاح والتدريب والخبرة والمشورة لقوات سوريا الديمقراطية المتشكلة بمبادرة من الحزب، تواصل روسيا أيضًا إصدار بيانات واضحة بشأن استمرارها بالتعاون مع عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي في جميع خطواتها الاستراتيجية. أي اعتماد شركاء تركيا الكبار سياسات ترفض الإنصات باحترام لها دون إبداء الكثير من التردد وعدم انزعاجهم من وجود تنظيم سياسي وإداري يمثل امتداداً لحزب العمال الكردستاني في شمالي سوريا. ويمكن الذهاب إلى أبعد من ذلك بالحديث عن اعتبارهم إقامة ذلك التنظيم إيجابياً بالنسبة إلى مصالحهم الخاصة.

وعند إضافتنا علاقة الحزب التكتيكية الوثيقة مع نظام الأسد و"حالة الرضى المتبادل" التي بلغها مع إيران، فإننا نعترف حينها بنجاح سياسته تلك. ولو أعيدت الحرب بين النظام السوري والأكراد وصولًا إلى النصف الأول من الألفينيات، فإنهما يحاربوننا معًا كوكلاء في تواصل مستمر حاليًا إلى جانب إمكانية إقامة تحالفات تقوم على المصلحة المشتركة في أي لحظة. وكذلك الأمر بالنسبة إلى إيران بالتوصل إلى علاقة مستقرة بعيدة المدى تشير إلى وجود معالم "تفاهم" متبادل بينهما عقب سنوات طويلة من التوتر بين مد وجزر. مما يتيح لحزب الاتحاد الديمقراطي الوقوف ضده، بينما تخوض التشكيلات الكردية الموالية لبارزاني نزاعاً مسلحاً ضد إيران.

وكذلك الاعتقاد بحدوث هؤلاء جميعًا عقب مغادرة عشرات الآلاف من الناس بلادهم وتعرض الكثير منهم لانتهاك الحقوق والحريات بسبب الحزب وإصدار المنظمات الدولية تقارير عن ذلك. فقد بات واضحًا منذ زمن طويل أن معايير حقوق الإنسان أصبحت أمرًا ثانويًا في سوريا، ودفعها إلى وسط يتيح لها إضفاء "الشرعية" على كافة أنواع الإجراءات في سبيل تحقيق أهدافها السياسية. غير أن انتقاد الحزب بهذا الشأن لم يكن فعال للغاية نظرًا لما تقوم به روسيا وإيران ونظام الأسد. والمؤسف هو عدم تردد الوكلاء المنخرطين بالمعادلة والنزاع السوري في استغلال تلك "الميزة" حتى النهاية.

ولهذا السبب من المستبعد انتظار أن يلقى طلب أردوغان آذان صاغية من بوتين. وعند النظر إلى الأمر من هذه الناحية كان الأنسب طلب ذلك من العالم الغربي، نتيجة وجود رأي عام حساس جدًا تجاه موضوع الحريات والحقوق على الأقل. أما الموقف الأمريكي فإنه  تأييده للحزب واضح تقريبًا. ويعود ذلك لخمسة أسباب. الأول، محاولة الولايات المتحدة الأمريكية الوقوف إلى جانبه خوفًا من ارتماء الحزب في أحضان روسيا. ثانيًا، الترابط بين القوة العسكرية وقابليته للتحول إلى عامل سياسي في سوريا إلى جانب قدرة الحزب على تحقيق نجاح عسكري أكثر من الجيش السوري الحر والعناصر المحلية. ثالثًا، تقديم الدعم غير المشروط نوعًا ما لكافة احتياجات الحزب نظرًا لحاجة مستقبله السياسي إلى الدعم الأمريكي. رابعاً، وجود تعدد الهويات والقوميات بدرجة أقل لدى حزب الاتحاد الديمقراطي/ بي كي كي الرافضة للخصائص الايدولوجية السلطوية بالمقارنة مع المعارضة الكردية التقليدية. خامسًا، اعتبار مفهوم النظام الاجتماعي للحزب عصريًا أكثر عند مقارنته بالمجموعات الثقافية الأخرى داخل سوريا.

وإن كان الغرب سيرفض بشدة إقامة كيان ذو صلة مباشرة بتنظيم مثل بي كي كي، وفق لتصوره المستقبلي عن سوريا. ولكنه بحاجة إلى هذا كيان للتخلص من الفوضى الموجودة حاليًا. فضلًا عن رغبته بأن تكون سوريا مستقبلًا أقرب إلى خياراته الثقافية ووضعه السياسي الخاص قدر الإمكان. وبالتالي إفساح مجال التحرك واسعاً أمام حزب الاتحاد الديمقراطي.

عن الكاتب

إتيان مهتشوبيان

عضو لجنة الحكماء وكاتب في صحيفة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس