مولاي علي الأمغاري - خاص ترك برس

قال رئيس الوزراء التركي"أحمد داود أوغلو" منتقدا زيارة رئيس حزب الشعوب الديمقراطي لروسيا: "تراقبون تحركات ذاك الشخص الذي يدعي تمثيله للشعب الكردي، وترون جيدا من أين يستمد قوته، وإلى أين يذهب، ومع من يتحالف". عن وكالة الأناضول.

كما وصف تصريحات ديميرطاش بموسكو بأنها تنم عن خيانة وأنها وصمة عار للحزب وقادته.

كثير من المحليين ومراقبي الشأن التركي يعتبرون اعتقال عبد الله أوجلان  بسجن بجزيرة إمرالي في بحر مرمرة، ترك فراغا كبير في الزعامة السياسية لحزب العمال الكردستاني الإرهابي، وإن كان مراد قرة إيلان والمعروف بـ"جمال" هو رئيس اللجنة التنفيذية في حزب العمال الكردستاني وصاحب الكلمة العليا لامتلاكه القوة والسلاح ومُخطط العمليات العسكرية ضد الجيش التركي والمواطنين الأتراك بجنوب شرقي تركيا.

فمن هو صلاح الدين ديميرطاش؟ هل هو حقوقي سياسي كردي؟ أم الوجه السياسي لإرهاب منظمة جبال قنديل؟

قبل هذا وذاك يجب قول للإنصاف إن صلاح الدين ديميرطاش- الذي قيل عنه أن لم  ولن يخرج من عباءة أوجلان- نجح في وضع نفسه في مكانة استحق فيها المقارنة بينه و بين زعيم "الحركة الانفصالية الكردية" اليساري عبد الله أوجلان لكن مقارنة مع الفارق كما يقال، حيث روى بعض الكُتاب الأتراك عن أوجلان مقولة تبين الفرق بينه وبين ديميرطاش، حيث قال: "أنا ابن هذه البلاد، أما صلاح الدين فهو مشروع دولي".

أوجلان إما أنه يتبرأ من مشروع ديميرطاش الذي وصفه بأنه مشروع دولي، أو أنه يعتبره قائدا سينجح في تحقيق ما لم يحققه هو طيلة أربعين سنة، وإن عليه ملاحظة أنه برأ نفسه وحزبه من أن يكونا  مشروعين دوليين هما كذلك.

أما صلاح الدين ديميرطاش الحقوقي، فقد شغل منصب رئيس فرع ديار بكر لجمعية حقوق الإنسان وعضو فرع منظمة العفو الدولية بتركيا، والتي عمل منها على الدفاع عن حقوق الأكراد في تركيا وحقهم في إقامة دولتهم المستقلة.

ثم ديميرطاش السياسي النائب البرلماني لمدينة ديار بكر عن حزب المجتمع الديمقراطي في انتخابات 2007، ثم رئيس حزب السلام والديمقراطية بالمشاركة عام 2010، ثم برلماني عن الحزب نفسه عن مدينة هكاري عام 2011،وفي يونيو/ حزيران 2014 انتخب رئيسا لحزب الشعوب الديمقراطي بالمشاركة، ومنذ توليه هذا المنصب وديميرطاش يروج لنفسه على أنه رئيس حزب لجميع الأتراك، ينادي بحقوق كل الشعب التركي، وأنه صلة وصل في السلام المنشود بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني، ودافع عن تعلم الأكراد بلغتهم الأم وجعلها لغة الإدارة في جنوب شرق تركيا، وإيقاف العمليات العسكرية ضد حزب بي كي كي الإرهابي، وإلغاء النظام الانتخابي الحالي، وغيرها من المطالب التي أكسبته شعبية كبيرة بين أكراد تركيا.

وأقوى شعاراته ما كان في انتخابات الرئاسة في عام 2014- التي احتل فيها المرتبة الثالثة بنسبة 9.77% من الأصوات- حيث كان يرفع شعار بارزا في حملته الانتخابية: "حزب الشعوب الديمقراطي حزب تركيا، لجميع أطياف الشعب التركي"، كما تحدث عن الوحدة والاتحاد والسلام والأخوة والتعايش السلمي بين مكونات الشعب التركي، وأن حزبه ترك فكرة منطقة الحكم الذاتي بالمناطق الكردية.

لكن مباشرة بعد ظهور نتائج انتخابات سابع حزيران/ يونيو التي فقد فيها حزب العدالة والتنمية الأغلبية المطلقة، رجع لفكرة الحكم الذاتي للأكراد وانسلخ من تصريحاته ووعده كعادته، وأخذ يكرر ما تدعيه المنظمات الإرهاب بجبال قنديل، كما دعا الأكراد إلى عصيان لغوي وثقافي بترك اللغة التركية والتكلم والتعلم باللغة الكردية فقط.

وكانت فترة مابين سابع حزيران وفاتح تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، فترة نشاط طعناته المسمومة في جسد تركيا، فكان أ كبر المحرضين على أردوغان وحكومة أوغلو، ومن هذه الطعنات المشهورة  ما يلي:

-  بعد تفجير ديار بكر : في 5حزيران والذي خلف 53 قتيل من الأبرياء وسط تجمع حزب الشعوب الديمقراطي- اتهم دميرطاش أردوغان وحزبه باستهداف أنصاره لثنيهم عن التصويت لحزبه، ونسي نداءاته التحريضية ودعواته لنصرة أهل الخنادق والتي  تسببت في مقتل  عشرات من الشباب الأكراد.

-  بعد تفجير سوروج في 20 تموز/ يوليو: وبعد مقتل أكثر من 30 شابا وإصابة أكثر من 100جريح بمدينة سوروج التركية، خرج ديميرطاش بتصريحات متهورة اتهم فيها الرئيس التركي أردوغان بدعم داعش في قيامها بتفجير سوروج حيث هتف في جمع من أنصار حزبه بأن " أردوغان القاتل"، واعتبر حكومة أحمد داود أوغلو متآمرة مع داعش في استهداف الشباب الأكراد.

- الاستهتار بدم الجنود الأتراك ورجال الشرطة: لم يخرج صلاح الدين دميرطاش في إحدى تصريحات الإعلامية الكثيرة وتجمعاته الجماهيرية ولو مرة واحدة، استنكر فيها الهجمات الإرهابية التي يقوم حزب بي كي كي الإرهابي ضد رجال الشرطة والجنود الأتراك، بل يحملهم المسؤولية ويعتبرهم معتدين قتلة، يرفعون سلاحهم على الشعب الكردي .

- الربط  المستمر بين تنظيم داعش الإرهابي وأردوغان وحزبه: حيث اتهم في عدة مناسبات الرئيس التركي أردوغان والحكومة التركية بدعم داعش بالسلاح والرجال والمال، وأن أردوغان تخاذل في نصرة أ كرد مدينة  كوباني السورية، وثمن ذلك عند دميرطاش إطلاق سرح الرهائن الأتراك الذين اختطفتهم داعش .

- بعد مجزرة أنقرة: في 10 تشرين الأول/ أكتوبر والتي أدت إلى أكثر من 100 قتيل وإصابة 400 جريح في أكبر عمل إرهابي تتعرض له تركيا منذ تأسيس الجمهورية، وقبل أن تجف دماء قتلى التفجير الإرهابي، خرج ديميرطاش بتصريحات نارية صبيانية يهاجم فيها الحكومة التركية وينعت تركيا ب"الدولة القاتلة المجرمة"، وأن أردوغان والحكومة التركية بسبب التهاون في حفظ أمن المواطنين هي المسؤولة عن هذه المجزرة الدموية.

- بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية: أبدى دميرطاش تضامن منقطع النظير مع روسيا ضد الحكومة التركية، وأكد هذا الدعم في لقائه مع وزير الخارجية الروسي بموسكو، حيث هاجم ديميرطاش الحكومة التركية واتهمها بالخطأ في إسقاط الطائرة الحربية الروسية، وحملها مسؤولية تأزم العلاقة بين روسيا.

هذه الأحداث كلها طعن فيها صلاح الدين دميرطاش تركيا والشعب التركي، ففي كثير من الدول التي عرفت هجمات إرهابية، تجد القادة السياسيين يتناسون خلافاتهم، ويقفون رجلا واحد ضد الإرهاب، وآخر هذه المواقف ما فعله الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي حيث أبدى تضامن كبير غير مشروط مع غريمه الرئيس هولاند، ودعم قرارات الحكومة في حفظ أمن فرنسا أمام الهجمات الإرهابية، لكن دميرطاش له رأي آخر، هل هو لا يرى نفسه من الشعب التركي، أم أنه الوجه الآخر للإرهاب "الإرهاب السياسي الاستفزازي"؟

لقد قالها الرئيس أردوغان صراحة: "حزب الشعوب الديمقراطي يدافع عن العنف ويزرع الشقاق والفرقة بين الأتراك، وهو ليس جزء من تركيا، وقد اتضحت نوايا دميرطاش وحزبه".

كل يعلم أن الأكراد أصبحوا رهائن بيد حزب بي كي كي الإرهابي وحزب الشعوب الديمقراطي، فهما وجهان لعملة واحد، فحزب العمال يمارس الإرهاب وسيلة لتحقيق أجندته وأجندة رعاته، وحزب الشعوب الديمقراطي يمارس العمل السياسي الاستفزازي الذي يكمل الأحداث الإرهابية، لهما أهداف وأجندة واحدة، غايتها إضعاف تركيا وإدخالها في دوامة المشاكل والقلائل، لا تجعلها تتفرغ للملفات الخارجية، مهمة يقوم بها "ديميرطاش"  وقبله "أوجلان" كما احتاج "حلف الطاعنيين في الظهر" لذلك.

صحيح أن صلاح الدين ديميرطاش لا يقدر على حمل السلاح وصعود جبال قنديل كأخيه، لكنه يملك سلاح آخر أشد فتكا هو سلاح الكذب والخيانة والطعن في الظهر، "روبين هود أكراد الانفصال" لا يرد يد لامس من أعداء تركيا والأتراك، لذا كان أحمد أوغلو صريحا في نعته لدميرطاش بالخيانة، كما ألغى برنامج زيارته لحزب الشعوب "الديمقراطي اسمه القنديلي فعلا".

عن الكاتب

مولاي علي الأمغاري

باحث في قضايا العالم العربي والإسلامي ومتخصص في الحركات الإسلامية وقضايا الإرهاب، ومهتم بالشأن التركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس