ولاء خضير - خاص ترك برس

منذ أكثر من سنتين، زادت السلطات التركية عمليات الاعتقال والملاحقات القضائية، ضد المقربين من شبكة فتح الله غولن "الغامضة"، ومصالحه المالية، خصوصًا ضد العاملين في أجهزة الشرطة، والسلك القضائي، وقد اعُتقل بالإجمال نحو 1800 شخص، اشتبهوا بالانتماء الى شبكات غولن، بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام التركية.

وتُصف السلطات التركية، جماعة فتح الله غولن - المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية - منذ عام 1998- بـ"الكيان الموازي" وتتهمه بالتغلغل في أجهزة الدولة، لا سيما في سلكَي الشرطة والقضاء، إلا ان مؤيدي غولن يردون تلك الاتهامات.

ويواجه غولن، اتهامات بالتآمر لقلب نظام الحكم في تركيا، بعد "فضيحة فساد" سربّها عام 2013 رجال شرطة، يُشتبه في انتمائهم لحركة غولن الدينية.

ثم أصدرت محكمة في إسطنبول يوم الجمعة المنصرم، أمرًا بوضع صحيفة "زمان"، المرتبطة بالداعية التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن، والمعارِضة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تحت الحراسة القضائية، وعينت مجلس أمناء لإدارة الصحيفة، تنفيذًا لأمر قضائي، بسبب ارتباطها بما تسميه السلطات "الكيان الموازي"، الذي تصنفه تركيا "إرهابيا".

كما أشار النائب العام في محكمة اسطنبول، عقب إصدار طلب إغلاق المؤسسة في بيان خاص، أن مطبوعات الشركة، تُستخدم في دعم "الإرهاب" وتمويله، وتنسق مع منظمة حزب العمال الكردستاني "بي كي كي" المصنفة "إرهابية"، من أجل الإطاحة بالحكومة التركية.

وتملك مجموعة "زمان" أيضا، وكالة الأنباء "جيهان"، المعروفة بقربها من غولن، الحليف السابق للرئيس أردوغان، والذي يتولى من الولايات المتحدة، إدارة شبكة كبيرة من المدارس، والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات "المشبوهة".

كما تصف السلطات التركية، جماعة غولن بـ"الكيان الموازي"، وتتهمه بالتغلغل في سلكَي الشرطة والقضاء، والوقوف وراء حملة الاعتقالات التي شهدتها تركيا في ديسمبر/ كانون الأول 2013، بذريعة مكافحة الفساد، وشملت أبناء وزراء ورجال أعمال ومسؤولين أتراك، أخلي سبيلهم لاحقًا، بعد إصدار المحكمة قرارا بإسقاط تهم الفساد عنهم.

وواجهت صحيفة زمان اتهامات بالترويج لما يعرف "بالتنظيم الموازي"، المصنف على قائمة التنظيمات الإرهابية في تركيا، في إشارة الى جماعة "الخدمة" التي أسسها ويتزعمها فتح الله غولن.

وعملت الحكومة التركية على إقصاء أنصار غولن عن المناصب العليا، والدفع من أجل غلق مدارس حركة غولن في أنحاء العالم، بل وملاحقات قضائية، مثل ملاحقة "بنك آسيا"، وهو بنك "إسلامي"، تردد أنه مرتبط بأنصار غولن.

وقد وافقت المحكمة التركية في فبراير/ شباط العام الماضي، على أمر اعتقال ضد غولن نفسه، بناءً على تهم إرهاب أيضًا، وتتهم المحكمة غولن بتشكيل عصابة مسلحة، وإدارة هذه العصابة، ومحاولة قلب النظام، اضافة الى جمع معلومات لأغراض تجسسية.

وألقت السلطات التركية القبض على عشرات من الأشخاص المشتبه بأنهم من أنصار غولن خلال الشهور الماضية، بما فيهم رجال شرطة وصحافيون، ومن جانب آخر تناقش وسائل الإعلام التركية، خبر قرار استرداد فتح الله غولن من الولايات المتحدة، حيث يقيم منذ سنوات.

ويردد الإعلام التركي المقرب من الحكومة، أن مسألة استرداده شبه مؤكدة، وأن واشنطن ستبعده في جميع الأحوال، لأنه قدم أوراقا غير قانونية من أجل الحصول على حق الإقامة في أمريكا، ولأن ما قام به يعاقب عليه القانون الأمريكي بشدة.

ويذكر أن فتح الله غولن، وُلد في محافظة أرضروم شرق تركيا، عام 1941م، وتلقى تعليما دينيا منذ طفولته، وتعلم اللغات الفارسية والعربية والعثمانية، على يد والده "رامز أفندي"، وفي أثناء دراسته، تعرف على رسائل النور، التي ألفها الشيخ بديع الزمن سعيد النورسي، وبدأ غولن عمله الدعوي في مدينة إزمير، على بحر إيجة في عام 1970م.

وبذلك فإن جماعة فتح الله غولن، هي إحدى الجماعات المنتمية إلى مدرسة سعيد النورسي، لكنها تختلف عن الجماعات النورسية الأخرى، بنفوذها الواسع الذي يعبر حدود تركيا، وعلاقاتها المشبوهة مع الجهات الغربية.

وجماعة غولن منذ ظهورها وانتشارها في تركيا، صنفت نفسها بأنها حركة "إسلام سياسي"، وقد دعمت حزب الوطن الأم، بزعامة تورغوت أوزال، وحزب اليسار الديمقراطي بزعامة بولنت أجاويد، حيث قال غولن في تصريحاته لإحدى الصحف عن بولنت أجاويد: "لم يَصُم بولنت أجاويد ولو مرة واحدة ولم يصلّي أبدا ولكن إيمانه كان قوي جدا، ولو كان لي حق الشفاعة في الآخرة، كنت استخدمتها لأجاويد عام 2007".

وكما دعم غولن الانقلاب العسكري، الذي قامت به القوات المسحلة التركية في 28 شباط/ فبراير عام 1997م، الذي أسقط حكم نجم الدين أربكان، مؤسس حزب الرفاه الإسلامي، وصحيفة زمان القريبة من فتح الله غولن، أعلنت هذا الخبر بعنوان "ليكُن الخير" في 1 تموز/ يوليو عام 1997، كما ادعى غولن أن أربكان يضر الإسلام!.

كما أن صحيفة "ستار" التركية، كشفت سبع دلائل على ارتباط جماعة غولن بالموساد الإسرائيلي، وأضافت أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكّد مؤخرًا في تصريح له، ارتباط جماعة فتح الله غولن، أو ما باتت تصفه الحكومة التركية بـ"التنظيم الموازي" بالموساد الإسرائيلي، حيث قال: "إنّ من المؤسف حقا ألّا يرى البعضُ صِلة جماعة غولن بإسرائيل، وتعاونها مع الموساد"!.

عن الكاتب

ولاء خضير

كاتبة وصحفية فلسطينية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس