هلال قابلان – صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

في كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير تم إحباط 18 عملية انتحارية بينما تم إحباط 6 عملية في الأسبوع الأول من آذار/ مارس، أي 24 عملية تفجيرية انتحارية هو مجموع ما أحبطته قوات الأمن بالتعاون مع الاستخبارات التركية. بينما فشلت في منع العملية التي تم تنفيذها في الرابع من آذار الحالي والتي راح ضحيتها 37 مواطن كما فشلت في الحيلولة دون عملية البارحة.

سهر تشاغلا دمير هو اسم منفذة العملية الإرهابية الانتحارية الأخيرة، سهر والتي بعد انتقالها من مدينة قارس إلى مدينة بالق أسير بداعي التعليم انضمت للجماعة الإرهابية وأصبحت مشروع قنبلة حية. تلقت سهر تدريبها العسكري في معسكرات كوباني (عين العرب - سوريا) قبل أن تعود لتركيا. سهر والتي تمت إدانتها عقب عودتها من كوباني أطلق صراحها لعدم توفر الأدلة الكافية. هذه السطور تدل على أهمية اتخاذ التدابير اللازمة سواء مع حملة الجنسية التركية القادمين من كوباني أو طلبة الجامعات الذين تملأ رؤوسهم الأفكار الإجرامية.

القاتلة سهر معروفة بقربها من حزب الشعوب الديموقراطي، ففي أثناء إدانتها عقب عودتها من سوريا تولى الدفاع عنها محامي جمعية حقوق الإنسان، ويشاع أنها كانت تتلقى معاش شهري من هذه الجمعية. يقال إنها كانت تعمل مراسلة حرة لصحيفة جمهورييت فيما نفت الصحيفة أي علاقة بالجانية. لكن الحقيقة أننا لا نستغرب البتة عمل القاتلة الإرهابية في مثل هذه الصحيفة التي ترى في حزب العمال الكردستاني "علماء وعشاق للبيئة لا يرمون حتى أعقاب السجائر حفاظا على الطبيعة" والتي قالت في ربورتاج " الدقيقة الأخيرة" عقب مقتل النائب العام كراز: "هذه العملية هي أسلوبنا إذا تقطعت بنا الأسباب".

أريد ان أشارككم حادثة تبعث على الدهشة لكنها تدل على الفطرة السليمة للشعب وعلى الوجه الحقيقي للأناضول. بعد لحظات من الانفجار تسأل إحدى الصحفيات شابًا "أنت جريح، هلا عالجنا جراحك؟".

الشاب يجيبها: "لا يمكنني الذهاب يا أختي، لو علمت أنني ميت لا محالة لا أذهب، لا يمكنني أن أترك تركيا، أنا خبزي من خير تركيا، أنا أبن تركيا أعيش تحت علمها ولن أتركها، لو كان الموت نصيبي يا أُخية فليكن، لي من العمر 28 عاما وقد قدمت من مدينة قسطموني لأعمل حمالًا هنا...".

هذا هو ما سمحت لي الفرصة مشاهدته على وسائل الإعلام. لا أعرف اسم هذا الشاب لكنني على علم تام بما يخفق به فؤاد هذا الشاب الذي قدم من قسطموني ليكسب خبزه من العمل حمالا في أنقرة. ففي زمن تكالبت فيه القوى من الجهات الأربعة لترغمنا على نسيان بعضنا البعض، يأتي هذا الشباب الذي مزقت الشظايا جسده وأدمته فيقول وسط الذهول والمفاجأة "لا يمكنني أن أترك تركيا"، ليُرجعنا إلى ذاتنا ويذكرنا بمن نحن.

هل ينتظر أولئك الذين يجلسون في بيوتهم الفارهة ويتلون على مسامعنا أدبيات "هذه الدولة لم تعد مناسبة للعيش"، أولئك الذين يفركون أيديهم ويمثلون دور المتأثر الحزين على ما يجري، أولئك الصحفيون والأكاديميون وكتاب الأدب المتحذلقون، هل ينتظر جميع هؤلاء جوابًا أكثر شفافية وأكثر وضوحا من هذه الكلمات؟

هل ينتظر أولئك الذين ينتقدون مشاريع السلام التي تقدمها الحكومة ويقولون "لا سلام مع وجود أردوغان"، هل ينتظر ادعياء السلام هؤلاء الذين يحفظون طرق جبل قنديل جوابا أكثر وضوحا من هذا؟

أم ينتظر الذين يقولون "لا استقرار لهذه الدولة بوجود أردوغان" والذين يحاولون التلاعب باستقرار الدولة الاقتصادي جوابا أكثر قوة واقناعا من تلك الكلمات؟

يمكننا أن نفهم من كل هذا أن المطلوب من هذا الإرهاب ومن هذه التدخلات والتضييقات ليس رأس رئيس الجمهورية وإنما رؤوسنا نحن، فهم يريدون منا دولة منغلقة على ذاتها، مرهونة بقرارات صندوق النقد الدولي وجاهزة لنزوات وطلبات الولايات المتحدة الأمريكية. ومستعدة لأن تكون "كبش الفداء" للاتحاد الأوروبي. وهم يريدون منا أن ننحني لحزب العمال الكردستاني ونوافق على إنشاء دولة للحزب الإرهابي في الجنوب الشرقي من البلاد. ماذا تقولون؟ ما هو رأيكم؟ هل نستسلم؟ هل نركع لمطالبهم هذه؟ هل فعل أجدادنا هذا من قبل لنفعله نحن الآن؟

عن الكاتب

هلال قابلان

كاتبة في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس