كمال أوزتورك – صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

تؤثر الأزمات التي يمر بها العالم الإسلامي بنا جميعا وتزرع الأسى والألم عميقا في قلوبنا، ونرى الكل يبحث عن مخرج وحل لها، فالإرهاب والصراعات والحروب قد قلبت حياتنا رأسا على عقب، الشعب مرهق والدول متوترة والناس تنتظر بأمل العودة إلى الحياة الطبيعية. ولهذا السبب فإن قمة منظمة التعاون الإسلامي المنعقدة في إسطنبول تمثل نقطة يعقد الجميع آماله عليها. فكما قال الأمين العام للمنظمة: "هذه القمة ستكون مختلفة كليا".

ما هي الرسالة التي يحملها أردوغان؟

سترون عبر شاشات تلفازكم أن مشاركة رؤساء الدول والجمهوريات كثيفة جدا، تركيا قد تحضرت جيدا لهذا الأمر إذ إنها ستقوم بدور رئاسة القمة لمدة عامين، والكل بانتظار سماع الرسالة التي سيطرحها أردوغان رئيس الجمهورية التركية بيت الضيافة لهذه القمة واقوى الدول المشاركة.

سيخرج علينا أردوغان بنص غاية في القوة وسيدعو إلى العدالة والتعاون المشترك ووقف الإرهاب وإنهاء الحروب والصراعات والحرب المذهبية. وسيكون صلب الحديث وعماده وحدة العالم الإسلامي وتعاضده. سيكون قسم من الرسائل التي يحملها أردوغان موجها للغرب وسينتقد مواضيع مثل الإسلاموفوبيا والتعامل مع الإرهاب وقضية اللاجئين.

وسيكشف عن مجموعة من الإصلاحات القابلة للتنفيذ خلال عامين، هذه النقطة التي تشكل الجزء الثاني من خطة إعادة تأهيل المنظمة العشرية التي تحدثت عنها في مقالة الأمس والتي تهدف إلى تقوية المنظمة على مختلف الأصعدة. وينتظر التوقيع على هذه القرارات التي تم تحضير نصها مسبقا والإعلان عنها تحت عنوان قرارات إسطنبول.

لكن هناك أمرا نعرفه جميعا ألا وهو أن هذه القرارات تم اتخاذها والتوقيع عليها سابقا لكنها لم تنتج أي تطورات حقيقة أو بعبارة أخرى لم يتم الالتزام بها وتحقيقها. الأمر المهم في هذا هو توصل الدول الرائدة والنشطة في المنظمة إلى قرارات مشتركة للوصول إلى مخرج للأزمات التي تعصف بالعالم الإسلامي. وبدون تفاهم هذه الدول لا يمكن الوصول إلى أي قرار أو حل. أما هذه الدول فهي تركيا، والمملكة السعودية، وإيران، ومصر وإندونيسيا. الأزمات والصراعات بين هذه الدول معروفة للجميع، فالعلاقات الإيرانية السعودية كما هي العلاقات التركية المصرية  يشوبها التوتر. أما إندونيسيا فتفضل الابتعاد عن العالم الإسلامي وصراعاته وأزماته إذ إنها تمر "بشهر عسل" في علاقتها مع الأمريكان ولكنها على كل حال ستلتزم بالقرارات التي سيتم التوصل لها في القمة.

رغم كل هذا هل من الممكن الوصول إلى اتفاق؟

العلاقات التركية السعودية كانت تعاني من التوتر وعدم الاستقرار على عهد الملك السابق لكنها الآن عادت إلى جميل عهدها، كما أن هناك أعمالا وتحركات تجري خلف الكواليس من أجل تحسين العلاقات بين تركيا ومصر. فإذا ما تعهد السيسي بالتنازل عن السلطة وإطلاق سراح المعتقلين وضمن انتخابات عادلة وديمقراطية فما المانع من تحسن العلاقات؟ قد يكون في جعبة الملك السعودي بعض الأخبار من القاهرة بهذا الخصوص.

التوتر السعودي الإيراني نقطة حرجة

الضرر الحاصل من سوء العلاقات والتوتر بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإيرانية بات واضحا لنا جميعا وأصبح موضوعا تتداوله ألسنة الجميع، فكلا الدولتين مخطئة بمواقفها التي يغذي الحرب الطائفية والفتنة المذهبية، فمن جهة تودي هذه الصراعات بحياة الكثير الكثير من الأبرياء ومن جهة أخرى تحول دون عمل منظمة التعاون الإسلامي، ولا بد لكلا الدولتين من مواجهة ومكاشفة بعضها البعض والبوح بما يعتصرها من مشاكل.

ولا شك في أن إيران نادمة على تبنيها مواقف مساندة لروسيا ونادمة على تحركها ضد تركيا كما هي نادمة على إثارتها حنق وغضب العالم السني، وأنها راغبة في مناورة سريعة تعيد بها تضميد جراحها، وقد تلقت تركيا اقتراحات جدية بهذا الموضوع.

أما المملكة السعودية فإنها تختنق بفعل عدة أسباب لعل أهمها المسألة اليمنية ولذلك نراها راغبة في إنشاء علاقات مستقرة وقوية مع الدولة المجاورة لها، قد يكون رجب طيب أردوغان أوصل رسائل مهمة للملك السعودي بهذا الخصوص.

بالنتيجة، هذه الدول ستخرج بحيوية وطاقة فعالة إذا ما توصلت إلى اتفاقات وتفاهمات مشتركة. وإلا لن يتغير شيء وسنستمر في الألم والمعاناة معا.

عن الكاتب

كمال أوزتورك

إعلامي صحفي تركي - مخرج إخباري وكاتب - مخرج أفلام وثائقية - مدير عام وكالة الأناضول للأنباء سابقًا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس