شرف أوغوز – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

هل نستطيع أن نقول إن الأوروبيين الذين يعيشون في باريس وبروكسل وغيرها من العواصم باتوا اليوم يواجهون حقيقة "الربيع الأوروبي؟" بالتأكيد يمكننا قول ذلك، بل نستطيع أن نسترسل في هذه الحقيقة أكثر بكثر من هذا السؤال. فالربيع الذي بدأه العرب كثورة على أوضاعهم المعيشية انتقل وبات اليوم يعيش بين الأوروبيين ولكن لأسباب وبأشكل أخرى. وهنا عندما نتحدث عن نوع آخر من الربيع فإنه نوع يستند على مطالب مجتمعية أخرى وعلى أساسات مختلفة تماما.

ترتبط أقدار الربيعين العربي والأوروبي ولا تنفك بتاتا، فالتأثير بينهما أقرب ما يشبه بالموجه الارتدادية لضربة السندان، فالسندان الذي يضرب بأيدي أوروبية أو عربية تصل موجته الارتدادية إلى الطرف الآخر محدثة تغيير كبير وجذري مرتبط بتلك الضربة، فضربة بعض العواصم الأوروبية لاقت صداها في تونس ومصر... لتصبح هذه العلاقة والموجات الارتدادية هي العوامل الجديدة التي تحدد ملامح العلام الجديد. فنار الانقلاب الذي حرق مصر أشعل فتيلا آخر في باريس...

إن حرب الإرهاب اليوم بات عنوانا آخر في هذه الحلقات المفرغة، فعقلية الغرب الذي كانت تقول بنفاقها "اتركوا الإرهاب ولا تمسوه" باتت اليوم تُكوى من نيران ذلك الإرهاب، فتعابيرها القديمة التي وصفت قتلانا من الإرهاب بأنها أرقام أصبحت اليوم تصرخ وتولول وتنادي بأن ما يحصل في حدودها الجغرافية هو اعتداء صارخ على الإنسانية. فبعدما كانت تتلاعب بدماء شعوب العالم الثالث ولا تلقي لها بال باتت اليوم تعيش نفس الأيام الدامية ومن نفس الكأس الذي اشربتنا إياه في شوارع باريس وغيرها من الأماكن. فهل تتعظ هذه الدول من فعلتها وتعلم أن لعبها بربيع الآخرين سيجر عليها ربيعا مثله؟

إن السلاح الذي كانت تزود فيه "دولنا الصديقة" أطرافا إرهابية وهي تطعننا في ظهورنا بات اليوم يتفتح عليهم كـ"ورود القيح" في ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وبولونيا واليونان كما وصفها الكاتب الفرنسي، مما يؤكد وجود ذلك التغير الأوروبي، ليكون السؤال: هل هذا التغير هو حقا ربيع مشرق أم سيكون عليهم خريف تتساقط فيه أوراقهم؟ سنرى ذلك.

عن الكاتب

شرف أوغوز

كاتب في صحيفة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس