أوزان جيهون - صحيفة ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

حان الوقت لكي يدرك الاتحاد الأوروبي الحقائق. يجب على الدول الرائدة في الاتحاد، وخاصة ألمانيا وفرنسا، أن تتخلى عن خداع الذات.

لا ينبغي أن تتلاعب وسائل الإعلام بالشعوب الأوروبية، كما أن على بعض المجموعات في البرلمان الأوروبي ألا تختبئ وراء الأكاذيب لكي تدافع عن حزب العمال الكردستاني المحظور، وفرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي وذراعه المسلح وحدات حماية الشعب الكردية. على الحكومات الأوروبية ألا تخدع الناس بالدعاية المبنية على الأكاذيب. وإذا أدرك الجمهور في الاتحاد الأوروبي الحقائق ذات يوم، فإن سلطات الاتحاد ستدفع ثمنا باهظا.

عندما تدرك الجماهير في الاتحاد الأوروبي في نهاية المطاف أنها تعرضت للخداع والتلاعب بعمليات التضليل، فإنها ستدعو إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الأكاذيب. خلال العامين الماضيين قيل للشعوب الأوروبية إن داعش يمثل المشكلة الوحيدة في مجال الإرهاب، وإن حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب تقاتل داعش، بل إن بعض الدعاوى الواهية ذهبت أبعد من ذلك مدعية أن تركيا تحرض داعش في افتراء بغيض.

طرحت هذه الدعاية القبيحة لتشويه سمعة تركيا، وسمعة الرئيس رجب طيب أردوغان. وطرح الأمر على شعوب الاتحاد الأوروبي كما لو أن بعض الإرهابيين الأخيار يحاربون الإرهابيين الأشرار، وذلك بهدف إخفاء الحقائق عن الجماهير.

ومع ذلك فإن الحقيقة واضحة، فلا يمكن أن يكون هناك إرهابيون أخيار وإرهابيون أشرار. يمثل الإرهاب والإرهابيون علةً وخللًا ضد البشرية جمعاء. إن الذين يقتلون الأبرياء في بلجيكا لا يختلفون عن الذين يقتلون الأبرياء في إسطنبول وأنقرة أو في سوريا.

إذا كان الاتحاد الأوروبي حقا مناهضا للإرهاب، فيجب عليه أولا أن يقدم معلومات دقيقة وموثوقة لمواطنيه. وعلى مسؤولي الاتحاد أن يضعوا في الحسبان أنهم سيدفعون في يوم ما ثمنا باهظا بتأكيدهم أن ميليشيات داعش فقط هي الهدف، لأنها شنت هجمات على أوروبا أخيرا. وإذا تبين في يوم ما أن لحزب العمال الكردستاني دورا في الاعتداء الإرهابي في برلين أو بروكسل، فإن الشعوب الأوروبية لن تغفر لمسؤوليها الذين ينظرون إلى هؤلاء المسلحين بوصفهم حلفاء.

إن الذين تركوا تركيا وحدها في معركتها ضد الإرهاب عن طريق الاختباء وراء كذبة إن حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي يحاربان داعش، سيندمون على ذلك عندما تصيبهم الأفاعي التي يغذونها الآن. لقد أخفي عن الشعوب الأوروبية أن هناك دولة واحدة فقط تحارب بنفسها  جميع أنواع الإرهاب، وهذه الدولة هي تركيا. إن الحرب التي تخوضها تركيا ضد جميع أنواع الإرهاب في مصلحة الشعوب الأوروبية. تصر أنقرة على الاستمرار في حربها ضد الإرهاب، على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي تركها وحيدة، بل طعنتها في الظهر جماعات في الاتحاد الأوروبي. وبسبب المعارك التي تخوضها أنقرة في وقت واحد ضد داعش وحزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي، دفعت أنقرة تكاليف باهظة بالنيابة عن حقوق الإنسان، وبسبب هذه المعارك استطاعت شعوب الاتحاد الأوروبي أن تتنفس الصعداء، وأن تكون لديها مشاكل أقل من حيث التهديدات الإرهابية.

إذا لم تواصل تركيا نضالها ضد داعش وحزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي، فسيكون الاتحاد الأوروبي هدفا لمزيد من الهجمات.

يجب أن تعرف شعوب الاتحاد الأوروبي أن داعش وحزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي تتعاون سرا في سوريا والعراق، ولاسيما بعض الهجمات الإرهابية التي دبرتها المخابرات السورية التي تعمل مثل جهاز الجستابو في ألمانيا النازية، وشارك في هذه الهجمات داعش وحزب العمال وحزب الاتحاد بالتناوب. تشن هذه المجموعات الإرهابية غالبا هجمات كوسيط تحت قيادة الدكتاتور السوري بشار الأسد.

ومع ذلك يشجع الاتحاد الأوروبي حزب الاتحاد الديمقراطي على فتح مكاتب جديدة له في باريس أو أستوكهولم.

أعلنت ألمانيا بوضوح أنها تقدم مساعدات عسكرية إلى حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب. وبمقدور أعضاء حزب العمال الكردستاني والعديد من المسلحين الذين ارتكبوا كثيرا من جرائم القتل التنقل بحرية داخل الاتحاد الأوروبي. والأدهى من ذلك أن بعض مقاتلي حزب العمال الكردستاني المطلوبين في تركيا بسبب ارتكابهم لجرائم قتل، يتمتعون بالحماية ولا يعادون إلى تركيا، على الرغم من الجرائم الخطيرة المتهمين بها.

كيف سيكون رد فعل الجماهير في الاتحاد الأوروبي عندما تعرف أن مقاتلي حزب العمال الكردستاني ينتظمون في بلدانهم مثل مقاتلي داعش، وينشؤون شبكات ويزرعون خلايا من أجل شن هجمات عنيفة عندما يحين الوقت؟

سيدرك الناس في الاتحاد الأوروبي ذات يوم أن حزب العمال الكردستاني الذي لا يقل خطورة عن داعش، مدعوم من بعض نواب البرلمان الأوروبي، بل إن هؤلاء النواب يحاولون إنقاذ بعض المسلحين من متابعة الشرطة عبر إزالة أسمائهم من قائمة التنظيمات الإرهابية المعترف بها. أي سلطة ستحاسب على ذلك عندما تعرف عائلات ضحايا هجمات باريس وبروكسل أن حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي يتعاونان في الحقيقة مع داعش؟

هناك مثل ذو مغزى يقول "حبل الكذب قصير" وعندما يحين الوقت، ويتبين أن داعش وحزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي تتغذى من المصدر نفسه، سيكون ذلك متأخرا جدا. إن مسؤولي الاتحاد الأوروبي وحكوماته تغمض عينها اليوم عن المشاكل، لأنها تحاول أن تتقاسم سوريا. فبعد كم من الجرائم والمذابح سيدرك الاتحاد الأوروبي خطورة هذه المسألة.

يرتكب مسؤولو الاتحاد الأوروبي خطأ خطيرا بالمخاطرة باتفاق المهاجرين بين أنقرة والاتحاد الأوروبي من أجل صالح حزب العمال الكردستاني المحظور الذي يوشك على الاختفاء نتيجة جهود مكافحة الأرهاب المحلي في تركيا. بسبب الأعداد الهائلة من المواطنين الذين راحوا ضحية الإرهاب لن تقدم تركيا أي تنازلات في حربها، لأن لوبي حزب العمال الكردستاني في الاتحاد الأوروبي يريد ذلك.

أنا على ثقة من أن الشعوب في الاتحاد الأوروبي ستدرك ذات يوم قيمة تركيا وصواب موقفها وقيمتها في مكافحة الإرهاب.

إذا استمر مسؤولو الاتحاد الأوروبي في الادعاء بأن الإرهابيين الأخيار يجب دعمهم في إطار أنشطة مكافحة الإرهاب، فإن الاتحاد الأوروبي سيدفع الثمن، وسوف يتساءل أحفادهم يوما ما لماذا لم يستمعوا إلى تركيا. يمكنك أن تكون على ثقة من ذلك.

عن الكاتب

أوزان جيهون

نائب في البرلمان الأوروبي للدورتين الرابعة والخامسة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس