ترك برس

خرجت قمة حلف شمال الأطلسي الناتو الأخيرة بعدد من القرارات المتعلقة بأمن أعضائه، كان من أبرزها رفع مستوى التعاون الأمني والاستخباراتي المشترك ضد المنظمات الإرهابية وتدعيم الجناح الشرقي لأعضائه ضد التحركات الروسية.

عُقدت قمة الناتو في العاصمة البولندية وارسو، ما بين 8 إلى 9 تموز/ يوليو، لمناقشة التهديدات التي تحيط بالدول الأعضاء وتقييم الحلول الممكنة لتلك التهديدات.

وبحسب الخبيرة في الشأن الأمني نورشين أتش أوغلو غوني فإن القمة أجمعت على ضرورة تقوّية الإجراءات الرادعة للتهديدات الأمنية الناتجة عن حكومات الدول الأخرى والمنظمات الإرهابية العسكرية غير الحكومية، وأكّدت القمة على ضرورة رفع مستوى التمثيل العسكري للناتو في الجناحين الشرقي والجنوبي للدول الأعضاء.

رصدت غوني أهم تقييمات القمة في مقالها على موقع الجزيرة ترك "الناتو وتركيا؛ ما الذي حدث في وارسو؟"، وأشارت فيه إلى أن القمة ركّزت على كبح التحركات الروسية في مناطق شرقي ووسط أوروبا والبلطيق.

وأوضحت غوني أن الدول الأوروبية اعتقدت عقب انتهاء الحرب الباردة بأن روسيا أصبحت دولة قريبة للديمقراطية وبذلك غدا من السهل إمكانية إقناعها دبلوماسيًا، فألغت روسيا من قائمة التهديدات الأمنية حتى أزمة أوكرانيا التي أظهرت فعليًا أن روسيا ما زالت تسعى إلى السيطرة الجيوسياسية، مما حدا الدول الأوروبية إلى إعادة تقييم روسيا على أنها تهديد أساسي على القطب الشرقي.

وأشارت غوني إلى أن القمة لم تتغاضى عن التهديدات الأمنية التي تحيط بتركيا، بل تناولتها من خلال مبدأ "عدم تجزئة الأمن المشترك" الذي يعني تضمين كافة الدول الأعضاء بالإجراءات الوقائية التي سيتخذها الحلف في الأيام المقبلة.

وأكّدت غوني أن تركيا تقع في الجناح الجنوبي للحلف، وهذا يعني أنها شُملت بالإجراءات الأمنية المتوقعة، إضافة إلى مبدأ عدم تجزئة الأمن المشترك. إلا أن غوني تشدد على أن تركيا تتعرض لتهديدات مختلفة جراء الأزمات الأمنية في سوريا والعراق وهي في الوقت نفسه لم تتلقى دعمًا عسكريًا رادعًا من قبل الناتو، بل إن عددًا من دول الناتو سحبت صواريخها الدفاعية العام الماضي بذريعة انتهاء المخاطر الأمنية المحيطة بتركيا، ولكن في الواقع تم سحبها لعدم تناغم السياسة التركية مع سياستها، بمعنى أن المصالح القومية فُضّلت على المصالح المشتركة.

وبناءً على تحليلات غوني، فإن إعطاء المصالح القومية أولوية أعلى من المصالح المشتركة نتج عنه انتشار للتهديدات الأمنية التي أصابت الدول الأوروبية من خلال أزمة اللاجئين والإرهاب، الأمر الذي ساهم في ترشيد عملية إعادة تقييم أعضاء الناتو لتحركاتهم سعيهم لردع المخاطر المحيطة بتركيا التي تمثل البوابة الرئيسية لتلك التهديدات، بشكل أقوى.

ومن جانبه، أوضح مركز الاستراتيجية المشتركة أن تركيا ذهبت إلى قمة وارسو على أمل تحقيق التالي:

ـ رفع مستوى الإجراءات الدفاعية المشتركة.

ـ تعريف جديد لتقاسم المسؤولية الاقتصادية الخاصة بحصص دعم الدول الأعضاء لميزانية الحلف.

ـ ردع روسيا بشكل أوسع في محيط البحر الأسود.

ـ إبداء الأعضاء جدية تجاه التطورات الموجودة في سوريا والعراق.

ـ تحمل الدول الأعضاء مسؤوليتهم تجاه ليبيا للقضاء على التسيب الأمني وإعادة بناء جهاز الدولة.

ـ تأسيس قوة عسكرية أكثر قوة في أوروبا الشرقية.

وبحسب وجهة نظر المركز، فإن نتائج القمة لم ترقَى إلى أن الآمال التركية، إذ بقيت النتائج تكتيكية أكثر من كونها استراتيجية، فلم يتم التطرق إلى الأزمات في العراق وسوريا وليبيا بشكل كاف، وكذلك لم تتم إعادة تقسيم المسؤولية الاقتصادية نظرًا لعدم الاستقرار السياسي الداخلي في كل من الولايات المتحدة الأمريكية التي تنتظر انتخابات رئاسية جديدة، وبريطانيا المنشغلة بعملية الانفصال عن الاتحاد الأوروبي.

كما قيّم موقع أوديو الإخباري التركي نتائج القمة على أنها سطحية ولم تصل إلى المستوى المطلوب لحل الأزمات المحيطة بالدول الأعضاء، مبينًا أن إرسال خبراء تدريب للعراق لن يفي بالغرض في حل الأزمة العراقية، ونظام "أواكس" للتحذير المبكر عن تحركات داعش لن يتمكن من ردع مخاطر داعش بشكل جذري، لأنّ القضاء على خطر داعش يعني القضاء على جذوره في العراق وسوريا وليس القضاء على عناصره في دول الناتو فقط.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!