محمد أوجاكتان – صحيفة قرار – ترجمة وتحرير ترك برس

بعد الانقلاب الفاشل لحشاشي التنظيم الموازي زار الرئيس أردوغان روسيا؛ فطُرحت الأسئلة والاستفسارات الكثيرة في الداخل والخارج حول "هل تقوم تركيا بتغيير محورها السياسي؟" في البداية يجب أن نعلم أن الغرب ورغم تمسك تركيا بالديمقراطية إلا أنه لم يعبأ بالانقلاب ولم يقف بجانب حليفته تركيا، فعلى الرغم من خطورة المشهد وتهديد ذلك الانقلاب الدموي لديمقراطية الشعب التركي بالإرهابيين الذين لبسوا لباس الجيش وخاضوا في دماء الشعب التركي الثائر؛ إلا أن الغرب لم يحرك ساكنًا، ولو نجح الانقلاب بأيدي هؤلاء الحشاشين أكاد أجزم بأن أوروبا وأمريكا وكل العواصم الغربية سترحب بالحشاشين الجدد كما رحبت بهم من قبل في مصر.

تُعدّ تركيا من أهم دول الناتو، وهي كذلك تملك علاقات قوية وعميقة مع أوروبا، ورغم تجاهل الحلفاء الأوروبيين والأمريكيين لحادثة الانقلاب وسكوتهم عن الانقلابيين مما أوحى وأعطى شعورًا عامًا برضاهم عنهم، ورغم مخالفة هذه التصرفات لقيم الديمقراطية التي تدعو إليها هذا الدول، ورغم شعور الشعب التركي بالخيانة من هذه التصرفات، إلا أن ذلك السكوت وهذا الموقف السلبي لا يمكن الجزم فيه بأن ما يحدث الآن هو ابتعاد تركي عن المحور الغربي على حساب اقترابها من المحور الشرقي وروسيا. لأننا لو رأينا المشهد في إطار سياسة التقارب مع كل الأطراف التي تبنتها تركيا في السنوات الأخيرة، سنجد أننا اقتربنا من الحقيقة أكثر، فالزيارة الأخيرة كما أوضح الطرفان جاءت لرأب الصدع الحاصل إثر حادثة إسقاط الطائرة الروسية، وإن هدف هذه المباحثات هو إعادة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل الأزمة.

بالتأكيد لن تُقطع العلاقات التركية الغربية، فلو نظرنا للأمر من ناحية تاريخية لوجدنا تفسيرًا لما يحدث، فتركيا وخارج علاقاتها مع الغرب لم تنفتح على العالم وتخرج من انغلاقها إلا منذ بضعة سنين؛ الأمر الذي قد يدفع البعض لتفسير أي انفتاح جديد لتركيا مع أي طرف غير الغرب هو تغيير في المحور، لكنه غير ذلك. لو نظرنا للصورة الموجودة بين أيدينا من زاوية أخرى سنجد أن من بين الأهداف التي أرادتها تركيا بتعزيز علاقاتها مع روسيا هو إعطاء درس للغرب وإعادة للصفعة الغربية بتجاهلهم لكل الانتهاكات الأخلاقية والديمقراطية في تركيا. بالتأكيد هنالك صدوع كثيرة تنشأ كل يوم في تحالف تركيا مع أصدقائها في الغرب، فرغم كل المطالبات المتكررة إلا أن أمريكا وأوروبا ما تزالان مصرتان على تجاهل تركيا وانقلابيي التنظيم الموازي.

تركيا حليف مهم جدا لأمريكا في المنطقة والعالم، لكن ورغم كل هذه الأهمية إلا أنها ما تزال ترفض اتخاذ الإجراءات المناسبة والصحيحة لإزالة سوء التفاهم الحاصل بينهما؛ الأمر الذي يدفع الكثير من الأتراك للتساؤل: أين هو الموقف الحقيقي لأمريكا من هذا الانقلاب؟ تتسمّم العلاقات التركية الغربية ويتفشى فيها المرض كل يوم بمثل هذا السؤال وغيره، ورغم ذلك فإن تركيا لن تتخلى عن الديمقراطية ولن تتخلى كذلك عن الغرب؛ لكنها تطلب في المقابل الثقة والأمان بينهم.

عن الكاتب

محمد أوجاكتان

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس