د. علي حسين باكير - العرب القطرية 

نشر «موقع العربية» الالكتروني في 25 أغسطس 2016 تقريرا تحت عنوان (تركيا تجري مباحثات «غير مباشرة» مع الأسد حول المصالحة). واستند التقرير بدوره إلى ما نشرته صحيفة الشرق الأوسط في نفس اليوم وجاء في عنوانه («إسماعيل حقي تكين» [الوسيط المفترض] «أكّد على عقد لقاءات [بين تركيا ونظام الأسد] في الجزائر وطهران»، وأنه «التقى الأسد 5 مرات بغرض التطبيع»).

تقرير الموقع والصحيفة مليء بالمغالطات المقصودة على ما يبدو، فضلا عن الأخطاء التي لا يمكن أن يقوم بها حتى المبتدىء في مجال الصحافة. وفقا للتقرير، يقول إسماعيل حقي [كنيته بيكين وليس تكين] أنه «زار سوريا خمس مرات والتقى عددا من المسؤولين على رأسهم الاسد»، لكن بيكين لم يقل أبدا في التقرير أنه قد تمّ تكليفه بهذه المهمة حتى نصف ما يقوم به بأنه «محادثات تركيّة مع الأسد»! 

أضف إلى ذلك أن بيكين قال في متن النص بشكل صريح إنه ذهب بصفته الشخصية ممثلا عن حزب الوطن [المعروف بتأييده للأسد] وهذا ليس أمرا استثنائيا أو غريبا خاصة في ظل الحقيقة التي تقول إن عددا من السياسيين الأتراك وممثلي الأحزاب لاسيما اليسارية أو الشخصيات العلوية اعتادوا زيارة سوريا والدفاع عن الأسد حتى في خضم الثورة السورية. مثل هذه الزيارات لم تكن سرية ولم تمثل في يوم من الأيام الحكومة أو السلطات الرسمية.

الغريب أن تقرير الشرق الأوسط يقول إنه أجرى لقاءا مع إسماعيل حقي، لكنه لم يكتف بكتابة اسمه بشكل خاطئ، بل لم يتواصل مع السلطات التركية للحصول على تعليقها حول الادعاءات الواردة.
على كل حال، ما نعرفه جيدا من خلال التواصل مع السلطات التركية المعنية أنها أكدت أن «ليس لها أي علاقة بإسماعيل حقي ومجموعته المعروفة بتأييدها الدائم لنظام الأسد» وأنه «لم يتم تكليفه من قبلها بأي شيء لا بشكل رسمي ولا بشكل غير رسمي».

لكن قد يقول قائل بأن السلطات التركية ليست في موقع الاعتراف بأنها فعلت مثل هذا الأمر حقا، وأنه من الطبيعي لها أن تنكره، ولذلك سنفترض جدلا [من أجل النقاش] أن الحكومة التركية كلّفت بيكين فعلا بمهمة التواصل مع النظام السوري، فماذا يا تراه نقل للنظام السوري أو ماهي فحوى الرسالة التي نقلها بيكين للأسد عن الجانب التركي؟

يقول بيكين [الوسيط المفترض] في أول تقرير نُشِر عن الموضوع بتاريخ 16 أغسطس 2016 في موقع المونيتور [الذي أقامه دانييل جمال المقرّب من الأسد] وهو الجزء الذي لم تنقله صحيفة الشرق الأوسط إنّ «أنقرة لم تبدّل خطّها الأحمر الأكثر أهميّة وتصر على رحيل الأسد» على حد قول بيكين الذي قال إنه نقل هذه الرسالة إلى الجانب السوري.

فأين هذا الكلام من كلام الشرق الأوسط عن «مصالحة» أو «تطبيع»؟ وبخصوص دور طهران بالتحديد فسأتحدث عنه بالتفصيل في مقال قادم إن شاء الله.

عن الكاتب

د. علي حسين باكير

مستشار سياسي - باحث في العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس