مراد يتكين – صحيفة حرييت – ترجمة وتحرير ترك برس

البارحة وفي اجتماع للأمم المتحدة دعا رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان كل الحاضرين إلى توحيد الجهود العالمية في محاربة الإرهاب، ويأتي هذا في وقت تخوض فيه تركيا حربا ضروسا على الإرهاب في الجبهة الداخلية والخارجية، فهي تخوض حربا قديمة جديدة على إرهاب حزب العمال الكردستاني منذ 40 عاما وحربا أخرى جديدة على التنظيم الإرهابي داعش بعد دخوله الموصل وأسره للرهائن الأتراك مطلع عام 2012.

في بدايات الأزمة السورية كانت الحكومة في أنقرة تتعامل مع وحدات حماية الشعب الكردي في إطار تنسيق العمل في كوباني، لكن مع تفاقم الأزمة وإظهار حزب العمال الكردستاني نيته ومشروعه الانفصالي، اتخذت أنقرة موقفها الثابت وقررت خوض حرب إرهابها الثنائي ضد داعش وحزب العمال الكردستاني في تركيا وسوريا بعد استهداف تنظيم داعش لها في تموز/ يوليو العام الماضي، ومع هذه التحركات الجديدة قامت أنقرة بتسليم قاعدة إنجرليك الجوية لقوات التحالف الدولي في سبيل دعم الجهود الدولية ورد التهم الباطلة المجحفة التي تم إلصاقها بها كتهمة دعمها لتنظيم داعش!

في الوقت الذي كانت فيه تركيا تواجه الإرهاب الثنائي من تنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني، كانت واشنطن وما زالت لا تعتبر حزب العمال الكردستاني وامتداده السوري وحدات حماية الشعب الكردي تنظيما إرهابيا، وتعمل على استخدامه كقوة برية في محاربة داعش، ومن أجل ذلك فهي تمده بالمال والسلاح والدعم اللوجستي اللازم، ولن يتوقف هذا الأمر ما دامت واشنطن ترى فيهم الفائدة والنفع، ومن أجل حليفهم الجديد هذا فإن إدارة أوباما تقوم اليوم بعملية تقسيم وتجزيء قوات المعارضة التي تدعمها تركيا حتى تفت في عضدهم وتمنعهم من الوصول إلى مدينة الباب، وبالتالي إعطاء الفرصة لجيش سوريا الديمقراطي حتى يصل أولا ويستمر بخططه الانفصالية.

المشكلة الآن تكمن في فهم التهديدات ومدى تأثيرها الوجودي على تركيا، فإرهاب تنظيم داعش مثلا يمثل تهديدا حقيقيا على أنقرة، لكنه لا يمكن أن يكون ولا بأي شكل من الأشكال تهديدًا وجوديًا عليها، وإنما ينحصر تهديده في نشر الإرهاب وقتل بعض الأنفس، بينما في المقابل لو نظرنا إلى تهديد المشروع الانفصالي لحزب العمال الكردستاني فهو تهديد وجودي بسبب الدعم الدولي الذي يحيطه، وكذلك لو نظرنا إلى تهديد حزب فتح الله غولن الإرهابي لوجدنا أنه أيضا يعتبر تهديدا وجوديا على أنقرة وتركيا، وجاء هذا الوصف على لسان رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، كما جاء أيضا على لسان كل أحزاب المعارضة المختلفة عقب محاولة الانقلاب الفاشلة.

ينبُع الخطر والتهديد الوجودي من تنظيم فتح الله غولن الإرهابي من عملهم السري واختراقهم مفاصل الدولة بغطاء العمل الدعوي لفتح الله غولن خلال الأربعين سنة الماضية، وفي لقاء للرئيس أردوغان مع وكالة رويترز أوضح بأن هذا الخطر الوجودي الذي تستشعره أنقرة ما زال غائبا عن أفهام الساسة في واشنطن وعلى رأسهم أوباما، وأنه وفي حال استمرت الإدارة الأمريكية على هذا النحو فإن مجالات أخرى كثيرة ستتسمم بسببه وسيؤدي في النهاية إلى تعميق سوء الفهم والقطيعة بين البلدين. 

عن الكاتب

مراد يتكين

كاتب في صحيفة راديكال


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس