ترك برس

أعلنت الإدارة الأمريكية في 6 نوفمبر / تشرين الثاني 2016 عن بدء عملية تحرير الرقة بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية بالتزامن مع عملية تحرير الموصل، وذلك من دون التعاون مع تركيا كما كان متفقا عليه، بذريعة أن الرقة هي العاصمة الأساسية لداعش، ولا بد من إحراز العمليتين بشكل متوازٍ لتحقيق النجاح المنشود.

وتطرق الخبير السياسي "أيتون أورهان" إلى تفاصيل العملية وخباياها عبر دراسته الأكاديمية "عملية تحرير الموصل.  

وشرع أورهان دراسته بالإشارة إلى أن القيادة الأمريكية وضعت خطتين لعملية تحرير الموصل، أحدها قصيرة الأمد والأخرى طويلة الأمد، وبينما الخطة قصيرة الأمد تهدف إلى تحرير قرى مدينة الرقة من داعش، ترمي الخطة طويلة الأمد إلى تطهير مركز الرقة، وهنا يُستخلص، وفقاً لأورهان، أن عملية تحرير الرقة قد تستغرق شهورا، حيث تسعى القيادة الأمريكية إلى تحريرها بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية من خلال محاصرتها.

وفيما يتعلق بالهدف التركي الأمريكي المشترك لتحرير الرقة، فيقول أورهان: إن بدء الولايات المتحدة في العملية من دون الرجوع إلى تركيا يرتكز على عدة أسباب:

ـ ورقة تقوي يد كلينتون المرشحة عن الحزب الديمقراطي في العملية الانتخابية، ولكن يبدو أنها لم تفِ الغرض فترامب هو من فاز.

ـ حقيقة الرؤية الأمريكية، وهي أنه لا يمكن تحرير الموصل إلا من خلال تقويض تحرك داعش في مدينة الرقة، وذلك لتشتيت تركيز داعش والحيلولة دون تطبيق لتكتيك الانسحاب المتدرج نحو الرقة.

ـ عزل تركيا عن إمكانية تحقيق دور أكبر في القضية السورية، فالقيادة الأمريكية تعلم أن التقدم التركي نحو الشرق من نهر الفرات سيزيد من قوة الورقة التركية في اللعبة السورية، لا سيما بعد تصريح رئيس الجمهورية التركية "رجب طيب أردوغان" الدال على عزم تركيا على تحرير الباب ومن ثم المنبج وصولاً إلى الرقة من دون ذكره لملامح تعاون مع قوة أخرى.

وركوناً إلى الاسم الذي أطلقته الولايات الأمريكية المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية على عملية تحرير الرقة وهو "غضب الفرات"، يُشير أورهان إلى أنه اسم نابع من النظرية البنيوية للجمل الإنشائية، حيث أرادت الولايات المتحدة من خلال هذا الاسم مباراة اسم عملية "درع الفرات" وطمسه من خلال لفت وسائل الإعلام نحوه، وهو ما دفع أردوغان للإعلان عن عزمه على إبقاء عملية "درع الفرات" مستمرة حتى تحرير الرقة، حيث أراد هو الآخر تسعير الحرب الإعلامية والحفاظ على تحرك تركيا العسكري.

وفي إطار توقعه لردة فعل قوات الحماية الكردية إزاء تقدم تركيا نحو منبج ومن ثم الرقة، نوّه أورهان إلى أن قوات سوريا الديمقراطية، بما فيها قوات الحماية الكردية، تمضي في عملية تحرير الموصل تحت غطاء أمريكي دبلوماسي وإعلامي، وبما أن هذه القوات تضم بعض العرب والتركمان والمسيحيين، فإن أي تعارض بينها وبين القوات التركية سيدفع العنصر الأكبر بداخلها "قوات الحماية الكردية" إلى طلب الحماية الفورية ضد تركيا التي قد تتهم حينها "بالدولة المحاربة للأقليات السورية".

وأضاف أورهان أن الجزء الأكبر من قوات سوريا الديمقراطية البالغ عدد عناصرها 30 ألفا يتشكل من قوات الحماية الكردية التي يبلغ تعدادها 20 ألفا، ويذكر أن القيادة الأساسية لهذه القوات تقع في يد قوات الحماية الكردية، وعلى الرغم من علم الولايات المتحدة بأن الأكثرية في مدينة الرقة هي العربية، وبالتالي يصعب على الحماية الكردية إدارة المدينة في حين تم تحريرها، إلا أن الولايات المتحدة والقوات الكردية على ما يبدو تصران على تحرير الرقة لعدة أسباب:

ـ ترسيخ التقسيم الفيدرالي لسوريا؛ إذ تريد قوات الحماية الكردية تأكيد ضرورة التقسيم الفيدرالي في سوريا، وذلك من خلال توسيع رقعة سيطرتها الجغرافية نحو الجنوب.

ـ تأسيس ارتباط جغرافي بين عين العرب والحسكة من خلال شمال الرقة.

ـ التقاء المصالح بين الولايات المتحدة وقوات الحماية الكردية، فالولايات المتحدة أضحت ترى في قوات الحماية الكردية الركيزة الأساسية للإبقاء على نفوذها في سوريا.

وعن الموقف التركي من هذه الخطط، أكّد أورهان أن تركيا عبرت عن سخطها الشديد من بدء العملية منذ اليوم الأول لها، موضحاً أنها ليست ضد مجرى العملية بل ضد فراغ السلطة التي يظهر عقب تحرير الموصل في ظل غياب مشاركتها، حيث سيفتح ذلك الباب على مصراعيه أمام حزب العمال الكردستاني لنشر قواعد التدريبة واللوجستية دون حسيب.

وأوضح أورهان أن تركيا ترى استناداً إلى تقارير منظمة العفو الدولية أنه لا فرق بين احتلال داعش وحزب العمال الكردستاني لتلك المنطقة، مشيراً في ختام دراسته إلى أن تركيا تشعر بالقلق الإنساني حيال أهالي مدينة الرقة، وقد عبرت عن قلقها الشديد للقيادة الأمريكية، وتنتظر استقرار الداخل الأمريكي حتى يتم وضع النقاط على الحروف بشكل واضح، وفي تلك الفترة لن تتوانى عن اتخاذ كافة الإجراءات لصد الاختراقات الإنسانية والجغرافية التي تسجلها قوات سوريا الديمقراطية.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!