جلال سلمي - خاص ترك برس

لم يكن تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بضرورة تغيير تركيا وجهتها من محاولة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي إلى اتحاد شنغهاي عابرا بل مثل تحولا استراتيجيا اعتبره الكثير من الخبراء "مدخلا إلى لعبة جغرافية سياسية اقتصادية جديدة وكبيرة".

عقب انهيار الاتحاد السوفييتي وجدت الصين ضرورة في تأسيس اتحاد سياسي واقتصادي وأمني واستخباراتي يحتضن دول وسط آسيا المتاخمة لها، فاتفقت في عام 1996 مع روسيا وكازخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان، ومنذ ذلك التاريخ والاتحاد يعمل على استقطاب المزيد من الدول المجاورة لتشكيل بديل لاتحادات القطب الغربي، وفي إطار ذلك يُتوقع بأن تنضم الهند وباكستان إلى الاتحاد بحلول عام 2017.

وتعليقًا على آلية عمل الاتحاد وإمكانية انضمام تركيا إليه، أشارت الخبيرة في العلاقات الدولية "غوكجان أوغان" إلى أن آلية عمل الاتحاد أقرب إلى الاتحاد الحكومي منها للاتحادية الاندماجية، بمعنى أن حكومات الدول الأعضاء هي المسؤولية عن الموافقة على القرارات الصادرة من الاتحاد أو رفضها، على العكس من الاتحاد الأوروبي الذي يعتمد على آليات اتحادية اندماجية تنفي دور الحكومات بشكل جزئي وتولي اهتماما أكبر لقرارات مؤسسات الاتحاد كالبرلمان ولجنة الاتحاد، مضيفةً أن الاتحادات الحكومية قد تنعم باتفاقية تجارة حرة وسوق حرة ولكنها لا تصل إلى الاتحاد الاقتصادي والسياسي الاندماجي الذي يقف على عملة اقتصادية واحدة وقرارات سياسية تتجاوز موافقة الدول الأعضاء.

وذكرت غوكجان أن الصين وروسيا تلعبان دور الموجه داخل الاتحاد، موضحةً إلى أنه في حال انضمام تركيا إلى الاتحاد فستكون هناك فرص وتحديات عديدة، تناولتها في  مقالها "شنغهاي الإضافات والمثالب بالنسبة لتركيا" على النحو الآتي:

- مظلة أمنية

في إطار ذلك، أشارت الخبيرة إلى أن تركيا أصبحت بحاجة للانضواء تحت مظلة أمنية توافق مطالبها منذ انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، حيث خلف ذلك تقليل الناتو من اهتمامه الأمني بتركيا التي باتت تبحث عن بديل لتغطية النقص الأمني الذي خلفه الناتو، فبيمنا استجدت الناتو لسنوات لتأسيس مظلة أمنية تعتمد من خلالها على نفسها في صد المخاطر الأمنية، ولكن ردة فعل الناتو لم ترقَ يومًا لمطالب تركيا.

وأضافت أن اتحاد شنغهاي يوفر لتركيا مظلة أمنية قوية جدًا، فروسيا والصين لهما تمتلكان أنظمة أمن وحماية قوية، مبينةً أن الأزمات الأمنية المحيطة بتركيا تستدعي تحركها السريع بعيدًا عن مماطلة حلف الناتو.

ـ ثورة بشرية واقتصادية

وفي ضوء ذلك، أوضحت الخبيرة أن الاتحاد يضم ستة دول ومن المتوقع أن يضم ستة دول أخرى، وبانضمام هذه الدول سيصبح الاتحاد الأكبر حول العالم، حيث سيضم ربع سكان العالم، والثورة البشرية مهمة للاستهلاك والإنتاج، مبينةً أنه في حال تأسيس خط الأوربو الذي تسعى الصين إلى مده من تركستان الشرقية حتى إسطنبول ستصبح بيد تركيا ورقة اقتصادية قوية، حيث سيسهل الوصول إلى مجموعات ضخمة من المستهلكين بأقل التكاليف، حيث سيمكنها الاتحاد من الحصول على حدود مباشرة مع الصين.

ـ توفير أمن الطاقة

تزخر دول الاتحاد باحتياطي ضخم من مصادر الطاقة يساعد تركيا في تعزيز موقعها كدولة مركزية في نقل الطاقة.

ستواجه تركيا في حال انضمامها إلى شنغهاي عدة تحديات تلخصها غوكجان كما يلي:

ـ التعرض لحملات إعلامية تستهدفها بذريعة تفضيلها اتحاد شنغهاي الذي تتهم دوله بأنها أنظمة سلطوية على الاتحاد الأوروبي الذي يوصف من قبل البعض على أنه المثل الأعلى في الديمقراطية وحقوق الإنسان.

ـ التنافس السياسي والاقتصادي. تم تأسيس اتحاد الشنغهاي لتعزيز النفوذ الروسي والصيني في منطقة آسيا الوسطى الذي فشلت تركيا مرارا في اختراقه وقد يحد من دور تركيا في المنطقة.

ـ التحدي الثقافي. حاولت تركيا منذ تأسيسها الاكتساء بالثوب الأوروبي الغربي السياسي والثقافي، ولكنها اليوم تحاول تغيير هذا الثوب إلى ثوب متعدد الثقافات يختلف عن الثقافة التركية الحالية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!