محمد قدو أفندي أوغلو  - خاص ترك برس

في ظل الأوضاع المقلقة والمزلزلة للعالمين العربي والإسلامي وفي أتون المواقف الضبابية من الحكومات الغربية والشرقية والمواقف الأمريكية غير المفهومة وغير المسؤولة وانحسار الدور الإيجابي لدول عدم الانحياز وركون الجامعة العربية وتخبط سياساتها غير الواقعية والسلبية في ظل هيمنة أطراف تؤثر بشكل سلبي على قراراتها وتوجهاتها، ليصبح من الصعب في ظل هذه الظروف اتخاذ قرارات مستقبلية للمصالح الوطنية والإقليمية لمعظم دول العالم ومنها الدول العربية والإسلامية ورغم أن الفائدة المرجوة في ظل هذه الوضاع هي اقتناع هذه الدول بأن مصالحها المستقبلية يجب ان تكون من صميم تطلعاتها الوطنية دون الاخذ بنظر الاعتبار بما يعيق هذه التطلعات غير المجدية.

إن ما يهم الشأن العربي أن الإدارة الامريكية بزعامة أوباما والتي لم يبق لها إلا مدة قصيرة وتغادر البيت الابيض قد فرزت العديد من السلبيات والويلات لهذه الدول، والمشكلة أن الدول التي كانت في الصدارة بعلاقاتها معها هي أكثر البلدان المتضررة من هذه السياسة الازدواجية غير المسؤولة وبنفس الوقت سارعت هذه الإدارة إلى إظهار الرغبة في التعاون والتعامل مع الدول التي كانت موضع استهجان وشجب  لسياساتها والتي وصفت بالدول الراعية للإرهاب، وفي كلا الحالتين فإن الولايات المتحدة أضاعت متعمدة الفرصة المواتية لاستقرار منطقة الشرق الاوسط وكذلك لفرص إنهاء الحالة المأساوية التي تعصف بهذه البلدان كسوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها.

إن المملكة العربية السعودية وتركيا هما دولتان مركزيتان في المنطقة ولهما وزنهما وشأنهما وخصوصا في العالمين العربي والإسلامي كانتا أكبر المتضررتين من السياسة الأمريكية الهوجاء غير المسؤولة وخصوصا فيما يخص الاتفاقية الإيرانية مع مجموعة خمسة زائد واحد والتي أدت إلى اطلاق الهيمنة الإيرانية في المنطقة بعد تصور الإدارة الإيرانية أن تلك الاتفاقية هي انتصار لسياستها الحالية، ولسنا في صدد شرح مضمون هذه الاتفاقية، لكن من المؤكد أن أمريكا لا تفعل شيئا لصالح أي بلد دون أن تضع مصير ذلك البلد تحت رحمتها بعد الاتفاقية سواء اقتصادية أو امنية، وتوضحت مآرب أمريكا بعد التوقيع على الاتفاقية مع إيران حيث بدأت الابتزازات حول مستقبل المائة خمسين مليار دولار والمجمدة والتي هي تحت تصرف البنوك الأمريكية وقضاة المحاكم المدنية الأمريكية إضافة إلى التهديدات الأمريكية بتمديد فرض عقوبات اقتصادية طويلة الأمد عليها.

لكن بالرغم من هذه المستجدات في السياسة العالمية والإقليمية فإن الأمل لا زال معقودا على الدور السعودي والتركي في المنطقة لأن الإرادة السعودية والتركية أقوى من هذه المنغصات غير المسؤولة وبأستطاعتهما أن تديرا هذا المحور المركزي.

ومثلما فعلت أمريكا مع السعودية، عمدت الإدارة الأمريكية إلى التنصل من الاتفاقيات والتفاهمات مع الحكومة التركية وخصوصا ما يخص المسألة السورية وخلقت أوضاعًا سلبية أثرت بشكل مباشر على العلاقات التركية الأمريكية وكذلك على الموقف التركي من المسألة السورية إضافة إلى مشكلة المليشيات الكردية السورية والتي تعتبر امتدادا لحزب العمال الكردستاني التركي.

تركيا والسعودية لمواقفهما المتميزة وأنهما دولتان مركزيتان كانتا مستهدفتين في هذه السياسة المستجدة لأمريكا، لذلك لا بد بعد وضوح المؤامرة عليهما لدورهما المتميز وثقلهما الإقليمي والإسلامي من أن يسارعا إلى وضع أسس متينة لبناء علاقات بينهما رغم أنهما بدأ بذلك وخصوصا بعد التوقيع على إقامة علاقات استراتيجية بينهما ولأن الأمل معقود عليهما في ظل هذه الأوضاع فإن المواطن العربي والمسلم يتطلع إلى أن تكون هذه العلاقات متميزة وكذلك أن تكون نواة إلى إقامة تحالفات أخرى وخصوصا في ظل علاقات متميزة بين الأتراك والقطريين وكذلك العلاقات المتميزة مع دول مجلس التعاون الخليجي.

تتجه الأنظار الآن إلى العاصمتين التركية والسعودية لاتخاذ خطوات سريعة نحو التكامل في الشأن السياسي والعسكري والاقتصادي والاجتماعي وكافة أوجه التعاون الذي يصب في المصلحة العامة للدول الإسلامية وخصوصا فإنهما يملكان زمام المبادرة لإقامتها.

إن أولى الخطوات التي ربما نشاهدها ونسمع عنها هو تعيين وزير مفوض لكلا البلدين يتمتعان بصلاحيات تؤهلهما أن يمضيا قدما في عملية التكامل المنشود وكذلك تأليف لجنة عليا مشتركة منعقدة بصورة دائمية لوضع الإطار العام لهذه التوجهات وكذلك معاملة مواطني البلدين بالمثل وأن تتمتع المؤسسات الاقتصادية والشركات العاملة في البلدين بنفس الامتيازات السارية لمواطني البلد، وربما قرارات أخرى قد تسارع في تحقيق الهدف المنشود وأهمها تقريب أواصر العلاقات بين الشعبين تمهد إلى تفهم هذه التطورات المستجدة من خلال إقامة مراكز ثقافية متعددة في المدن الرئيسية للبلدين تكون حاضنة لكل النشاطات الثقافية والأدبية والاجتماعية للتعرف عن كثب في أوجه النشاط الإنساني والثقافي والاجتماعي.

إن التكامل بين الدولتين وما يتبعها من انضمام دول أخرى مهيأة ومستعدة لتحذو حذو السعودية وتركيا كفيلة بإعادة التوازنات إلى المنطقة وتساهم بشكل فعال ومباشر في القضاء على البؤر والخلافات وتمنع بصورة طبيعية كل التدخلات الدولية في المنطقة بحجة وجود مشاكل إقليمية تهدد السلام العالمي.

إن تاخير الفرصة المؤاتية والضرورية يعتبر انتكاسة أخرى تمر بها دول المنطقة فلذا فإن الإسراع باستغلال هذه الفرصة هي بمثابة وضع البلسم على جروح أمتنا الإسلامية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس