ترك برس

كشف تقرير في صحيفة "الحياة"، عن ثلاثة أهداف للحوار المرتقب بين النظام السوري وفصائل المعارضة في أستانة عاصمة كازاخستان نهاية يناير/ كانون الثاني المقبل، برعاية تركية روسية.

وقالت الصحيفة إن الأهداف الثلاثة للحوار السوري - السوري تتمثل في وقف شامل لإطلاق النار يستثني تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة"، والإقرار بأن لا حل عسكريا في سورية، ووضع مسودة مبادئ لتنفيذ القرار 2254، وأن روسيا "ضامن الحل السياسي".

ويأتي ذلك - بحسب التقرير - استنادًا إلى وثيقة يسعى الجيش الروسي إلى ضمان توقيع الحكومة السورية في دمشق وفصائل إسلامية مقاتلة في أنقرة عليها تمهيدًا لـ "حوار أستانة" بمشاركة قادة عسكريين وسياسيين من فصائل المعارضة والجيش النظامي السوري.

وأشار التقرير إلى أن العمل جار بين الدبلوماسيين والعسكريين في موسكو وأنقرة وطهران لترجمة "القرار الرئاسي" من فلاديمير بوتين إلى آلية قابلة للتنفيذ في النصف الثاني من الشهر المقبل.

كما يأمل المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، الذي تريد موسكو استبعاده من حوارها، في أن يكون "حوار أستانة" خطوة لاستئناف مفاوضات برعاية أممية في جنيف في 8 شباط/ فبراير.

موسكو وأنقرة تريدان من "حوار الأستانة" أن يقر نسخة مطورة من الوثيقة التي قدمتها وزارة الدفاع الروسية إلى قادة فصائل حلب في أنقرة ولا يزال النقاش جاريًا في شأنه، وفقًا للتقرير.

ومسوّدة الوثيقة نوقشت في مفاوضات سرية في أنقرة بحضور الاستخبارات التركية جرى فيها عزل كامل للحاضرين عن العالم، وتضمنت لأول مرة اعترافًا روسيًا بشرعية فصائل عسكرية إسلامية معارضة، بينها "أحرار الشام الإسلامية" و"جيش الإسلام" و"جيش المجاهدين" و"حركة نور الدين زنكي" و"الجبهة الشامية" وشخصيات من "الجيش الحر".

ذلك أن الجانب الروسي الذي ضم ضباطاً من هيئة الأركان والاستخبارات العسكرية، حرص على توقيع ثلاثي (روسي وتركي - كطرفين ضامنين- مع ممثلي الفصائل المسلحة المعارضة) على محاضر الاجتماعات، وسجلت الموقف السياسي والعسكري لكل طرف ونقاط التقاطع والاختلاف بين الروس والفصائل.

لا شك في أن "شرعنة" هذه الفصائل في "مفاوضات أنقرة" أولًا و"حوار أستانة" ثانيًا، هو تطور في موقف موسكو عما كان عليه في المحادثات مع واشنطن منذ انطلاق عملية فيينا وتشكيل "المجموعة الدولية لدعم سورية وإقرار اتفاق "وقف العمليات القتالية" في شباط الماضي، عندما كان الجانب الروسي يعتبر جميع الفصائل الإسلامية، وتحديدا "أحرار الشام" و"جيش الإسلام"، تنظيمات إرهابية لا تختلف كثيرًا عن "داعش" أو "النصرة".

وتغيير موقف موسكو قوبل بامتعاض شديد في طهران ودمشق اللتين تعتبران الفصائل الإسلامية "تكفيرية وإرهابية" وهما في صدد استكمال "الحسم الاستباقي" ضدها إلى ما لا نهاية، لكن تغير موقف روسيا يُسجل نجاحًا للدبلوماسية التركية وكان وضع أساسًا للقاء الثلاثي الروسي- التركي- الإيراني في موسكو قبل أيام.

المفاوضات بين الجيش الروسي والفصائل المعارضة تناولت آليات وقف النار شرق حلب ثم إمكان الإفادة من هذه الآليات في مناطق سورية أخرى وكيفية ضمان الأمن والعلاقة بين القوات النظامية والمعارضة وإجراء مصالحات وتسويات مع تأكيد عدم شمولها تنظيمي "داعش" شرق سورية و "النصرة" في ريفي حماة وإدلب، لكنها تضمنت ثلاث نقاط محورية: الأولى، أن روسيا وتركيا "ضامنان" لوقف النار والمصالحات، وأن فصائل المعارضة "سعيدة" بذلك.

الثانية، أن لا حل أو حسم عسكري في سورية، ما يعني أن الحل سياسي فقط. الثالثة، وقف النار الشامل هو خطوة أولى نحو تطبيق القرار 2254، الذي نص على تشكيل "حكم تمثيلي غير طائفي" يمهد لدستور جديد تجري بموجبه انتخابات بإدارة الأمم المتحدة. يضاف إلى ذلك تمسك الأطراف السورية بوحدة الأراضي السورية وتحقيق "دولة تمثل الشعب السوري بكامله".

المقترح لـ "حوار أستانة"، هو توثيق نتائج مفاوضات أنقرة وتوقيعها من الأطراف المشاركة على أن تجري شرعنتها في مفاوضات جنيف برعاية دولية. ولا تزال الاتصالات مستمرة لحل العقد في الطريق إلى أستانة.

موسكو تريد مشاركة الحكومة والأكراد والفصائل المقاتلة الفاعلة والمعارضة المعتدلة مع استثناء "الهيئة التفاوضية العليا" برئاسة منسقها رياض حجاب، وفقًا للتقرير.

أنقرة تريد مشاركة "الهيئة التفاوضية" وترفض أن يكون وفد "الاتحاد الديموقراطي الكردي" ضمن المعارضة، وتريد أن يكون ضمن وفد الحكومة السورية في حال وجهت إليه الدعوة (كما اقترح في مفاوضات جنيف، حيث لم يحضر رئيس "الاتحاد" صالح مسلم ضمن وفد المعارضة، لكن جرت مشاورات دولية معه). دمشق (بدعم من طهران) ترفض مطلقًا حضور القادة العسكريين والجلوس مقابل قادة فصائل إسلامية.

دبلوماسيون روس بحثوا في صيغة وسط لآليات توجيه الدعوات بينها أن تكون طاولة الحوار السوري- السوري دائرية وليست مستطيلة بين حكومة ومعارضة وأن تكون الدعوات فردية من جميع الكتل والمنصات وليست للكتل السياسية.

وهناك تفكير بدعوة رؤساء سابقين لـ "الائتلاف الوطني السوري" وقياديين في "الهيئة"، مثل معاذ الخطيب وأحمد جربا وهادي البحرة. رهان موسكو أن تؤدي هذه الطريقة إلى "اختراق" احتمال رفض "الهيئة" المشاركة التي تأرجح موقفها المعلن بين الرفض وترك الباب لاحتمال المشاركة، إضافة إلى تخفيف اعتراضات الأطراف المشاركة أو الراعية للحوار، خصوصًا ما يتعلق بحضور الأكراد لأول مرة حوار بهذا المستوى أو مشاركة قادة فصائل إسلامية مقاتلة وجهاً لوجه مع قياديين في الجيش النظامي السوري.

من حيث المضمون، لا يزال كل طرف متمسكاً بموقفه في الطريق إلى أستانة. بحسب مسؤول تركي، هناك أربعة أهداف للحوار: "وقف نار شامل، إنقاذ المدنيين، إيصال مساعدات إنسانية، بدء عملية تحول سياسي"، وتبلغت موسكو أن أنقرة "لم تغير موقفها من الرئيس بشار الأسد"، الذي تصر على أنه "لا يستطيع الحكم بعد المرحلة الانتقالية"، على عكس موسكو، التي تقول إنه "هو الرئيس الشرعي والقرار بأيدي السوريين"، وطهران التي تعتبر "بقاء الأسد خطًا أحمر".

وبحسب مسؤول مطلع، فإن تفسير كل طرف العملية السياسية الموعودة مختلف، فـ "موسكو تريد عملية سياسية انتقالية مضبوطة تفتح الطريق أمام بقاء مؤسسات الدولة واستعادتها وإجراء الانتخابات الرئاسية لتقرير مصير الأسد وبقائه أو لا. وطهران تريد عملية سياسية تثبت بقاء الأسد مع إمكان تنازله عن صلاحيات لرئيس الحكومة وتشكيلتها. وأنقرة تريد عملية سياسية تسفر مرحلتها الانتقالية عن استعادة وحدة سورية ومنع الفيديرالية الكردية ورحيل الأسد".

بوتين، الذي يراهن على نجاح "حوار أستانة"، يسعى مع مؤسساته وحلفائه إلى وضع أسس النجاح واتصل بالرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني وحض الأسد على السير نحو "التسوية السياسية"، إضافة إلى أنه عقد لقاءات مع مجلس الأمن القومي ووزارة الدفاع لوضع آليات وقف النار الذي لن يشمل "داعش" و"النصرة"، بموجب الوثيقة التي جرى التفاوض عليها مع قادة الفصائل بوساطة تركية.

وبحسب التقرير، هناك "ألغام" أخرى ما تزال قائمة في الطريق إلى العاصمة الكازاخستانية، الأول أن طهران ودمشق ما تزالان ضد أن تكون "حلب آخر المعارك"، وتستعجلان "الحسم العسكري" في حزام العاصمة السورية في الغوطة الشرقية، وبين دمشق وحدود لبنان.

الثاني مصير إدلب، بين رغبة موسكو في تطبيق قرار مجلس الأمن في اعتبار "النصرة" تنظيماً إرهابياً ودفع الفصائل إلى تجميد القتال ضد القوات النظامية وتوجيه البندقية ضد "داعش" و"النصرة".

والثالث قول واشنطن إن فصائل المعارضة ستستمر في المعارك وقتال القوات النظامية، وسط حديث عن بحث واختبار إمكانات إعادة تشغيل الجبهة الجنوبية في ريف درعا واختراق تفاهم روسي بتجميد هذه الجبهة من طرفي النظام و"الجيش الحر".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!