فيردا أوزير - صحيفة حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس

أدت الحرب الأهلية المندلعة منذ 6 سنوات في سوريا إلى العمل على تشكيل خريطة البلاد. مما يعني اتضاح الجهات والأماكن التي جزأت تدريجيًا. بالإضافة إلى تغير سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه سوريا مع تولي ترامب من ناحية. وتزايد تعاوننا مع روسيا في سوريا من ناحية أخرى.

 وبناء على ما سبق أصبح ممر حزب الاتحاد الديمقراطي/ وحدات حماية الشعب الكردي مسألة وجود وأكثر إلحاحًا بالنسبة لأنقرة.

ممر حزب الاتحاد الديمقراطي – وحدات حماية الشعب الكردي

قبل كل شيء؛ من الخطأ توقع إقامة تعاون مع الجيش التركي والجيش السوري الحر أو مع حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردي فيما يخص سياسة الرئيس ترامب تجاه سوريا. نتيجة وجود خيار ثالث يتمثل في التعاون القائم أصلًا بين روسيا ونظام الأسد. فقد بدا واضحًا أن ترامب سيتعاون معهما بجميع الأحوال. إذ من الواضح أنه سيزيد من تعاونه مع روسيا وعدم رغبته في خسارة نظام الأسد. لأن أي تعاون أمريكي مع روسيا وقوات الأسد يعني إقحام حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردي في المعادلة لا محالة. كما بات واضحًا التوافق الكبير بين الحزب وكل من موسكو ونظام الأسد.

وعقب محادثات أستانة، قامت روسيا باستضافة ممثلي حزب الاتحاد الديمقراطي غير المشاركين في تلك المحادثات. حيث جرى الحديث عن إقامة حكم ذاتي كردي في مشروع "الدستور السوري" الذي وزعه الدبلوماسيون الروس في أستانة. فضلًا عن وجود مكتب للحزب في موسكو. ورفض روسيا اعتبار الحزب تنظيمًا إرهابيًا بسبب بي كي كي.    

كما أننا على دراية تامة بالأخبار الصادرة منذ بضعة أيام والمتعلقة بوساطة روسيا بين حزب الاتحاد الديمقراطي والأسد. ووفقًا لما نقلته وكالة الأناضول، التقى ممثلو نظام الأسد مع قادة رفيعي المستوى من الحزب في يوم سابق. واتفق الطرفان على عرقلة تقدم الجيش التركي والجيش السوري الحر في المنطقة الخاضعة لسيطرة الحزب. وبناء عليه سيرفع نظام الأسد أعلامه صوريًا في بعض المناطق.

ولهذا سيؤدي تعاون ترامب مع روسيا والأسد بالضرورة إلى إقحام الحزب في المعادلة. بما في ذلك احتمال استعانة ترامب بعناصر وحدات حماية الشعب الكردي في عملية الرقة.   

استراتيجية على المدى الطويل

من خلال الصورة السابقة تبين لنا الحقيقة التالية؛ تحول وجود حزب الاتحاد الديمقراطي/ وحدات حماية الشعب الكردي في شمالي سوريا الذي يعد مسألة وجودية بالنسبة إلى أنقرة إلى وضع دائم على المدى المتوسط والبعيد.

ولهذا السبب يتوجب علينا وضع استرايجية طويلة الأمد تجاه هذه المسألة بدلًا من الاسترايتجية الحالية. فقد سبق ومنعت عملية درع الفرات دمج كانتونات الحزب في عفرين وكوباني الواقعتان شمالي سوريا. بالإضافة إلى عرض سيناريوهات مختلفة على إدارة ترامب من أجل الحفاظ على هذا الوضع.

مما يتطلب إيجاد موقع داخل الخريطة الجديدة في سوريا، والتطلع إلى ما وراء ذلك التحرك. وبالفعل بدأت أنقرة العمل على ذلك منذ الآن.

ووفقاً لما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز في يوم سابق: أشار النور شفيق مستشار الرئيس رجب طيب أردوغان إلى إمكانية سماح تركيا بإقامة كيان كردي في شمالي سوريا، مما يعني موافقة أنقرة على وجود الحزب شرقي نهر الفرات. غير أن غالبية العرب الموجودين غربي النهر لن تقبل بالوجود الكردي – على حد قول شفيق.

أما النقطة الأخرى الأكثر حساسية التي تحدث عنها شفيق تتعلق بإمكانية إقامة علاقات وثيقة مع الحزب كتلك العلاقات الموجودة مع بارزاني. أي مثلما استطاع مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق الإبقاء على مسافة متساوية من بي كي كي، اقترح إبعاد أكراد سوريا عن التنظيم.

وبالتالي يمكن لذلك أن يصبح مفتاح حل تلك المشكلة على المدى الطويل. بالإضافة إلى إمكانية استخدام إدارة ترامب نفوذ أمريكا على حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردي.

مسافة حزب الاتحاد الديمقراطي – وحدات حماية الشعب الكردي

من المعلوم أن لدى حزب الاتحاد الديمقراطي مخاطب مستقل، وبؤرة سياسية منذ القدم. وبجميع الأحوال بقي الحزب في الكواليس بينما ازداد تأثير وحدات حماية الشعب الكردي ومساهمة الغرب على نحو متزايد تدريجياً في تلك الوحدات.

وفي حال ظهور حزب الاتحاد الديمقراطي كفاعل سياسي مجدداً وحدوث خلاف شديد بينهما يمكن للحزب التحول إلى مخاطب كالسابق. مما قد يشجع التنظيم. ويعزز موقفنا في حربنا مع بي كي كي. ويفسح مجال المناورة واسعاً في سياستنا تجاه سوريا.

وبالتالي وجود فرصة جديدة أمام أنقرة في الوقت الحالي: من خلال التفاوض مع ترامب وتقليص دور ومجال تأثير حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردي. والقدرة على تطوير استراتيجية تتيح لها الوقوف على مسافة متساوية بين الطرفين.

ولكن تحقيق ذلك يتطلب نيل دعم كل من روسيا ونظام دمشق. مما يعني تقليص دعمنا للمعارضة السورية. مما يدعونا لافتراض طرح انسحاب الجيش السوري الحر إلى منطقة حدودية على طاولة المفاوضات من خلال المساومات الكثيرة الجارية بين أنقرة وموسكو.

عن الكاتب

فيردا أوزير

كاتبة صحفية تركية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس