حسن بصري يالتشن –صحيفة تقويم- ترجمة وتحرير ترك برس

يشبّهون العلاقات الدولية بلعبة الشطرنج، وبناء عليه يقال: "إن العالم عبارة عن خشبة شطرنج، والدول هي الأحجار".

ويقال: إن العقول الكبيرة تلعب الشطرنج بحرفية عالية، أنا شخصيا أكره التشبيه الذي ورد ذكره أعلاه، فهو تشبيه سيء للغاية، ويحمل هذا التشبيه في طياته أقصى درجات الغطرسة، وفي حقيقة الأمر هو تشبيه ينافي طبيعة العلاقات الدولية.

غالبا ما يلجأ إلى هذا التشبيه الأناس الذين يحبّون تهويل وتعظيم شأن العمل الذي يقومون به، ذلك لأن ذكر كلمة "شطرنج" بحدّ ذاتها تعطي جوّا من الرقي وتوحي بالذكاء. التشبيه بطاولة النرد لن يحمل المعاني نفسها، وسيكون تشبيها عاديا، ولكن في الحقيقة العلاقات بين الدول تشبه "طاولة النرد" أكثر من كونها تشبه لعبة "الشطرنج"، إذا لا يمكن أن تبني استراتيجية معينة قبل البدء باللعبة، بالإضافة إلى أنّ الأدوات تختلف اختلافا كبيرا.

"القلعة، الفيل، الوزير" ليست أنواعا مختلفة.

"الطاولة" عبارة عن النرد والأحجار فقط، وبحسب النرد يتم تحريك الحجارةولا تحتمل اللعبة وصفا أبعد من هذا.

ما يهم في لعبة "الطاولة" هو أن يأتي رمي النرد بحظوظ جيدة.

فإن كان النرد الذي ترميه يتوقف عند رقمي "1 أو 2" في الوقت الذي ترمي فيه  الولايات المتحدة الأمريكية  النرد وتصيب رقمي "6" فهذا يعني أن وضعك صعب جدا.

في حقيقة الأمر أنا لا أفهم باللعبتين، ولا أحبهما.

إن كنت كذلك، فلماذا إذن أشرح كل هذا؟ لأن اللعبة التي تتواجد تركيا في داخلها يتم تخيّل بنائها من جديد. وفي الحقيقة لا يتم تخيّل بنائها كلعبة شطرنج، وإنما كلعبة الطاولة، ولهذا يجب التفكير مليّا بالقوانين البسيطة.

في الجولة الأولى لم يكن حظنا على ما يرام، ولكن مع عملية درع الفرات تمكنا في اللحظة الأخيرة من الحصول على خانة، واستطعنا البقاء ضمن اللعبة. الآن أهم لاعب يتم تغييره. من الخانة التي تمسكنا بها سنحاول أن نأخذ مكانا في اللعبة الجديدة، وفي حقيقة الأمر نحن والعالم بأسره سنرسم الخطة بناء على موقف الإدارة الأمريكية.

ولا أحد يعلم ما الذي ستفعله هذه الإدارة الجديدة بالضبط، إذ توحي بأن الأفكار لديها مزدحمة ومتداخلة، وتعطي إشارات غير مطمئنة. وخصوصا أنّها تستخدم عبارات من شأنها أن تثير القلق لدى العالم الإسلامي، ولا أظن أن لهذه المقولة أيّة أهمية فيما يخص السياسة الداخلية لأمريكا. وعندما نتحدث عن السياسة الخارجية، أظن أن ترمب لديه 3 نقاط فقط، يمكنه التحرّك من خلالها فقط.

إن هذا الرجل يدّعي أنّه سيحارب "داعش وإيران والصين"، ومن الممكن أن يقاتل الثلاثة في آن معا. ولكن من المحتمل أن يبدأ بدولة قبل أخرى، ومن المحتمل أن العراك الأول الذي سيبدؤه سيحدد فيما إذا بقي متسع من الوقت للآخرين أم لا.

السيناريو التي تناسب تركيا أن تدخل في قتال مع داعش وإيران، بينما السيناريو السيئة أن تواجه الصين. ففي حين واجهت الصين، لن تكون تركيا من أهم الشركاء بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

القتال ضد داعش من دون أدنى شك له علاقة بعملية الرقة، فإن كانت الرقة ستطهّر في يوم من الأيام من داعش، فإن الولايات المتحدة الأمريكية ستكون جزءا مهما من اللعبة. ومن الممكن أن تكون هذه الخطوة بمثابة الخطوة المؤهلة لترمب ليكون هو رأس القوات المسلحة في الولايات المتحدة الأمريكية، وعندما تتخذ أمريكا مثل هذه الخطوة قد تكون تركيا هي أكثر ما تحتاج إليه في عمليتها.

الأمر نفسه ينطبق في حال واجهت أمريكا إيران، إذ قد تحتاج أمريكا لتركيا، كل هذه الامور تجب دراستها بتمعن، ويجب الأخذ بعين الاعتبار موقف تركيا من حزب الاتحاد الديمقراطي.

ومن جهة أخرى إن اختارت أمريكا مواجهة الصين، فإنها ستحاول أن تتقارب مع روسيا، وتحصل على ودّها. وقد يؤدّي هذا إلى تقوية روسيا وإيران وحزب الاتحاد الديمقرايطي، وبرأي سيكون هذا من أسوأ السيناريوهات على الإطلاق، ولكنه في الوقت نفسه هو من أبعد السيناريوهات التي قد تُطبّق. ذلك لأن نهج أمريكا سيحدد المآل التي ستؤول إليه سوريا. وهذا يشير إلى أن مواجهة الصين ستبقى في إطار  الأبعاد الاقتصادية والكلامية فقط، كما أنه لن يصل إلى البعد الاستراتيجي، ونأمل أن يكون الأمر كذلك.

عن الكاتب

حسن بصري يالتشين

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس