فهمي كورو – صحيفة خبر ترك – ترجمة وتحرير ترك برس

تلوح في الأفق أسماء لأحزاب جديدة، منها مجموعة انفصلت عن حزب العدالة والتنمية واليوم بدأت أعمالها من أجل إطلاق حزب جديد لها، وهناك أسماء استقالت من حزب الشعب الجمهوري وأسماء ستستقيل أيضا، وهؤلاء سيتخذون نفس الطريق، طريق تأسيس حزب جديد لهم.

ما يُلفت النظر، هو أنّ إدارة حزب العدالة والتنمية كانت دوما تُحفّز الأعضاء المنفصلين سواء من حزبه أو من حزب المعارضة على تشكيل أحزاب جديدة لهم، واليوم نلاحظ أنه يدعم بقوة تأسيس حزب جديد "للقوميين" المنفصلين عن حزب الشعب الجمهوري المعارض، والسؤال لماذا؟

على الأغلب أنّ السبب في ذلك هو أنّ الأحزاب التي يتم تأسيسها بعد الانفصال عن الحزب الأم لا تدوم، ولا تبقى طويلا، والشعب بأغلبيته لا يلقي لها بالا، والاستثناء الوحيد لذلك عبر تاريخ تركيا هو انفصال حزب الديمقراطية عام 1946 عن حزب الشعب الجمهوري في الماضي، ولذلك أسباب خاصة كانت في تلك المرحلة.

في مقابل ذلك كانت الأحزاب التي يتم تأسيسها من الصفر، كحزب اليسار الديمقراطي وكحزب العدالة والتنمية، كانوا أكثر حظوظا وأكثر استدامة، فحتى لو كان لهم أصول يتبعونها، إلا أنهم لم يتشددوا في انتمائهم إلى تلك الأصول.

الكثير من العاملين في الساحة السياسية التركية ينظرون اليوم إلى التطورات الحاصلة في بعض الدول، ومن الواضح جدا أنهم تأثروا بذلك، ويقولون لماذا لا يحصل لنا هذا أيضا؟

في انجلترا هناك وسط سياسي مماثل لنظيره التركي، وبتعبير أدق كان هناك. فالحُكم الذي كان بالتناوب بين المحافظين وبين أحزاب العمل سيصبح بيد حزب استقلال المملكة المتحدة (UKIP).

خلال الشهر الماضي كان يتوقع أن يحصل هذا الحزب على 15% من تصويت الشعب، لكن اليوم تشير التوقعات إلى ارتفاعه إلى 19%، ومن المتوقع عدم توقف هذا الصعود الدراماتيكي في شعبيته، وفي شهر مايو الماضي حصل هذا الحزب على المركز الأول في انتخابات البرلمان الأوروبي.

وفي اسبانيا تتصاعد شعبية حزب "بوديموس (نعم نستطيع)"، والذي أسسه بروفيسور شاب كان يعملا مقدما للبرامج في إحدى الإذاعات، هذا الحزب تأسس قبيل انتخابات البرلمان الأوروبي، مع هذا فقد نجح في الحصول على نسبة 8% من الأصوات في تلك الانتخابات خلال شهر مايو الماضي.

 والآن يحتل هذا الحزب المرتبة الثانية في اسبانيا من حيث الشعبية، ويتوقع انه سيفوز في الانتخابات العامة التي ستجري للمرة الأولى خلال الأشهر القادمة، وتذكروا أنّ هذا الحزب لم يكمل عامه الأول حتى الآن، وهذا الحزب يعمل وفق اسمه الذي يعني "نعم نستطيع".

وربما يكون هذا الشاب الاسباني قد أخذ تلك الشجاعة بتأسيسه للحزب من خلال ما حصل في إيطاليا، عندما أسس "بيبه جريلو" المهرّج، حزبا أسماه "حركة خمس نجوم" قبل أربع سنوات، فهذا الحزب الذي كان يهدف إلى "التهريج السياسي" أصبح حزب سياسي حقيقي بامتياز، ونجح في الحصول على نسبة 25% من أصوات الشعب في أول انتخابات خاضها.

العامل المشترك بين هذه الأمثلة الثلاثة الناجحة في كل من إيطاليا واسبانيا وانجلترا، هي أنّ الأحزاب جميعها تأسست من الصفر وقدمت نموذجا بديلا للحُكم ورؤية سياسية واضحة ومعارضة للحُكم القائم.

ولا شك أنّ ذلك حصل في تركيا عام 2002، عندما فاز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات، ليبدأ بذلك مرحلة جديدة، وهي مستمرة إلى الآن، ولم تتعرض لأي هزة حقيقية أو انقطاع لطريقها.

اليوم تركيا بحاجة إلى معارضة منافسة حقيقية على الحُكم، لأن الوضع القائم يوحي بأنّ حزب العدالة والتنمية سيبقى إلى الأبد بالحُكم، فهو اليوم لا يخطط حتى 2023 فحسب، وإنما بدأ بوضع خططه حتى عام 2071، وفي مقابل ذلك مهما عمل حزب الشعب الجمهوري بوضعه الحالي لن يستطيع المنافسة بصورة حقيقية ليكون بديلا عن العدالة والتنمية.

تأسيس أحزاب جديدة أمر سهل وبسيط، لكن الصعب هو أن تحصل تلك الأحزاب على دعم الشعب وتأييده.

عن الكاتب

فهمي كورو

كاتب في موقع خبر ترك


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس