أحمد طلب الناصر - خاص ترك برس

نتيجة لسياسة الاحتواء والتسهيل التي تنتهجها الحكومة التركية تجاه المهاجرين، العرب عمومًا والسوريين على وجه الخصوص، مع مختلف الأطياف دون تمييز، استغل البعض تلك السياسة، وراح يسرح ويمرح كما يحلو له. يساعده في ذلك فقدان المعلمين السوريين لجهة معينة قادرة على تمثيلهم أمام مؤسسة التعليم الوطني التركية وترعى مصالحهم ومصالح طلابهم، ولضعفهم في متابعة الأخبار باللغة التركية.

طفت على السطح مجموعات ومنظمات وهيئات تدّعي تمثيلها للمعلم السوري تارة، وتارة تقدّم نفسها كجهة رسمية ذات صلاحيات وقرارات نافذة، مدّعية ارتباطها بشكل مباشر بالمؤسسة التعليمية الحكومية التركية أو تربطها علاقات وصداقات فردية ببعض موظفيها! وتمارس نشاطاتها الدعائية من خلال “الفيس والتلغرام والواتس" تحت مسمّيات توحي للمتابعين بأنها مفوَّضة من جهات رسمية لمتابعة أمور المعلّمين، وتصدّر نفسها بذات الوقت أمام التربية التركية على أنها هيئات ومؤسسات منتخبة من قبل المعلمين السوريين.

ولإضفاء الصفة الرسمية، وخداع بعض الأطراف التعليمية من الجانبين التركي والسوري، لجأت بعض تلك "الهيئات" إلى أسلوب جمع بيانات العاملين في السلك التعليمي السوري من خلال روابط إلكترونية قاموا بنشرها على معظم الصفحات الناشطة في الشأن التعليمي السوري، بحجة أنها تعمل على توفير فرص للعمل ضمن مجالات تعليمية وإعلامية لن يستفيد منها مستقبلًا سوى المنتسبين لها، ما دفع الكثير من أفراد السلك ممّن على رأس عملهم أو الذين لم تسنح لهم الفرصة للعمل في التدريس إلى الانجرار وتصديق وعودها والقيام بملء البيانات وإرسالها دون معرفة مصيرها ومصير أصحابها. وعلى ما يبدو كانت الغاية من تلك العملية الحصول على أكبر عدد ممكن من البيانات الشخصية التي تُمكّن القائمين على تلك الهيئات، ومعظمهم من غير المعيّنين رسميًا في التعليم ضمن المراكز السورية المؤقتة، تُمكّنهم من استخدام البيانات في تحركاتهم ومنشوراتهم، وتقديم أنفسهم كمسؤولين و”أمناء” في الندوات والنشاطات المعنية بالشأن التعليمي على الرغم من افتقارهم لأدنى متطلبات التمثيل أو الترخيص الرسمي الذي يجيز لهم أيًا من الممارسات السالفة.

أضف إلى ذلك أن القائمين على إدارة صفحات الهيئات المذكورة يستغلونها لنشر ما هبّ ودبّ من منشوراتهم واستخدامها لأغراضهم الشخصية وتحويل جزء كبير منها لتسويقهم وإبرازهم كأفراد ناشطين من خلال نشر الصور واستقطاب أو ذكر أسماء لامعة من الشخصيات السورية المحترمة المشهود بأمانتها وإنجازاتها العلمية، وغالبًا ما تقوم تلك الصفحات بنشر أخبار وقرارات تفتقر إلى التوثيق والمصداقية ما يؤدي في نهاية المطاف إلى خلق حالة من التخبّط والبلبلة لدى العديد من متابعي أخبار التعليم والمعلمين، وتضارب واضح بين منشورات وزارة التعليم التركية الرسمية من جهة والأخبار المتداولة على الصفحات الافتراضية من جهة أخرى.

وبالمقابل، تم إنشاء العديد من الصفحات والمجموعات على “الفيسيوك” وغيره، أخذت على عاتقها متابعة كل ما يتعلق بالشأن التعليمي وتطوراته، ومعظمها يعاني من صعوبة الحصول على المصادر الرسمية للأخبار والقرارات الصادرة من التربية التركية نتيجة الضعف في تعلّم اللغة لكنها تحاول قدر استطاعتها متابعتها وتغطيتها، وتقديمها للمعلم والطالب السورييَّن لإحاطته بآخر التطورات. هذا بالإضافة إلى مؤسسات وهيئات حصلت مؤخرًا على ترخيص للعمل كشركة أو منظمة داخل تركيا والأراضي المحررة، وبعضها الآخر يسعى لكسب الاعتراف من الحكومة التركية لتمثيل المعلمين، كنقابة تمثلهم على سبيل المثال.

والحال، فإن المعلمين السوريين العاملين في تركيا، هم بحاجة اليوم للابتعاد عن كل ما يشوب العملية التعليمية المحيطة بهم وبطلابهم، والاعتماد بشكل رئيسي على المصادر المباشرة من المؤسسة التعليمية التركية لحمايتهم من استغلال “الهيئات والمنظمات” العشوائية غير المنضبطة، التي لا يستبعد أن يكون لبعضها ارتباط بمؤسسات ومنظمات خارجية تسعى لنشر الإشاعات والأخبار المغرضة بين السوريين وأقرانهم من الأتراك. والعمل يسير الآن على قدم وساق لإيجاد جهة تنظم العلاقة بينهم وبين التربية التركية، التي بدأت بالفعل باتخاذ خطوات ثابتة مؤخرًا من شأنها تمكين وتأهيل الكوادر التعليمية السورية للعمل بشكل منظّم ومنضبط داخل المراكز المؤقتة حاليًا وضمن المدارس التركية مستقبلًا بعد الدمج، وكذلك تتعاون مع منظمة اليونسيف للإشراف على ملف التعليم السوري، إلى حين الوصول إلى الحلّ المستقبلي للأوضاع السياسية والاجتماعية القائمة في سوريا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!