محمد المختار دي - خاص ترك برس

تمضي هذه الأيام الذكرى الأولى للانقلاب الفاشل بتركيا وتلك الذكرى الخالدة في تاريخ الشعوب، حين قدم الشعب التركي درسا في الصمود والدفاع عن الديمقراطية وأذهل العالم بهزيمة انقلاب وإفشاله في ساعتين في يوم راقبه العالم أجمع بعين الاحترام والتقدير، حتى الأعداء أنفسهم ومن خططوا للمؤامرة ضد تركيا أذهلهم المشهد ولن يمحى من ذاكرتهم لأنها قصة تستحق أن تكتب لها ألف رواية وأن تخلد في كتب تاريخ الدول العظيمة.

الشعب الحر والزعيم المحبوب الذي قدم لبلاده كل ما يستطيع وما يملك فملك قلوب الناس وحاز رضاهم واستحق أن يفدوهم بأرواحهم  لأنه أكثر من شخص يحكم.

إنهم يرون فيه نموذجا للقائد النادر المخلص الذي ينتشل بلده من القاع ليوصلها إلى القمة معتمدا على نفسه، أردوغان ونظامه قصة نجاح لا ينكرها أحد وشخصية لها وزنها في العالم ومحبتها في قلوب الجميع، وقد أظهر الانقلاب الفاشل مدى الحب الذي يكنه الجميع لذالك الرجل فقد تعاطف العرب والمسلمون جميعا مع الرجل في محنته وكانت الدعوات والقلوب كلها مسلطة على تركيا متمنية أن لا ينجح المتآمرون في انقلابهم.

كان الجميع يومها يهتفون باسم الزعيم أردوغان حتى الذين لا يهتمون بالسياسة والإعلام صاروا لحظتها من أكثر المتابعين فالجميع يسأل: هل نجت تركيا من العسكر؟ إنهم إذا حكموا بلدا أفسدوها، وجعلوا شعبها ذليلا أيامهم تبدأ بوعود وتنتهي بديون وسجون.

لقد كانوا يقيسون نجاح انقلاب تركيا على حال بلدانهم التي حكمها العسكر وكيف صارت بعد عقود من الحكم العسكري فيلعنون اليوم الذي حكمهم في الجنرالات ورضوا بحكمهم، كان الجميع لحظتها يهتف باسم تركيا المدنية المتقدمة وكأنهم يهتفون لأنفسهم، يسقط يسقط حكم العسكر لم يرددوها منذ زمن وذكرهم بها شعب تركيا وهو يلقن المتمردين دروسا من الصعب أن تنسى.

كان الجميع يراقب تلك الساعات.. هناك من يراقب بحذر وهناك من يراقب برجاء وتعاطف وهناك من يراقب بشماتة آملا أن تعود تركيا ألف سنة للوراء وأن يحكم شعبها بالحديد والنار  لأنه اعتاد على السياط العسكرية فتعود على العبودية والاستعباد.

ويتمنى أن يصبح الجميع مثله ولكن الله خيب رجاءه فخرج الشعب التركي من أجل تركيا المدنية أولا والديمقراطية ثانيا وردا لجميل نظام لم يروا منه إلا كل خير وقد أراحهم من الحكم العسكري الذي أذاقهم من جحيمه عقودا ومن المستحيل أن يسمحوا له بالعودة.. الشعب يريد اسقاط الانقلاب وإذا أرادت الشعوب الحرة شيئا وعزمت عليه فلا بد أن يستجيب القدر.

أربع ساعات مشوقة مُعلمّة تُدرّس، حفظتها الشعوب العربية عن بكرة أبيها، وانحنت احتراما لشقيقها التركي ولسان حالها يقول: ليتنا فعلنا مثلكم وتنحت جيوشنا جانبا؟ ألم نكن الآن دولا تعتمد على نفسها؟

السر وراء تعاطف الشعوب العربية مع تركيا إلى جانب الذين الذي يجمعهم مع تركيا والعلاقات التاريخية والأيدولوجيا.. كان أيضا نفسيا، لقد جرب العرب مر الحكم العسكري ولا زالوا يجربون إلى يومنا هذا.

إنهم يفتقدون إلى أوطانهم رغم أنهم يعيشون فيها ولكنهم لا يحسون لا بحرية ولا بحقوق، إنهم يهجرونها بحثا عن الأمان الذين يفتقدون إليه، وماذا يعني الوطن إذا افتقد المواطن للأمان فيه.

إنهم يفتقدون الزعيم الذي يقودهم وينتشلهم من القاع إلى القمة لقد تمنوا لو كان في كل بلد من بلدانهم أردوغان وحكومة أردوغان.

إنهم يفتقدون للمعارضة الوطنية وللإعلام الوطني والفنانين الوطنيين والأدباء والمثقفين الذين يلتفون حول الوطن قبل كل شيء ولا مكان لهؤلاء في ظل الحكم العسكري وتلك بلدان العرب شاهدة.

لقد كان العرب يتعاطفون مع أنفسهم أولا رغم التعاطف مع تركيا المسلمة والشقيقة ويتمنون أن تتنحى جيوشهم جانبا كما تنحى جيش تركيا وترك البلاد في يد أمينة.

عن الكاتب

محمد المختار دي

يدرس الإعلام والاتصال بمعهد الصحافة وعلوم الأخبار. حاصل على بكالوريوس آداب أصلية من نواكشوط


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس