محمد سيف الدين إيرول - أنقرة لدراسة الأزمات والسياسات - ترجمة وتحرير ترك برس 

لنظام الفوضى هدف واحد هو الرغبة في التعجيل بالخلاص في إطار الفهم المسيحاني المنحرف. ولهذا تبذل جميع الجهود من أجل تقويض عملية بناء إسطنبول القوية، التي تعد أكبر عقبة أمام هذا السيناريو الكبير.

يتصور"التحالف الأنجليكاني الصهيوني" المعروف أيضا باسم "الصليبيين الجدد"، أن "الحرب الأهلية الإسلامية" لن تتحقق في سياق مشروع الشرق الأوسط الكبير، وأنهم لن يتمكنوا من البدء في هذا المشروع إلا بعد أن تراق الدماء بين أتباع الأديان حول المسجد الأقصى. بيد أن هذا الصراع لا يمكن أن يكون فعالا في وقت تحافظ فيه تركيا على موقفها الثابت.

ومن ثم فإن "التحالف الأنجليكاني الصهيوني"،  يسعى بقوة  للاستسلام التام  ل"حصن الإسلام الأخير" من خلال العمليات غير المباشرة تحت راية "التعاون" التي تحولت بدورها إلى التدخل المباشر.

وفي هذا السياق أطلقت القوى التي صدرت محاور الحرب عملية نفسية مكثفة تتعلق بمشروعية غزو محتمل لتركيا. من لم يتمكنوا بالأمس من السيطرة على تركيا، يحاولون إبعادها الآن.

ومن هنا، فإن الأزمة التي اندلعت بين تركيا وإسرائيل بالغة الأهمية في هذه المرحلة. وكما بينت في تحليلات سابقة ، فإن الجوانب الثلاثة التالية للعلاقات الغربية التركية هي مؤشرات أساسية لمحور تركيا فيما يتعلق بالولايات المتحدة وهي : 1. تركيا-الاتحاد الأوروبي، 2. تركيا-الناتو، 3. العلاقات التركية-الإسرائيلية.

هذه العلاقات الثلاث في جوهرها تهدف إلى الوصول إلى شيء واحد: أمن إسرائيل وخدمة مشروع إسرائيل الكبرى. ويعد حلف الناتو والاتحاد الأوروبي إلى جانب الولايات المتحدة ضمانات في هذا المشروع، ومن ثم فإن انسحاب تركيا من هذا المحور يعد تطورا خطيرا في حد ذاته وينظر إليه على بوصفه تهديدا.

الخوف من العثمانيين

إذا كانت الإمبراطورية العثمانية في الماضي أكبر عقبة أمام إنشاء إسرائيل، فإن الجمهورية التركية ينظر إليها اليوم على أنها أكبر عائق أمام "مشروع إسرائيل الكبرى".

وفي هذا المنعطف جاء رد الخارجية الإسرائيلية إلى الرئيس، رجب طيب أردوغان، بأن "عهد الإمبراطورية العثمانية قد ولى دون عودة، وأن القدس كانت وما تزال وستظل عاصمة الشعب اليهودي" ليكشف عن هذه الذاكرة التاريخية، ويكشف القلق من تركيا.

وفي هذا الإطار، فإن ادعاء وزارة  الخارجية الإسرائيلية بأن "من كان بيته من زجاج فمن الأفضل أن يمتنع عن إلقاء الحجارة" يعيدنا إلى آخر حقبة للإمبراطورية العثمانية ومحاولة اغتيال السلطان عبد الحميد الثاني والانقلاب عليه. وبعبارة أخرى أسهل فإن إسرائيل تأتي في ثوب الحملان وهي ذئب خاطف.

هل الدور القادم على جمهورية شمال قبرص و"جمهورية كردستان الكبرى"

ومن الواضح أن الأزمات في المنطقة لن تقتصر على قطر وجيرانها. وفي هذا الصدد كان  رد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على تصريح الرئيس رجب طيب أردوغان بشأن "استخدام القوة المفرطة" مثيرا للاهتمام.

وقد ذكر نتنياهو في بيانه أنه "سيكون من المثير للاهتمام أن نرى ما سيقوله أردوغان لسكان شمال قبرص أو للأكراد"، الأمر الذي يعني وجود أزمتين محوريتين يمكن استغلالهما وهما: شمال قبرص التركية والأكراد.

ويمثل هذا الانتقام معلما مهما في سياسة إسرائيل تجاه  حصار تركيا، جاء ذلك بعد "أزمة الدقيقة الواحدة".

ويمثل بيان نتنياهو معلما مهما في سياسة حصار تركيا التي أعلنتها إسرائيل بعد "أزمة الدقيقة الواحدة" بين الرئيس أردوغان والرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريس في دافوس. ويبدو أن المخطط الذي بدأه بيريس قد وصل إلى نهايته.

يبدو أن إسرائيل التي بدأت حصار تركيا  بالقوقاز وجورجيا وأذربيجان، ثم اليونان وقبرص، ومصر، وعدد قليل الدول الأخرى، تدعي أنها أمسكت بخناق تركيا.

وفي هذا السياق، فإن اهتمام إسرائيل بقبرص وأنشطتها في جمهورية شمال قبرص يحمل طموح "كردستان الكبرى" إلى المستوى التالي. وفي هذا الصدد، فإن التطورات الأخيرة في قبرص وفي شرق المتوسط وشمال سوريا والعراق في الشرق الأوسط بالغة الأهمية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس