بولنت أرانديتش - صحيفة تقويم - ترجمة وتحرير عربي 21

بدأت مهام الحكومة الـ 62 تحت رئاسة أحمد داود أوغلو قبل 100 يوم (29 أغسطس 2014). وهناك أهمية كبرى للـ 100 يوم الأولى على تشكيل الحكومة في دولاب السياسة.

تعتبر الـ 100 يوم الأولى لرؤساء الوزراء موضع تقدير أكثر حساسية. حيث تكشف الـ 100 يوم الأولى من عمر الحكومة، مدى خلقها لآمال جديدة بواسطة تحركاتها وخطاباتها وقراراتها، وكيفية تأثيرها في مستقبل الدولة. ففي الوقت الذي تعلن فيه الحكومة الـ 62 برنامجها في البرلمان، أكدت أنها كرست نفسها لبناء تركيا الجديدة، كما كشفت نيتها في العمل على مشروع استعادة الدولة ووحدة أمتنا.

وعند النظر إلى الـ 100 اليوم الأولى من عمر حكومة داود أوغلو، تظهر أمامنا شخصية رجل سياسة ودولة وَقَّع لتنفيذ مشروعات استراتيجية دائمة، كما أنه صاحب رؤية ثاقبة وتحرك واسع. ومن مميزات بطاقة النجاح في الـ 100 يوم الأولى، هو عمله على السير قدماً في حل القضية الكردية والعلوية، التي لو انفجرت لعادت بالدولة إلى الوراء كثيراً، واتباعه نهجا أكثر صرامة لمواجهة التاريخ، وجلوسه مع رئيس الجمهورية طيب أردوغان على "مائدة أنقرة الوطنية".

ولعل وصول البروفيسور داود أوغلو من طشقند في ولاية قونيه إلى العاصمة التركية أنقرة، هو قصة نجاح للجمهورية التركية، في سياق فتح الطريق أمام رجال الشعب.

تأسيس وبناء تركيا الجديدة

دعونا ننظر إلى تاريخنا الحديث لكي نفهم بشكل أوضح روح أبناء الأناضول في أن يتقلدوا منصب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء: لا أحد يستطيع أن ينكر أنه بعد عام 1960، كان اختيار رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء لا يتم إلا تحت تدخل الغرب، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية-بريطانيا العظمى آنذاك. حيث كانت الدول المذكورة تفضل اختيار أصدقائها ومن يدين لهم بالولاء أيضاً.

وعندما وقعوا في المأزق، قاموا بتفعيل دور العسكر من خلال وضع تركيا داخل العمود الفقري لحلف الناتو. ومرت السنين وتغير هذا الوضع رأساً على عقب في الانتخابات التي جرت في 2002 وصعود حزب العدالة والتنمية لسدة الحكم. ويبدو أن دولة مثل تركيا بدأت تتحرر من قيود الغرب، حيث صعد أردوغان ورفاقه إلى سدة الحكم دون أن يدينوا بالولاء لأي قوي خارجية.

كانوا قد صعدوا لسدة الحكم قادمين من أحضان الأناضول، وبين عامي 2002 - 2007، كان بداية وضع اللبنات الأولى لتأسيس جمهورية تركيا الجديدة.

يمكننا القول إنه تم البدء في التخلص من أيدي الوصاة في قصر تشانقايا، وتأسيس تركيا الجديدة مع إجراء استفتاء عام 2010. وإن تأسيس "المائدة الوطنية" في أنقرة تحت قيادة "طيب أردوغان-داود أوغلو" في ظل السياسة الديموقراطية التي خلقتها الإرادة الوطنية، وتحرر تركيا من قبضة الغرب، واكتسابها ميزة الاستقلالية التامة دون الرجوع لأحد، كل ذلك يعتبر بمثابة قصة نجاح أخرى تضاف للجمهورية التركية. وفي الواقع، فإن المائدة الوطنية التي تأسست في أنقرة، لديها إمكانية التحركات الحيوية بهذه القوة في الخارج. وتعمل هذه المائدة الوطنية على توحيد صفوف العالم الإسلامي، الذي يشهد أسوأ حالاته عبر التاريخ.

وفي الوقت الذي تكتمل فيه المائة يوم لرئيس الوزراء داود أوغلو في منصب رئاسة الوزراء، فقد أجريت العديد من استطلاعات الرأي في هذه الفترة. ومع أن غالبيتها بقي في سرية تامة، وبالنظر إلى انعكاسات هذه النتائج على الصحافة، يمكننا تقييم آخر ما توصلت إليه نتائج استطلاعات الرأي على النحو التالى:

استطلاعات الرأي التي جرت في تشرين أول/ أكتوبر- 2014:

- مركز التنمية الاستراتيجية والبحوث الاجتماعية: حزب العدالة والتنمية 46.4%، حزب الشعب الجمهوري 24.8%، وحزب الحركة القومية 14.3%، وحزب الشعوب الديموقراطي 8%.

- مركز سوق المال وبحوث الرأي العام: حزب العدالة والتنمية 50.4، حزب الشعب الجمهوري 24.4، حزب الحركة الديموقراطية 13.1، وحزب الشعوب الديموقراطي 8%.

- مركز بحوث ماك: حزب العدالة والتنمية 51.1%، حزب الشعب الجمهوري 25.6%، حزب الحركة القومية 14.1%، وحزب الشعوب الديموقراطي 5.3%.

- مركز أبحاث "أورك": حزب العدالة والتنمية 47.3%، حزب الشعب الجمهوري 24.6%، حزب الحركة القومية 13.5%، وحزب الشعوب الديموقراطي 8%.

وحسب نتائج استطلاع الرأي التي قامت بها 12 شركة أبحاث مختلفة، يحصل رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو على معظم عدد الأصوات بنسبة تتراوح ما بين 45-49%. كما أنه تجاوز نسبة الـ 50% في 4 استطلاعات رأي أخرى.

النتيجة

تقترب تركيا الجديدة نحو منعطف مهم للغاية تحت قيادة طيب أردوغان- داود أوغلو، اللذين يقومان بتحركات استراتيجية مستمرة داخل تركيا وخارجها، للوصول إلى الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في السابع من حزيران/ يونيو 2015. وعند النظر لكشف حساب الـ 100 يوم الأولى لرئيس الوزراء، يعتبر هو الأقرب للخروج من انتخابات 2015 منتصراً، أي بعد 247 من الآن. وبما أنه في الفترة حتى 2019 لا توجد هناك أي انتخابات طوال الـ 4 سنوات القادمة، ستكون استراتيجية رئيس الوزراء "داود أوغلو"، هي الخطوة الأخيرة للوصول إلى التطبيقات الكاملة – الديموقراطية الكاملة – وتركيا الكبرى.

عن الكاتب

بولنت إرانداتش

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس