متة يارار – صحيفة قرار  - تجمة وتحرير ترك برس

أوصى البيان الصادر عقب اجتماع مجلس الأمن القومي التركي الأخير، الحكومة بإغلاق المجال الجوي أمام إقليم شمال العراق، وبدء الإجراءات من أجل تسليم معبر إبراهيم الخليل إلى الحكومة المركزية في بغداد.

وفي الليلة التي نُشر فيها البيان، أطلقت الحكومة العراقية عملية ضد الإقليم وحزب العمال الكردستاني في كركوك. ولاحقًا رأينا أن العمليات لم تكن مقتصرة على كركوك.

فالحكومة العراقية أجبرت قوات البيشمركة التابعة لإقليم شمال العراق على الانسحاب إلى حدود عام 2003. أما اليوم فقد عادت البيشمركة إلى الحدود الطبيعية باستثناء بعص المناطق الصغيرة.

لكن ما الذي يهم تركيا، باستثناء كركوك، من العودة إلى الحدود الطبيعية؟

أولًا، يتوجب على القوات العراقية تطهير المنطقة حتى الحدود التركية من أجل فتح معبر "أوفاجيك" الحدودي. وأثناء القيام بذلك ينبغي على الجيش العراقي التوجه عبر تلعفر  إلى سنجار ومنه إلى حدود تركيا.

هذا التحرك سيقطع طرق إمداد حزب الاتحاد الديمقراطي، ذراع حزب العمال الكردستاني في سوريا، لأن الولايات المتحدة ترسل الأسلحة عبر هذا الطريق. ويبدو أن هذا التطور سيوقف إرسال الأسلحة، ولو لفترة مؤقتة.

التطور الهام الثاني يكمن في قرار مجلس الأمن القومي. فالمجلس لم يصدر توصيات للحكومة من قبل بخصوص أنشطة سوف تُنفذ في بلد آخر، على حد علمي.

في العاشر من الشهر الحالي وصل تركيا مسؤولو جمارك عراقيون من أجل استلام معبر إبراهيم الخليل. كما أن قوات عراقية تواصل حاليًّا مناورات مشتركة مع الجيش التركي في سيلوبي (المتاخمة للحدود التركية العراقية).

إذا لم يسلم إقليم شمال العراق المعبر الحدودي إلى حكومة بغداد فيمكن استخدام القوة هنا، وعندها ستكون تركيا مشاركة في هذه المهمة.

إذا لاحظتم أن تركيا لا تقدم على أي مبادرة دون سيطرة القوات العراقية على المنطقة الممتدة حتى الحدود التركية. والسبب في ذلك هو أنه لا يوجد بديل في حال إغلاق معبر إبراهيم الخليل. ويبدو  أن هذه المستجدات ستشغل أجندة الفترة المقبلة.

منذ عام 2008 لم تنفذ تركيا عملية واسعة النطاق إلى هذا الحد في شمال العراق. السبب في ذلك هو المشاكل الناشبة مع إقليم شمال العراق.

ففي السابق، كانت القوات التابعة للإقليم مسؤولة عن أمن الطرق اللوجستية للقوات التركية الموجودة في شمال العراق. ويبدو أن هناك مشاكل حاليًّا في هذا الخصوص. وتعتزم تركيا تجاوز هذا الأمر من خلال إجراءات تتخذها على الخط الحدودي.

كما أن القوات التركية تعمل على تطهير المنطقة من ألغام زرعها حزب العمال الكردستاني، استعدادًا لعملية واسعة النطاق ستُنفذ خارج الحدود.

يبدو أن استفتاء حكومة الإقليم غير جميع التوازنات. ويتوجب إعادة تنظيم التوازنات بحيث لا تكون ضد مصالح تركيا. كما ينبغي على أنقرة القيام بكافة الاستعدادات ضد أي أمر واقع يمكن أن يُفرض في العراق.

وضع التركمان، ومساعي حزب العمال الكردستاني ليكون قوة كبرى في المنطقة، والنفوذ الإيراني في العراق، وتأمين طرق الإمداد اللوجستي للقوات التركية، وأمن الحدود، كلها قضايا يتوجب تحقيق التوازن فيها وإيجاد حل لها.

تشير التطورات الأخيرة إلى أن الأوضاع ستسخن بشكل أكبر، بل ستصل إلى مرحلة الغليان في العراق. وستكون مهمة تركيا صعبة للغاية في إقامة التوازن رغم أنف الساعين للاستفادة من عدم الاستقرار.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس