إبراهيم كيراس – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

متابعة لموضوع النظام الرئاسي ... أين كنا أخيراً؟ كنا نتناقش حول إمكانية تحول تركيا إلى النظام الرئاسي وصعوباته. ولكن بسبب تشعب الموضوع فإننا لم نستطع أن نحيط بتحليله بمقالتين. وفي هذه الأثناء كتبنا مقالتين عن العائلة الملكية السعودية. لذلك فلنبدأ بملخص قصير من أجل الذين نسوا والذين سيباشرون حديثاً. في اليوم الأول تناولنا التخمينات المتعلقة بخبر رئاسة أردوغان لمجلس الوزراء , وأجبنا على السؤال القائل: هل يتم إنشاء نموذج للنظام الرئاسي؟ بأن التحول إلى ذلك النظام له صعوبات سياسية لا تقل عن صعوباته الإجرائية, وأشرنا أيضاً إلى أننا لا نستطيع تجاهل التطورات الحاصلة في يومنا.

أما في اليوم الثاني فتحدثنا عن رغبة الرؤساء منذ دميرال إلى أوزال وأردوغان من السياسيين اليمينيين بالنظام الرئاسي بسبب السلطة المستمدة من الشعب. وأن النظام الذي يعرف الآن على أنه نظام وصاية يمكن أن يكون طريقاً للخروج من المشكلة. ( وكذلك فقد كان الاستفتاء الذي جرى عام 2007 والاستفتاء على الدستور والذي أتى بأردوغان رئيساً بالانتخابات ناتجاً عن نفس الحاجة.)

ولكن في هذه النقطة واجهنا السؤال التالي: بما أنه تم التخلص من نظام الوصاية البيروقراطي على نطاق واسع في تركيا, هل مطلب أردوغان بالنظام الرئاسي لا يزال مطلباً محقاً؟ يمكن الإجابة عن هذه السؤال من قبل الجميع جواباً يتناسب مع وجهات نظرهم وآرائهم السياسية. ولكننا لا نستطيع أن نتجاهل الواقع. اليوم يوجد على رأس الدولة رئيس تم انتخابه من قبل الشعب. وفوق ذلك له خبرة سياسية كبيرة وهو مؤسس الحزب الحاكم والمشرف عليه لمدة 12 سنة. علاوة على ذلك فأسلوب أردوغان يتسم بالعملية أكثر مما هو معتاد, وهذا يبرز شخصيته المهتمة بتنفيذ الأعمال. ما أود قوله أننا يجب أن نقبل أننا بدأنا بنظام رئاسي مختلف عما كان سابقاً.

ولنعد إلى السؤال الأول, هل يشكل الوضع الآن الخطوة الأولى نحو النظام الرئاسي؟ برأيي لا. علماً أن السلطات التي يستخدمها أردوغان اليوم هي سلطات منحها القانون لرؤساء الجمهورية بطبيعة الحال. وقد استخدمها الرؤساء السابقين بنسب متفاوتة. وهذا ما يتم نسيانه أو تجاهله في مناقشات هذه الأيام. وبطبيعة الحال فإن موقع رئيس الجمهورية يحتم عليه أن ينشغل بمثل هذه المهام.

يوجد الآن في تركيا نموذج لرئيس الجمهورية حيث يترأس الاجتماع الشهري لمجلس الأمن القومي, ويلتقي أسبوعياً برئيس الحكومة, ورئيس أركان الجيش ومدير جهاز المخابرات ويعين السفراء والمحافظين ومدراء المراكز الأمنية بعد التشاور مع الحكومة, ويعين مدراء وأعضاء العديد من المؤسسات القانونية وفوق كل ذلك يعيّن مجلس الوزراء, ويشارك بآراءه في القوانين الجديدة المعروضة على مجلس الشعب, ويرد القوانين التي لا يراها مناسبة ... وما شابه ذلك.

هل يمكن أن يقال عن هذا النموذج أنه رئيس بعيد عن السياسة أو عن الواقع التنفيذي؟ بالطبع لا. الأصح أننا يمكننا الإدعاء بأن طيب أردوغان يقوم بأكثر من ذلك. ما أود قوله أنه في تركيا يوجد بطبيعة الحال نصف نظام رئاسي من الناحية القانونية والإجرائية.

وقد قلنا في المقال الأول بأن رغبة أردوغان بالنظام الرئاسي لا تعد سراً. وحتى لو كان ذلك من غير الممكن فإنه ليس من الصعب القول بأن أردوغان سيشكل نموذجاً مختلفاً لرئيس الجمهورية. إذن ما هو الفرق المنتظر؟ يوجد احتمال كبير بأننا سنشهد نموذجاً أكثر بروزاً لرئيس الجمهورية تحت تأثير أسلوب أردوغان الشخصي وطريقة تعاطيه مع المواضيع السياسية. أي أن أردوغان سيكون رئيساً يقوم بما كان يقوم به أسلافه بعيداً عن الأنظار ولكن بشكل واضح للعيان وبصوت مرتفع. ولكن ستكون لنتائج الانتخابات التي ستجري في شهر مايو القادم كلمة الفصل في هذا الموضوع.

عن الكاتب

إبراهيم كيراس

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس