برهان الدين دوران – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

انتقلنا إلى مرحلة جديدة في تحقيقات جريمة خاشقجي. أعلن النائب العام السعودي أن جثة الصحفي قُطعت عقب جريمة مدبرة. وأوضح أن هناك 11 متهمًا، طلبت النيابة إنزال عقوبة الإعدام بخمسة منهم.

وبحسب النيابة السعودية فإن نائب رئيس الاستخبارات السابق أحمد العسيري هو من أمر بتشكيل فريق من أجل قتل خاشقجي، كما أن المستشار السابق في الديوان الملكي يخضع للاستجواب. بينما بقي ولي العهد خارج نطاق التحقيقات.

الأمر المؤكد أنه لولا عزم أنقرة في التحقيقات ومهارتها في جمع الأدلة لما وصلنا هذه المرحلة. اضطر النائب العام السعودي لإصدار بيان بعد أن عرضت تركيا الأدلة على من طلبها، ودعت لإجراء تحقيق دولي.

لكن اعتراف الرياض بأن الحادثة "جريمة وخطأ كبير" لا يكفي. هناك ثلاثة أسئلة بلا إجابة. أين الجثة؟ من هو المتعاون المحلي؟ من أصدر التعليمات السياسية؟

السؤال الأخير هام جدًّا لأن الادعاء بأن التعليمات صادرة عن نائب رئيس الاستخبارات لا يقنع أحدًا. من غير الممكن أن يقدم عناصر الاستخبارات على عملية جرئية إلى هذا الحد دون تعليمات سياسية. من الواضح أن قرار إعادة خاشقجي إلى السعودية صادر عن جهات سياسية.

وصلت القضية إلى مرحلة تحديد من سيحاكم قتلة خاشقجي. وهذه المرحلة تتصف بصفتين: سياسية وقانونية. تطالب أنقرة بإجراء تحقيق دولي. يمكن القيام بتحقيق وفق قواعد الأمم المتحدة بيد أن المذنبين لا يمثلون أمام القضاء بنتيجته.

كما أن أنقرة تطلب تسليمها الأشخاص الخمسة عشر و محاكمتهم على أراضيها انطلاقًا من مبدأ إقليمية القانون الجنائي. بمعنى إذا ارتُكبت جريمة على أراضي بلد ما فإن صلاحية مقاضاة الفاعل بيد محاكم البلد المذكور.

أما الرياض فتعارض التحقيق الدولي وتسليم المذنبين لتركيا، من منطلق أن البلد لا يسلم مواطنيه إلى بلد آخر ليحاكمهم. وتقترح إبرام اتفاق تعاون مع أنقرة.

ليست السعودية طرفًا في اتفاقية روما، ولا تعترف بمحكمة الجنايات الدولية. إذا سلمت الرياض المتهمين إلى أنقرة فسوف تنكشف الشخصية السياسية التي أصدرت التعليمات بالقضاء على خاشقجي. ولهذا لن تقدم حكومة الرياض على تسليم المتهمين مهما كلف الأمر.

من المحتمل أن الرياض تعرف الآن ماهية الأدلة التي تمتلكها أنقرة، وبناء عليه أعلنت عن السيناريو الأخير الذي كتبته. أما أنقرة فتعتقد أن القضية لن تنتهي عند هذه النقطة، لننتظر ونرَ ما ستكشفه الأيام القادمة.

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس