أفق أولوطاش – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

يعلم الجميع أن تركيا بحاجة إلى منظومة دفاع جوي. تتبع أنقرة منذ مدة استراتيجية ثنائية الاتجاه من أجل تلبية احتياجيتها العاجلة وطويلة الأمد.

فهي من جهة تستنفر إمكانياتها الوطنية وخبراتها وتقوم باستثمارات في مجال تطوير التكنولوجيا المحلية. وهذا بطبيعة الحال يستغرق وقتًا، لكن مع ذلك فإن تلبية احتياجات تركيا بالقدرات المحلية ستفتح أفقًا جديدة أمامها وأمام حلفائها أيضًا.

وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، تقوم تركيا بأكبر عمليات استثمار في تاريخ الجمهورية في مجال البحث والتطوير، حيث تعمل الوزارات المعنية على قدم وساق.

ومن جهة أخرى، تتجه أنقرة لشراء المنظومة من الخارج بهدف تلبية حاجتها المستعجلة. كما هو معروف، أبدت تركيا اهتمامها بالحصول على منظومة باتريوت من حليفتها في الناتو الولايات المتحدة.

لكن بسبب عدم تقديم واشنطن عرضها في هذا الخصوص، لجأت أنقرة إلى البحث عن بدائل أخرى. وبينما كان الحديث يدور عن أوروبا والصين، قررت شراء منظومة إس-400 من روسيا، وشرعت في إتمام الصفقة.

اتبعت تركيا نهجًا شفافًا قدر الإمكان خلال مراحل الصفقة كلها. روت لحلفائها في الناتو، الذي تؤدي كل التزاماتها تجاهه، خطوة خطوة، الأسباب التي دفعتها إلى اتخاذ قرار شراء إس-400.

ومع ذلك، تتواصل الجهود من أجل تسييس مساعي تركيا لتلبية احتياجاتها، وتحويل التضامن مع أنقرة، الذي لم يظهر في أي وقت،  إلى نوع من الجدل السياسي.

رغم تأكيد تركيا أنها ستستخدم إس-400 بشكل مستقل، وأنها لن تلحق الضرر بالأنظمة المشتركة للناتو، وأنها مستعدة للتعاون التقني في سبيل الحيلولة دون ذلك، ما زالت واشنطن مستمرة في مساعيها لربط صفقة إس-400 بتسليم مقاتلات إف-35، واستخدامها كحملة سياسية جديدة ضد تركيا.

بعد كل هذه الشفافية ليس لتسييس شراء تركيا إس-400 إلا سببين، وهما محل جدل.

إما أن واشنطن تعتقد بأن تركيا لا تحتاج منظومة دفاع جوي. وليس هناك أي جانب معقول في هذا الاعتقاد. فالوضع الجيوسياسي لتركيا يحتم عليها أن تكون في جاهزية تامة

وإما أن الإدارة الأمريكية تعتقد بضرورة عدم تلبية تركيا حاجاتها لمنظومة الدفاع الجوي، وهذا الاعتقاد ليس فيه ما يستحق الأخذ على محمل الجد.

كما هو الحال بالنسبة لكل دولة، من واجب تركيا اتخاذ قراراتها السيادية، واتخاذ كافة التدابير اللازمة من أجل حماية مواطنيها وأراضيها. ولا فائدة ترجى من إثارة الجدل حول إس-400 في غير هذا السياق.

عن الكاتب

أفق أولوطاش

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس