حسن بصري يالتشين – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

يقول الرئيس التركي رجب طيب أدوغان "هذه قضة منتهية"، ويؤكد على ذلك. لكن لا يبدو أن الجدل سوف ينتهي. فالبعض يثير مسألة إس-400 باستمرار. 

يمكنني فهم الضغوط الأمريكية، فالولايات المتحدة لا ترضى باستراتيجية تركيا في تنويع أسلحتها بمنظومة مثل إس-400، وستفعل كل ما في وسعها لعرقلة جهود أنقرة. 

لكن الغريب في الأمر وجود معارضين للصفقة من الداخل. هؤلاء بدأوا بانتقادات تقنية، وجادلوا في جودة إس-400. بيد أنه اتضح بعد فترة أن الأمر لا يتعلق بالناحية التقنية فحسب. 

بالنتيجة نحن لا نشتري بطيخًا. فهذه بضاعة ذات قيمة استراتيجية عالية، ولهذا فإن العرض محدود. 

وإذا كان القرار المتخذ يؤثر على المستقبل السياسي والدبلوماسي، وليس العسكري فحسب، فإن المقارنة بين باتريوت وإس-400 على صعيد المواصفات التقنية، تفقد معناها. 

بعد ذلك، طرحت مزاعم عدم انسجام المنظومة مع أنظمة الناتو وتشكيلها خطرًا على مقاتلات إف-35.

منظومة إس-400 بالنسبة لتركيا ليست قرارًا عسكريًّا فحسب، بل سياسي أيضًا. والشؤون العسكرية تُدار وفق القرارات السياسية، لأن السياسة هي من تقرر وتتعرض للمحاسبة، والسلطة السياسية اتخذت قرارها في هذا الخصوص.

يتوجب على تركيا أن تحمي نفسها في مواجهة حلفائها الذين لم يبيعوها منظومات دفاعية ولم يخجلوا من تركها وحيدة عندما احتاجتهم. 

المشكلة التي طغت على الخمسين عامًا الأخيرة من تاريخ تركيا هي الارتباط بمصدر واحد على الصعيد العسكري. 

طوال تلك الفترة كنا مرتبطين بالولايات المتحدة، فهل شهدنا منها وفاءً؟ لا. على العكس عندما قررنا شراء إس-400، عرضت علينا بيع منظومة باتريوت.

تقول واشنطن إنها لن تسلمنا مقاتلات إف-35، هل هذا ممكن؟ نعم، لكن ليس هناك ما يضمن تسلمنا المقاتلات المذكورة حتى لو تخلينا عن إس-400. 

هل يمكن ممارسة ضغوط اقتصادية على تركيا؟ نعم لكن من الطبيعي أن يكون للاستقلال العسكري والسياسي ثمن. ومن لا يجازفون يمكن أن يبقوا تابعين. 

بحسب ما رأيت، فإن هناك لوبي في الداخل يطلب عدم شراء منظومة إس-400. وهؤلاء ينقسمون إلى قسمين. 

الأول، هم الموالين للولايات المتحدة، فلنتجاهلهم. والثاني هم من يعتبرون أنفسهم وطنيون إلا أنهم لا يملكون الجرأة على القيام بمقتضيات ذلك. 

لو لم تتدهور العلاقات بيننا وبين حلفائنا لما صنعنا اليوم الطائرات المسيرة التكتيكية والمسلحة، ولما استطعنا بيع طائرات إلى أوكرانيا. 

العقلية الجبانة ترتاح، لكنها تضطر للوقوف على باب إسرائيل من أجل الحصول على طائرات الهيرون. أما العقلية الشجاعة فتدفع الثمن، وتفضل الاستقلال.

عن الكاتب

حسن بصري يالتشين

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس