حسين يايمان - صحيفة وطن - ترجمة وتحرير ترك برس

انتهت حكاية ترشح هاكان فيدان لمجلس الأمة بعودته مجددا لرئاسة جهاز الاستخبارات التركي، وكما ذكرت في كتابتي أمس أنّ حزب العدالة والتنمية يريد الاستمرار في محاصرة التنظيم الموازي، ويريد تحقيق عملية السلام مع الأكراد، لذلك حصل ما حصل وعاد حاكان فيدان لرئاسة جهاز الاستخبارات، لكن بكل تأكيد هناك زوايا ورؤى أخرى لهذا الحدث.

وأكثر ما لفت انتباه الجميع هو وقوف أردوغان بكل وضوح ضد ترشح فيدان لمجلس الأمة، وهذه المسألة كانت عالقة بين ثلاثي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس جهاز الاستخبارات، والتوصل إلى النتيجة النهائية أمر هام ومعبر جدا.

اتخذ أردوغان طريقا واضحا من بداية هذا الحدث، عندما أظهر للعلن عدم رغبته بترشح هاكان فيدان، وبرغبته في ضرورة بقائه على رأس جهاز الاستخبارات، وقد أوضح وجهة نظره المعاكسة لوجهة نظر رئيس الوزراء أمام الجمهور، وحصل على النتيجة التي يريدها في النهاية.

هذا الحدث هام جدا وكافٍ لمعرفة القراءة الصحيحة للمعادلات السياسية الداخلية، والبعض من هذا الحدث سيستخلص العبر، والبعض سيتوصل لنتائج هامة حول وضع أردوغان السياسي وبصيرته السياسية.

في البداية دعونا ننظر من هذه الزاوية:

أراد أردوغان كرئيس للجمهورية أنْ يبقي سياسة الدولة تجاه جهاز الاستخبارات وتحكم الدولة به كما هو، لذلك قام هو بالتدخل في القرار النهائي بصورة مباشرة، لكن هذا التدخل المباشر لمؤسسة كبيرة بحجم جهاز الاستخبارات، هو وضع جديد لم تعتد تركيا عليه، والنتيجة المستخلصة من هذا الحدث هو أنّ اردوغان كرئيس للجمهورية أراد إظهار نفوذه السياسي، ليعطي مؤشرا جديدا على تصرفاته وأساليبه السياسية اللاحقة.

الزاوية الثانية للحدث:

أثّر أردوغان بصورة واضحة ومباشرة على سياسة حزب العدالة والتنمية المتعلقة باختيار المرشحين، فحسب الدستور الحالي، على رئيس الجمهورية أنْ يكون حياديا تماما، وقد طبق كل رؤساء الجمهورية حتى عبد الله غُل هذا المبدأ، وعند المقارنة بين اردوغان ورؤساء الجمهورية السابقين نجد أنّ هناك مشكلة وهناك وضع جديد أيضا.

أردوغان هو أول رئيس للجمهورية يتم اختياره بصورة مباشرة من قبل الشعب، لهذا يُعتبر هذا وضع جديد لم يكن في السابق، وتدخله المباشر في سياسة حزب سياسي لاختيار مرشحيه، وتدخله بموضوع ترشح حاكان فيدان، هو أحد أوجه اختياره المباشر من قبل الشعب، وهذا الاتجاه سيقود إلى عدة نقاشات مستقبلية حول ما سيقوم به أردوغان فعليا من أمور لم نعتد عليها من رئيسٍ للجمهورية.

الزاوية الثالثة تتمثل بأولويات المناصب الهامة بالنسبة لأردوغان ولرئاسة الجمهورية:

من المعلوم أنّه لو تم اختيار فيدان كنائب في البرلمان، ربما سيكون هو المرشح الأبرز ليكون وزيرا للخارجية في حكومة داود أوغلو، والنتيجة المستخلصة من ذلك أنّ أردوغان يرى بأنّ جهاز الاستخبارات التركي أهم من وزارة الخارجية وأهم من وزارة الداخلية، لكن لماذا؟

جواب هذا السؤال يتمثل بأحداث غزي بارك، ومحاولة الانقلاب التي جرت بين 17-25 كانونا الثاني/ ديسمبر، وما تبعهما من مشكلة الأمن، ولهذا يريد اردوغان المحافظة على إبراز تلك الأحداث وأنها بالنسبة له ذات أهمية قصوى، أليس كذلك؟ إذا كانت الإجابة نعم، فعلينا رؤية ذلك على أنه جزء هام من السياسة التركية.

هذه مجرد قراءة مني، وحقيقة تركية.