ناصر ناصر - خاص ترك برس

لا يتوقف رئيس دولة الاحتلال والخبير الأول في شؤون التطهير العرقي بنيامين نتنياهو عن إصدار المواقف المتناقضة والمتهافتة والمثيرة للاستفزاز، ولعل آخرها وليس تمامها اتهامه لتركيا بالقيام بحملة تطهير عرقي في الشمال السوري في أعقاب انطلاق عملية (نبع السلام) ضد وحدات الحماية الكردية أو ما يسمى بـ(بي كي كي) أو (بي واي دي)، بهدف إنشاء منطقة آمنة تحمي المصالح القومية الأمنية التركية، وتعيد أكثر من مليون عربي ونحو 300 ألف كردي من المتواجدين كلاجئين في تركيا إلى أراضيهم وبيوتهم التي طردوا منها على يد (وحدات الحماية الكردية)، فماذا يقصد نتنياهو؟ وماذا يريد بهذه التصريحات؟

قد يكون الفلسطيني من بين الأكثر تنديدا من غيره - إن لم يكن أكثرهم - بتصريحات نتنياهو الاستفزازية والمخالفة لحقائق العقل والمنطق والتاريخ والجغرافيا، ليس بسبب تضامنه مع حق الشعب والقيادة التركية بحماية حدودها من قوات معادية أو مع حق السوريين بالعودة إلى بيوتهم شرق الفرات وحسب، بل لأنه أحد أقدم الشهود) على سياسة التطهير العرقي التي مارستها دولة نتنياهو العنصرية منذ نكبة الفلسطينيين في العام 1948 وحتى يومنا هذا، حيث استمرار الاستيطان وطرد الفلسطينيين من أراضيهم وبيوتهم  خير دليل على ذلك.

لا يجب السماح لنتنياهو بخلط الأوراق وتشويه الوقائع والتغطية على جرائمه - وجرائم من سبقه من حكومات - المستمرة في فلسطين والتي حولت التطهير العرقي من مجرد حدث إلى بنية تحكمها القوانين، ومن أبرزها اقرار الكنيست لقانون القومية العنصري قبل شهور، كما أكدته كعنصر ثابت في المشروع الصهيوني الاستيطاني في فلسطين والمختلف عن أي استعمار آخر كفرنسا في الجزائر.

فمشروع نتنياهو اليوم يسعى لإزالة او إزاحة او حتى إبادة السكان الفلسطينيين الأصليين من النواحي القومية والثقافية وما يجري من تهويد للقدس خير دليل على ذلك، وقد يسعى لإزالتهم وإقصائهم فيزيائيا بالطرد تحت غطاء تبادل المناطق إن توفرت له الشروط المحلية والدولية لذلك، فأين هذا من عملية عسكرية تركية واسعة يشارك فيها الآلاف من السوريين وتعمل على إعادة فورية لملايين السكان الأصلانيين لبيوتهم، لتضمن تثبيت وجودهم الفيزيائي والقومي والثقافي بعدما سلبتهم إياه وحدات الحماية الكردية (الأقلية الباغية).

من الواضح أن نتنياهو يسعى بتصريحاته لتمييع أو لتوزيع مجاني لصفة أو مصطلح (التطهير العرقي)، فكل من خالفه أو أغاظه كأردوغان يناله نصيب من ذلك، وفي المقابل وكما أن إسرائيل كلها وبدون استثناء ترفض أن يشاركها أحد او تعمل على احتكار مصطلح (المحرقة النازية) - المدانة من الناحية الإنسانية والأخلاقية – فعلى الفلسطينيين يقع واجب الوقوف في وجه محاولات الاحتلال وعلى رأسه نتنياهو (بترخيص - جعله رخيصًا -) أو تمييع مصطلح التطهير العرقي المرتبط عضويًا بإنشاء وتطور دولة الأبرتايد، والتي يقودها نتنياهو بجدارة حتى وهو على أعتاب دخوله السجن بتهمة الرشوة والفساد وخيانة الأمانة.

لا عجب أن يقوم نتنياهو بالكذب وممارسة التضليل وقلب الحقائق وهو يرى تهاوي وانهيار أحلامه ومخططاته في إقامة كيان حليف جذريًا أو تابع بنيويا في قلب الأمة العربية والإسلامية وفي خاصرة الدولة التركية، على شكل دولة كردية موهومة في شرق الفرات ذو الأغلبية العربية الساحقة على مساحة قد تصل إلى ربع مساحة الدولة السورية، يرى نتنياهو انهيار الحلم (الصهيوني) وعلى يد من؟ على يد الخصم اللدود الذي دعمت إسرائيل زواله دومًا وخصوصًا في 15 تموز/ يوليو 2016، وهي ما تزال تتمنى أن يختفي عن الوجود، إن لم يكن بانقلاب عسكري فبانهيار اقتصادي وإن لم يكن فبانشقاقات داخلية تبعثر القوة وتأسر القرار التركي في دهاليز الأحزاب الصغيرة والكثيرة وصراع الصلاحيات، مصداقًا لتوصية رئيس الموساد السابق أفرايم هاليفي في أضعاف الرئيس الرحوم ياسر عرفات و(بغطاء ديموقراطي) من خلال إنشاء مركز قوة منافس على شكل منصب رئيس وزراء لمحمود عباس.

عن الكاتب

ناصر ناصر

أسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي، طالب دكتوراه علوم سياسية وله قناة تلغرام تنشر ترجمات يومية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس