فهمي كورو - خبر ترك - ترجمة وتحرير ترك برس

لاحظت في الأيام الماضية حالة من التوتر لدى أعضاء حزب العدالة والتنمية لم ألاحظها عليهم من قبل، رغم معرفتي بهم منذ القدم، فأنْ تظهر الاختلافات الداخلية إلى العلن، وأنْ يقول أحدهم "هنا يوجد حكومة أيضا، وأنا لست تمثالا هنا"، يعني أنّ التوتر وصل ذروته.

يزداد القلق وينتشر في صفوف قواعد حزب العدالة والتنمية، هذا القلق منبعه الخوف من تكرار ما حصل للأحزاب الأخرى، من ضعفها وثم تلاشيها، ولا يمكننا أنْ نعتبر هذا القلق والخوف ليس في مكانه، ونحن رأينا أحزابا مثل الحزب الديمقراطي وحزب الوطن الأم وحزب الطريق الصحيح وغيرها، كيف تلاشت وانتهت.

فلنتذكر ما حصل في حزب الوطن الأم، بعدما تم اختيار رئيسه تورغوت أوزال رئيسا للجمهورية، فقد وضع أكثر شخص يثق به وهو يلدريم أكبولوت رئيسا للوزراء، لكن حصل هناك خلاف كبير بينهما بعد أول أزمة، وهي حرب الخليج.

هذه الأزمة السياسية قادت إلى استقالة وزير الدفاع نجيب تورومتاي آنذاك، وكنت أعلم أنّ رئيس الجمهورية أوزال، كان ينتظر من رئيس الوزراء يلدريم أكبولوت أنْ يقدم استقالته أيضا.

لكن ذلك لم يحدث، واستفاد من هذه الأزمة مسعود يلماز، الذي قام بمناورات سياسية متعلقة بشخص رئيس الجمهورية وزوجته وأولاده، وبذلك استطاع السيطرة على الحزب في أول مؤتمر له.

وبعد ذلك كما يعلم الجميع، انحرف مسار الحزب عما وضعه مؤسسوه، وبالتالي بدأ يخسر الانتخابات تلو الانتخابات، وتمكن سليمان دميريل من الإطاحة بحزب الوطن الأم من على سدة الحُكم، ووصلت الأمور إلى أنْ يقول رئيس الجمهورية أوزال "هل عليّ أنْ أترك رئاسة الجمهورية وأعود للعمل السياسي من جديد؟".

ولهذا ليس من فراغ ما يشعر به المنتمون لحزب العدالة والتنمية، والذي يقول لسان حالهم الآن "هل يحصل هذا لدينا أيضا؟"، متذكرين الأزمة التي جرت أيضا في عهد حزب الطريق الصحيح.

لكن على الأغلب لن يسقط حزب العدالة والتنمية في مثل هذه الأمور، وخصوصا أمام مثل هذه الأمثلة التي أعطتنا دروسا كبيرة.

أردوغان يثق بعلاقته المباشرة مع الشعب، وبقوة حضوره لدى القواعد الجماهيرية، لكن قد يكون الأمر غريبا بالنسبة لكم، إذا أخبرتكم أنّ نفس الثقة كانت موجودة عند أوزال ودميريل في السابق، فكيف لا يحصلون على نفس الثقة وحزبيهما كانا قد حصلا في الماضي على نفس نسبة الأصوات التي يفوز بها الآن حزب العدالة والتنمية؟

إذا كان الحزب في أقوى لحظاته، وشعر بلحظات من الغفلة، ذلك يعني - في عالم السياسة - وقوعه في حالة العجز الشديد، لأن المشاكل الحقيقية تبدأ منذ الوصول إلى أعلى القمة، وبعدها يبدأ السقوط المدويّ المفاجئ والحاد دون معرفة ما حصل.

هل حزب العدالة والتنمية في هذه النقطة؟ نعم، يُعتبر حزب العدالة والتنمية الآن وصل إلى القمة، لكن لا نعلم فيما إذا كانت الأزمة الأخيرة هي بداية السقوط أم لا، فهذا سيتضح من خلال التطورات القادمة.

تُعتبر المقامات مثل مقام رئيس الوزراء، ومقام رئيس الجمهورية، مقامات تعزز الوحدة، فمهما كان هناك حشد جماهيري حولهما، ومهما خاطبوا الحشود، إلا أنّ العزلة والوحدة صفة أساسية لهما.

والعزلة والوحدة هي امتحان آخر أيضا، وسأتوقف اليوم هنا.

عن الكاتب

فهمي كورو

كاتب في موقع خبر ترك


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس