أوفق أولوتاش – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

احتل خبر سيطرة المعارضة السورية على مركز ولاية إدلب مكانا هاما في الإعلام، وهو ما يستحقه مثل هكذا خبر، فمع أنّ قسم كبير من إدلب كان تحت سيطرة المعارضة أصلا، إلا أنهم بدؤوا بعملية موجهة نحو مركز المحافظة منذ 4-5 أيام، ونجحوا في إسقاط كل نقاط التفتيش واحدة تلو الأخرى حتى سيطروا بالكامل على المدينة، وقد انسحبت قوات الأسد وشبيحة النظام نحو الجنوب، وتُعد هذه المرة الثانية التي تسيطر فيها المعارضة على محافظة كاملة بعد سيطرتهم على الرقة.

أول ما يجب أنْ نُلفت النظر له حول هذه العملية، هو كيف أنّ اتحاد المعارضة وتوحدها يعطي نتائج إيجابية وقوية وفعالة، فقد تحالفت 7 مجموعات من المعارضة لتشكل "جيش الفتح"، وقد أداروا عملية "غزوة إدلب" من خلال غرفة عمليات مشتركة. هذه المجموعات هي: أحرار الشام، جند الأقصى، جيش السنة، لواء الحق، أجناد الشام، فيلق الشام وجبهة النصرة. وحينما قررت هذه المجموعات سوية الهجوم على مركز المحافظة، نجحوا في السيطرة عليها والتقوا جميعا في مركزها، مسببين بذلك خسارة وهزيمة كبيرة وإستراتيجية للنظام.

انتصار التنسيق

الإعلام رأى جبهة النصرة فقط من بين هذه المجموعات السبعة، وبدأ النظام السوري وعملائه بنشر الخبر على أنّ من قام بذلك هي جبهة النصرة، وذلك من أجل تبرير ما سيقوم به لاحقا من إلقاء للبراميل المتفجرة، ومن أجل تحذير الغرب حول خطورة ما حصل.

حاولوا تغطية فشلهم وهزيمتهم باستخدام اسم جبهة النصرة، بينما في الواقع ما حصل من انتصار عظيم هو انتصار لكل طوائف المعارضة السورية، فهذا انتصار لكل السوريين، وجبهة النصرة ما هي إلا مجموعة واحدة فقط من بين المجموعات الأخرى التي ساهمت بهذا النصر.

يعمل المؤيدون للنظام السوري على تبرير ما حصل من خلال التحجج بثلاث حجج، 1- إدلب هي فخ مُحكم للمعارضة 2- فيديوهات السيطرة على إدلب كلها مزيفة 3- لا يوجد منطقة اسمها إدلب.

لكن في الواقع ما حصل في إدلب هو مثال آخر على تفوق المعارضة في المعارك البرية، فالمعارضة انتصرت بريا على النظام السوري وشبيحته والميليشيات الإيرانية المقاتلة إلى جانبه في مناطق عديدة، وما يتفوق به النظام هو إمطار المنطقة بالبراميل المتفجرة من الجو، وقتل الأطفال والنساء والمدنيين، ليرتكب مزيدا من المجازر المروعة، وبالتالي لو سحبنا الصواريخ المتطورة والسيطرة الجوية من يد النظام السوري، لهرعوا فورا هم وإيران إلى طاولة المفاوضات في جنيف.

دعم الأصدقاء ضروري

هنا تكمن المشكلة، نعم سيطرنا على مركز محافظة إدلب، لكن النظام ما زال يملك القدرة الجوية التدميرية، فسقوط إدلب من يد النظام في أربعة أيام، جعلته يفقد صوابه، وهذا ما يزيد من احتمال شنهم لهجمات جوية صاروخية، وربما يستخدم السلاح الكيماوي مرة أخرى كما فعل في السابق، ولا تملك المعارضة أي أدوات لمقارعة التفوق الجوي للنظام السوري، لهذا ربما يستمر الصراع مجددا في إدلب، واحتمال تدميرها قائم.

إيران تتمدد في المنطقة، وتسعى إلى نشر مقاتليها في ثلاث جبهات ساخنة بنفس الوقت، وكانت "عملية الحزم" أول رد واضح وفعلي على ما تقوم به إيران، وما قامت به المعارضة في إدلب يوضح كيف سيكون حال نظام الأسد لو قُطع عنه الدعم الإيراني.

على أصدقاء سوريا أنْ يدركوا أهمية خطر التفوق الجوي للنظام السوري، وعليهم دعم المعارضة في هذا الجانب بما يجعل شروط اللعبة تتغير، وإذا لم يحصل ذلك، سيرتكب نظام الأسد جرائم ومجازر مروعة من خلال الجو مرة أخرى.

عن الكاتب

أفق أولوطاش

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس