ترك برس

يعد إنشاء ممر بين أذربيجان وناختشيفان، واحدًا من أبرز إنجازات اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُعلن عنه الإثنين، بين أذربيجان وأرمينيا، نظرا لما يتمتع به الممر من دور مهم في ربط تركيا ببلدان العالم التركي (آسيا الوسطى) عبر أذربيجان.

وبعد 44 يومًا من العمليات العسكرية في "قره باغ"، أبرمت كل من روسيا وأذربيجان وأرمينيا اتفاقًا لوقف إطلاق النار، يتضمن إنشاء ممر جديد يربط بين أذربيجان وناختشيفان.

وبالنسبة لأنقرة، يعتبر فتح ممر بري بين أذربيجان وناختشيفان، بداية لحقبة جديدة على المستويين الجيوسياسي والجيواقتصادي بين تركيا وآسيا الوسطى.

فضلًا عن أن الممر الذي سيجري إنشاءه على الأراضي القريبة من الحدود مع إيران وتركيا وأذربيجان، سيعيد ربط تركيا بالأراضي الغربية لأذربيجان براً، لأول مرة بعد قرن كامل.

وبحسب المادة التاسعة من الاتفاق، ستتم إزالة العوائق التي تعترض حركة النقل والروابط الاقتصادية في المنطقة، وسيتم بناء شبكات النقل والمواصلات بين جمهورية ناختشيفان ذات الحكم الذاتي (ضمن أذربيجان) مع المناطق الغربية لأذربيجان (البر الرئيسي).

وقال رئيس الأكاديمية التركية الدولية دارهان قدرعلي، إن التطورات الأخيرة التي شهدتها منطقة جنوب القوقاز، تعتبر على قدر عالٍ من الأهمية ليس بالنسبة لتركيا وحسب، بل للعالم التركي.

وأضاف "قدرعلي" في حديثه لمراسل الأناضول، أن عملية تحرير "قره باغ" من الاحتلال عكست نموذجًا مهمًا للتضامن والتعاون بين بلدان العالم التركي.

وتابع: "تم تحرير جزء هام من أراضي قره باغ وضمان عودتها إلى جمهورية أذربيجان. هذا بحد ذاته إنجاز عظيم. في واقع الأمر، سيلعب هذا الإنجاز دورًا مهمًا وفعالًا في توحيد العالم التركي".

وذكّر قدرعلي بأن الاتصال الجغرافي بين تركيا وناختشفان انقطع عام 1920، إلا أن مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، تمكن من إعادة هذا الاتصال عبر معاهدة قارص (عام 1921).

وتلك المعاهدة، وفق المتحدث، جرى التوقيع عليها بين تركيا العثمانية وأرمينيا السوفيتية وأذربيجان السوفيتية وجورجيا السوفيتية وروسيا البلشفية، وأسست الاتفاقية الحدود المعاصرة بين تركيا ودول جنوب القوقاز، كما منحت تركيا صفة "الضامن الوحيد" لأمن ناختشيفان.

وقال "قدرعلي"، إن "افتتاح الممر ليس حدثًا مهمًا فقط بالنسبة لأذربيجان وتركيا، بل مهم أيضًا من أجل التواصل الجغرافي بين الشرق والغرب، لاسيما وأن ناختشيفان هي قطعة الأرض الوحيدة التي تربط تركيا بالجمهوريات التركية الأخرى".

وأكمل: "افتتاح هذا الممر سيعني مزيدًا من التكامل بين تركيا وبلدان آسيا الوسطى عبر بوابة ناختشيفان".

ووفق الأكاديمي التركي، "من الواضح أن افتتاح ممر ناختشيفان، الذي يعد بوابة لعصر جديد من حيث العلاقات الاقتصادية والسياحية، سيؤدي إلى مكاسب جديدة في مجال النقل بعد أن تم تحقيق الانتصار في قره باغ".

وأشار إلى أن "هذا الوضع سيسهم في إحياء طريق الحرير التاريخي من خلال خلق دعم قوي لطريق باكو - تبليسي – قارص الذي يربط بين تركيا وأذربيجان عبر جورجيا".

** الممر سيوفر تواصل أفضل بين تركيا والعالم التركي

من جانبها، قالت عضو الهيئة التدريسية في كلية العلاقات الدولية بجامعة نيشانطاشي التركية، نورشين آتش أوغلو كوناي، إن الإنجاز الأكبر لاتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى الصراع في "قره باغ" كان تحرير الأراضي الأذربيجانية المحتلة وفتح ممر ناختشيفان.

وأضافت كوناي للأناضول، أن الدعم الذي قدمته تركيا لأذربيجان أتى أكله في "قره باغ"، فيما كشفت التطورات الميدانية أن تركيا باتت ركنًا رئيسًا وحاسمًا في المنطقة.

ولفتت إلى أن وجود تركيا لا يقتصر على شرق البحر المتوسط وليبيا وسوريا، بل أن هذا الوجود المهم للغاية من الناحية الاستراتيجية، يمتد أيضًا في القوقاز.

وأشارت كوناي أن أذربيجان استثمرت فترة الانتخابات الأمريكية والدعم التركي لها خلال أزمة جائحة كورونا بشكل أمثل، ونجحت في تحييد دور "مجموعة مينسك" التي تشارك دول عظمى في رئاستها هي الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا.

وتابعت: "تمكن تركيا وأذربيجان من التوصل لصفقة مع روسيا التي ترى جنوب القوقاز كحديقة خلفية لها في المنطقة، يعبر عن نجاح دبلوماسي مهم، لذلك فإن قبول روسيا وأرمينيا المصادقة على اتفاق وقف إطلاق النار يعد تطوراً هاماً للغاية".

واستطردت قائلة: "وبهذا الاتفاق، أعطت روسيا أيضًا أرمينيا رسالة مفادها: أنا من أنقذك وليس الغرب".

وأضافت: "رغم أننا ما زلنا في مواقف متعارضة مع روسيا في ليبيا وسوريا، إلا أن التوصل إلى اتفاق حول قضية قره باغ يعد نجاحًا كبيرًا ونقطة تحول في دبلوماسية أنقرة".

وأوضحت كوناي أن "ممر ناختشيفان ليس فقط مساحة للاتصال الجغرافي المباشر بين تركيا وأذربيجان، بل هو همزة وصل تصل تركيا مع بلدان العالم التركي، كما من المؤكّد أن يساهم هذا الممر في إعطاء معنى جديد للحركة الاقتصادية والتجارية في المنطقة".

وفي 27 سبتمبر/أيلول الماضي، أطلق الجيش الأذربيجاني عملية في إقليم "قره باغ" المحتل، ردا على هجوم أرميني استهدف مناطق مدنية، وتمكن إثرها، من استعادة السيطرة على 5 مدن، آخرها شوشة، و3 بلدات وأكثر من 200 قرية، فضلا عن تلال استراتيجية.

والإثنين، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، توصل أذربيجان وأرمينيا إلى اتفاق ينص على وقف إطلاق النار في "قره باغ"، مع بقاء قوات البلدين متمركزة في مناطق سيطرتها الحالية، على أن تتسلم أذربيجان 3 محافظات محتلة خلال فترة زمنية لا تتجاوز 1 ديسمبر/كانون أول المقبل.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!