طه أوزخان – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس

ينتشر اللاجئون السورين الذين اضطروا إلى اللجوء إلى دول أخرى نتيجة الثورة السورية في أكثر من 100 دولة ومعظمهم في دول المنطقة. وتركيا من أكثر الدول التي استقبلت اللاجئين. حيث يعيش أكثر من مليوني سوري في بلدنا. وقد بات هؤلاء والنقاشات الدائرة حولهم جزءاً من الدعاية الانتخابية لحزب الشعب الجمهوري ولرئيسه كمال كيليج دار أوغلو. وقد ساهم اقتراب الانتخابات في تنامي هذا الوضع.

أصبحت الأزمة الإنسانية التي نتجت عن الثورة السورية أول امتحان تعيشه البشرية في القرن الحادي والعشرين. حيث تأخذ الخسائر المادية والآلام غير القابلة للوصف التي تسببها تلك الأحداث بالزيادة يوماً بعد يوم. ولا يتجاوز عدد الذين يتعاملون بمسؤولية مع هذه الأحداث أصابع اليد الواحدة.

وفي حين لا يبدو أن هناك من الدول من سيعمل على حل هذه الأزمة باستثاء قبول بعض اللاجئين , يواصل المجتمع الدولي سياسة التعامي تجاه هذه الأحداث. وخاصة الحركات اليسارية في العالم فإنها تعيش تفسخاً أخلاقياً تجاه الأزمة السورية. وتعمل هذه الحركات جهدها لإضافة صبغة شرعية على حزب البعث ونظامه الحاكم في سورية.

وأصبح من المقبول القول أن تأثير هذا الوضع على تركيا بات مرضيّاً. حيث أصبح الذين لم يروا سورياً في حياتهم قبل الأحداث مؤيدين متطوعين لحزب البعث.

ولم يكن لهذا الاتجاه الذي يشكل اليساريون أغلبيته أن يكون بهذا الزخم بتأثيرهم وحدهم. وقد بدأ الرئيس العام لحزب الشعب الجمهوري الحزب الرئيس للمعارضة كمال كيليجدار أوغلو بالضلوع بدور ممثل عن حزب البعث . ولولا هذا التأييد العلني من حزب الشعب الجمهوري لحزب البعث لما استطاعت هذه المجموعات الظهور على العلن كممثلين لحزب البعث بالرغم من التراجيديا التي تعيشها سورية .

أما الكلمات والتعابير التي يستخدمها حزب الشعب الجمهوري وخاصة كيليجدار أوغلو في وصف اللاجئين فهي على قدر لا يمكن وصفه من الانحطاط. علماً أنه يُنتظر من كيليجدار أوغلو الذي مات أجداده الذين كانوا في وضع اللاجئين قبل مدة ليست بالبعيدة في الكهوف عن طريق الغاز أن يكون على أقل قدر من الشعور الأخلاقي. وستكون الطريقة التي يتعامل بها اليساريون مع اللاجئين السوريين الذين لم يتبعهم حتى حزب البعث إلى هنا , ستكون مدعاة للخجل.

وسيرى مؤيدو حزب الشعب الجمهوري الذي سلم تمثيله السياسي لهذا الفريق الذي اتخذ موقعاً سلبياً من قضية اللاجئين السوريين أن ما سيحصلون عليه بعد هذه الحملة الانتخابية ليست هزيمة في الانتخابات وحسب وإنما في نفس الوقت سيكونون قد وصلوا إلى مرحلة متقدمة من الإفلاس الأخلاقي.

لقد دفع نظام الوصاية ثمناً باهظاً في التسعينات من القرن الماضي نتيجة انتهاجه لسياسة تتصف ببعدها عن الأخلاق وهي سياسة يحاول حزب الشعب الجمهوري أن ينتهجها من خلال دعمه الصريح لحزب البعث. أما حزب الشعب الجمهوري فلن يجد ما يقوله لتركيا قبل أن يكون موقفه من القضية السورية أو اللاجئين السوريين على الأقل على قدر من الأخلاق.  

عن الكاتب

طه أوزهان

أكاديمي وكاتب أسبوعي في عدد من الصحف التركية والعالمية.


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس