ترك برس

كانت فرقة الجوقة العسكرية الانكشارية تُحمّس الجنود الأتراك وترفع معنوياتهم في كل مكان يتعرضون فيه للهجوم من العدو، وتواصل اليوم كواحدة من أقدم الفرق العسكرية الموسيقية في العالم تقديم عروضها انطلاقًا  من تقاليدها للعالم بأكمله.

قدّمت الجوقة العسكرية أول أناشيدها للأتراك في عام 1299، في عهد الغازي عثمان بن أرطغرل مؤسس الدولة العثمانية، بعد سيطرته على أراضٍ ممتدة من آسيا الوسطى إلى الأناضول، ووضعه حجر الأساس للدولة العثمانية التي استمر حكمها طوال سبعة قرون.

انتشر الطبل باعتباره رمزًا للسيادة والهيمنة وتقليد العلم في جميع أنحاء العالم الإسلامي من خلال الأتراك، وتحافظ باستخدامها فرقة المهتران على ظهورها خلال الاحتفالات الخاصة بالمناسبات الدينية والوطنية والسياسية.

أرسل السلطان السلجوقي علاء الدبن كيقباد الثالث جوقة موسيقية ترافقها فرقة طبول إلى الغازي عثمان بن أرطغرل، إلى جانب مرسوم الاستقلال، وذلك كرمزٍ لتسليم الراية من السلاجقة إلى العثمانيين.

أصغى الغازي عثمان، إلى المهتر واقفا بدافع الاحترام، ومنذ ذلك الحين وُضع أساس تقليد المهتر وتجذّر منذ ذلك التاريخ، وتواصل الفرقة الانكشارية التابعة لوزارة الدفاع التركية المحافظة على تقليدها وإسماع صوتها في جميع أنحاء العالم إلى اليوم.

شهدت قناة “TRT خبر” على أحد أنشطة الفرقة الانكشارية “مهتران”، التي تمثل تركيا على الصعيدين الوطني والدولي، والتي تؤدي عروضها في كل مكان، بهدف رفع معنويات الجنود الأتراك وإحباط العدو.

وتعد ساحات الحروب من أهم الأماكن التي برزت فيها موسيقى المهتر، فقد لعبت الفرقة الإنكشارية دورا مهما في كل مكان واجه فيه الجنود العثمانيون أو الأتراك هجومًا من العدو، فكانت تحفزهم وترفع روحهم المعنوية وتحبط معنويات العدو في المعارك الميدانية والمعارك البحرية وحصار القلعة.

بالإضافة إلى ذلك فإن المهتر هو صوت الحاكم في أيام السلم، كما يضرب العازفون على الطبل في أوقات معينة، لرفع معنويات الشعب. وفي أقوات الحرب، يسير المهتر في مقدمة الجيش، لقيادة الحرب، ويقهر العدو بقوته، ويحفز الجنود الشجعان.

تطرق الرحالة أوليا تشلبي، في كتابه "سياحة نامة" للحديث عن فرقة المهتر قائلا: "كل طبل بحجم قبة الحمام، التي تعزف في ليالي وأيام الأعياد، يرعد صوتها كالرعد في السماء”. تسمّى الطبلة الكبيرة بـ”الكوس”، وعادة ما يُستخدم منها زوجان.

تأثر الملحنون الأوروبيون بفرق المهتر العثمانبة، كما أدركوا دورها المهم في تقوية روح الجيش الحماسية، لذلك بدؤوا في تشكيل فرق مهتر خاصة في جيوشهم، فتم تأسيس فرق مهتر في بولونيا وأستراليا ثم روسيا وبيروسيا وفرنسا، وهكذا وُضعت أسس الفرق العسكرية.

كان من أشهر الملحنين الأوروبيين الذين تأثروا بموسيقى المهتر موزارت وبيتهوفن وعدة ملحنين مشهورين، وبفضل ذلك ظهر نوع جديد من الموسيقى بأوروبا في القرن الثامن عشر، أطلق على هذه الموسيقى اسم "ألاتوركا".

تمثل أزياء فرقة مهتران المستوحاة من الثقافة العثمانية، فترة الملابس والآلات الموسيقية للقرن الثامن عشر.

تتكون الفرقة الإنكشارية الموسيقية من "فريق التوغ" إلى جانب الموسيقين العازفين لموسيقى المهتر. ويواصل هذا الطاقم نقل الإلهام التاريخي حتى يومنا هذا في المهرجانات والعروض التاريخية داخل البلاد وخارجها.

يترأس فرقة المهتر قائد الوحدة أميري عالم، ومن خلفه حراس مدرّعون، وتمثّل الراية الحمراء وحدة الدولة، والراية البيضاء الاستقلال والراية الخضراء الإسلام.

كان عزف الطبول في عهد الدولة العثمانية يحمل العديد من المعاني والخصائص، وكان يسمى وفقا للوقت الذي يعزف به، فقد سمي ضرب الطبلة عند فتح القلعة: "طبلة البشارة" أو "طبلة البشرى"، كما يطلق اسم "طبلة النظام العام" أو "طبلة الاستراحة" لمنع تشتت الجنود وانهيارهم في ليلة الحرب، وعند لحظة بداية الحرب تعزف "طبلة الملحمة" أو "طبلة الدفاع".

تبدأ مسيرة الفرقة الإنكشارية دائما بالقدم اليمنى، على عكس نظام المسير في الجيوش الحديثة، كما ترحب الفرقة بالشعب بالوقوف ثلاث خطوات والاستدارة يمينا وشمالا.

تبدأ المسيرة المستقيمة بالقدم اليسرى عند إقامة حفلة المهتر، ويتم غناء قطعة موسيقية تسمّى “البشرف”، إلى أن يتم تنظيم المهتر على شكل هلال.

تمثل منطقة الطبل في وسط الهلال، النجمة على العلم التركي، ويمثّل الهلالُ الذي أنشأه الموسيقيون الآخرون الهلالَ على العلم التركي.

وبعد انتهاء حفل “مهترباشي”، يُؤَدّى دعاء المهتر المسمى "غولبانك"، وتغادر الفرقة مكان الحفل أثناء عزفها لمقطوعة “البشرف”.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!