ترك برس

يعيد الفنان دنيز ساغديتش، تدوير جميع أنواع النفايات، خاصة منتجات المنسوجات وتحويلها إلى أعمال فنية جميلة، مستخدما نفايات لمواد مثل قماش الجينز والأزرار والدوائر الإلكترونية والكابلات.

توجد في خزائن العديد منا ملابس لم يتم ارتداؤها منذ فترة طويلة، أو ملابس مهترئة نوعا ما، قد يتبرع البعض بالملابس الجيدة الفائضة عن حاجته للمحتاجين، وقد يلقي البعض الآخر الملابس الجيدة والمهترئة في القمامة، ولكن، ماذا لو امتلك فنان خزانة مليئة بملابس كهذه؟ هل يمكنه تزيين لوحاته بأقمشتها المهترئة؟ وهل يمكن أن تتحول لعمل فني كما لو أنها رسمت بفرشاة فنان؟

التقت قناة “TRT خبر” بالفنان دنيز ساغديتش، في ورشته بإسطنبول، التي يخيط فيها الأزرار ويلصق البلاستيك والكابلات، كما تمتلىء جميع جدرانها بلوحات أشخاص ضخمة، يلاحظ الناظر إليها بأن عيونهم تنظر إليه وبأنها مصنوعة من أشياء مختلفة عن بقية اللوحات.

اقترب المراسل من إحدى اللوحات ولاحظ بأن قِطعَها مكونة من قماش الجينز، ولم يتم تلوينها بالألوان بل صُنعت بالكامل من قطع الجينز البالية. وفي لوحة أخرى مختلفة تمامًا، اعتمد الفنان على تثبيت لوحات دوائر النفايات الكهربائية على القماش بالبراغي، لتظهر لوحة فنية رائعة الجمال.

يقول ساغديتش، إن كل مادة في ورشته تستخدم بطريقة تنسجم مع العمل الفني، متحدثًا عن قصة جمعه بين إعادة تدوير النفايات والفن: "حصلت على المركز الأول عند تخرجي من قسم الرسم في كلية الفنون الجميلة، أصنع الفن المستدام، الذي يعني استدامة كل من المادة والفن، وقد بدأت به بعد ملاحظتي وجود نفايات بكميات هائلة من حولنا، فأنا أيضا مستهلك وأشارك في جنون الاستهلاك، لذلك قررت أن أنظم نفسي أولا، متسائلا: هل يمكنني صنع عمل فني من الملابس المهترئة وبناطيل الجينز؟ وقد بدأت بالعمل والتجربة، وأنتجت مادة رائعة وكانت تجربة لا تصدق”.

ويشير ساغديتش إلى أن “البشر كلهم من شتى الأعراق والمشارب يعرفون قماش الجينز، فهو من أكثر المواد انتشارا في العالم، ويمكن استخراج مئات الأعمال الفنية من طن واحد من الجينز الأزرق. لقد استمتعت كثيرا بعملي وقررت القيام بإنتاج المزيد منه، وبالطبع لم تكن ملابسي كافية لهذه الأعمال، وتعد بلادنا مركزًا لإنتاج المنسوجات والأقمشة بجودة عالية جدا، يتم تصديرها لجميع أنحاء العالم، لذلك توقعت وجود نفايات بكل تأكيد”.

ويضيف: “بعد البحث وجدت بأن نسبة نفايات المنسوجات تتراوح ما بين 8-16% في تركيا، وقد عرضت عملي الفني على إحدى الشركات من قص وتقطيع البناطيل، لأنني بحاجة للمزيد من النفايات لإنتاج عمل واحد، فلم يصدقوا بل اعتقدوا أنها طلاء زيتي، ثم بدؤوا بإرسال صناديق من النفايات والبناطيل ذات العيوب”.

ولا يقتصر عمل ساغديتش على استخدام القماش في إنتاج أعماله فقط، لأن كل أنواع المخلفات تتحول لأعمال فنية، ويقول عن ذلك: “الشيء الوحيد الذي يعتبر هدرا في العالم هو نفايات الجينز وليس نفايات المنسوجات، كما توجد أيضا الكثير من النفايات مثل الإكسسوارات والأزرار والسحابات والأوراق ونفايات الدوائر كهربائية والنفايات الإلكترونية والبلاستيك. وقد بدأت مغامرتي بالفضول لمعرفة ما إذا كان بإمكاني تحويل الأشياء الموجودة في حياتنا إلى أعمال فنية".

وأوضح أنه يقدم أعماله بتقنية خاصة به: “أستخدم كل قطعة بالمادة التي تقع بين يدي، وأحاول قدر الإمكان أن أغير لونها أو شكلها. أبدأ من المركز بشكل حلزوني، ثم أعمل باتجاه دائري، وآخذ قطعة من القماش، وقد أنتجت الكثير من القطع الفنية بأشكال مختلفة عن طريق القص واللزق، كما لو أنني أرسم بالفرشاة. كانت رغبتي في البداية العمل لتحقيق رؤية “صفر نفايات”، وعندما وصل إلى يدي بنطال، أنتجت منه عدة أحزمة وجيوب ومن كل بقاياه قطعًا لا تخطر على بال".

ولدى سؤاله عن كيفية إنتاجه عملا فنيا دون إفساد طبيعة المواد، أجاب ساغديتش: “أدركت أن لكل مادة قصة ولغة خاصة حسب القطع التي يتكون منها، كيف ينتج الزر وكيف يبرز السحاب أو كيف تتشكل لوحة الدائرة الإلكترونية، لذلك قررت المحافظة قدر الإمكان على هيئه المادة عند استخدامها، لتبقى بنفس اللون والشكل والخدمة، عند استخدامي زرًا يجب أن أخيطه، أو لوحة دائرة كهربائية تحتاج للتثبيت بمفك البراغي، أو قطعة قماش يجب علي أن أجعل خيوطها متماسكة”.

وتابع قائلا: “تتواصل معي شركات ومؤسسات مختلفة وحتى من لديه الكثير من الأدوية، يسألني هل يمكنني إرسالها لك؟ وأيضًا متجر الأثاث الذي ينتج أقمشة تنجيد، بمعنى آخر كل ما يخطر في البال من مواد يمكنني إنتاج عمل فني منها، يتصلون بي ويقدمونها لي. يتحول أي عمل فني أصنعه من هذه المواد إلى قصة، ليوجه إلي سؤال: ما الذي يمكنك فعله أيضا؟”.

ويضيف: “يستغني الجميع عن الأشياء بسرعة، وبصفتي فنانًا لا أستغني عن أي شيء بل أصنع منه عملا فنيا، فإذا كنت طبيبًا فما الذي تستطيع فعله؟ أو لو كنت مدرسًا فماذا تستطيع أن تفعل؟ هل يمكنك أن تكوّن من أشيائك قصة جديدة لطلابك بدلا من الاستغناء عنها".

وأكد قائلا: “ما أرغب بقوله: بما أنني فنان سأستطيع فعل ذلك فهذا مجال عملي، وسؤالي: ماذا يمكن لكل واحد أن يُقدّم في مجال عمله".

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!