(جانب من تشييع السلطان عبد الحميد الثاني)

ترك برس

يوافق اليوم الخميس، الذكرى الـ 104 لوفاة عبد الحميد الثاني، آخر أقوى السلاطين العثمانيين، حيث يستحضر ذكره في عموم العالم الإسلامي الذي عرفه بمشاريعه المختلفة التي امتدت على عموم الإمبراطورية العثمانية.

أبصر عبد الحميد الثاني النور في إسطنبول يوم 21 سبتمبر/أيلول 1842 بـ"قصر جراغان"، كابن للسلطان عبد المجيد الأول والسلطانة تيرمُجكان.

وتتلمذ على يد أشهر مدرسي عصره فأتقن الفارسية والعربية والفرنسية، فضلاً عن تلقيه دروساً في الموسيقى، وزار مصر وأوروبا برفقة عمه السلطان عبد العزيز.

وبحسب تقرير لـ "TRT عربي" فقد اعتلى عبد الحميد الثاني العرش العثماني، في 31 أغسطس/آب 1876، ليكون آنذاك السلطان الرابع والثلاثين من سلاطين الدولة العثمانية، والسادس والعشرين من سلاطين آل عثمان الذين جمعوا بين الخلافة والسلطنة.

جاء صعوده إلى العرش بعد خلع شقيقه مراد الخامس وعمه السلطان عبد العزيز، على خلفية مساعي رجال الدولة والإداريين لتأسيس صيغة إدارة مشروطية (دستورية) لحكم الدولة العثمانية.

وبعد ذلك بوقت قصير، جرى إعلان أول دستور للدولة العثمانية الذي عُرف باسم "القانون الأساسي"، في 23 ديسمبر/كانون الأول 1876.

واجه السلطان عبد الحميد العديد من المشاكل فور اعتلائه العرش، ولعل أبرزها إعلان روسيا الحرب على الدولة العثمانية في 24 أبريل/نيسان 1877.

ورغم الانتصارات التي حققها القائد عثمان باشا في بلفن (مدينة شمال بلغاريا) والقائد أحمد مختار باشا في الجبهة الشرقة، إلا أن المسار العام للحرب لم يتغير. إذ اضطرت جيوش الدولة العثمانية للانسحاب من مساحات واسعة وتعرضت إسطنبول وغيرها من المدن العثمانية لموجات هجرة حملت معها عشرات آلاف المهاجرين من المسلمين والأتراك.

وقّعت الدولة العثمانية في 3 مارس/آذار 1878، على معاهدة سان ستيفانو مع روسيا؛ لإنهاء الحرب الروسية العثمانية (1877-1878)، التي أدت إلى ظهور دولة بلغاريا.

وفي 4 يونيو/حزيران 1878، صادق السلطان عبد الحميد الثاني، على مضض، على معاهدة وقعت عليها الحكومة العثمانية بخصوص تسليم المملكة المتحدة مؤقتاً إدارة قبرص.

وفي عهد السلطان عبد الحميد، أُجبرت الدولة العثمانية، وفقاً لمعاهدة برلين الموقعة في 13 يوليو/تمّوز 1878، على قبول دفع تعويضات لروسيا عن سنوات الحرب.

جمع السلطان عبد الحميد مراكز إدارات الدولة في قصر يلدز، بدعم وتأييد من بعض رجال الدولة، وأسس جهاز استخبارات قوي عُرف باسم "جهاز يلدز للاستخبارات".

سياسات داخلية وخارجية

وأجبرت الصعوبات التي واجهتها السياسة الخارجية، وخاصة الدسائس التي حاكتها الدول الأجنبية ضد السلطنة، السلطان عبد الحميد الثاني على تطبيق نهج صارم في إدارة الدولة.

آمن عبد الحميد الثاني بضرورة الإصلاح وأن ظهور نتائج الإصلاح يتطلب إعطاء حركة الإصلاح الوقت الكافي، كما سعى إلى تجنيب الدولة الحروب العبثية وأعبائها الثقيلة.

حافظ السلطان عبد الحميد الثاني خلال فترة حكمه على نمط حياة بسيط، ولم يتوان قط عن المساهمة في دعم خزينة الدولة من ماله الخاص، وخفض مصاريف القصر إلى الحد الأدنى.

أعطى عبد الحميد الأولوية لدفع الديون الخارجية وتحسين القطاع الاقتصادي، وتوصل في 20 ديسمبر/كانون الأول 1881 إلى اتفاقية مع ممثلي الدائنين الأوروبيين (عرفت باسم اتفاقية محرَّم)، جرى بموجبها تأسيس "إدارة الدين العام العثماني"، لهيكلة ديون الدولة والوفاء بها من خلال بعض عائدات الدولة.

بذل السلطان عبد الحميد الثاني جهوداً جمّة من أجل تعزيز العلاقات مع العالم الإسلامي وشرع ببناء ومد خطوط السكك الحديدية، وربط مدن الدولة ببعضها بواسطة تلك الخطوط.

كان الهدف الرئيسي في السياسة الخارجية، ضمان عيش الإمبراطورية بسلام؛ حيث استفاد السلطان من المصالح والأطماع المتضاربة للدول الغربية، ولهذا تغيرت السياسة الخارجية بموجب الظروف المتغيرة في العلاقات الدولية، ولم يدخل في اتفاقية مستدامة مع أي دولة، وقام بأنشطة دبلوماسية متنوعة بهدف شق صف الدول الكبرى قدر المستطاع.

وحاول السلطان عبد الحميد، عبر سياسة الاتحاد الإسلامي، مواجهة مساعي العملاء البريطانيين لنشر الفكر القومي العربي، وتعيين خديوي مصر خليفة بدعوى أن الخلافة من حق العرب.

وسعى السلطان عبد الحميد إلى نشر الإسلام في أقاصي الأرض مثل جنوب إفريقيا واليابان، من خلال ارسال العلماء، وأمر بتشييد خط الحجاز الحديدي الممتد من دمشق إلى مكة.

وتعتبر قضية فلسطين، من المسائل المهمة التي أبدى فيها السلطان عبد الحميد صلابة وحقق فيها نجاحاً جزئياً؛ حيث رفض عرضاً من الصهاينة بسداد الديون الخارجية، مقابل إقامة دولة لليهود في فلسطين.

كما اتخذ السلطان عبد الحميد سلسلة من التدابير للحيلولة دون هجرة اليهود إلى فلسطين، من أصقاع العالم، واستيطانهم فيها.

في العاشر من فبراير/شباط 1918، توفي عبد الحميد الثاني، وبتعليمات من السلطان رشاد جرى دفنه بعد يوم من وفاته في مقبرة السلطان محمود الثاني، بعد مراسم تأبين خاصة بالسلاطين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!