حسناء كلنج أرسلان - ترك برس

كان السلاطين العثمانيون ينظمون احتفالًا دراسيًّا لأبناءهم عند بلوغهم الخامسة من عمرهم، المرحلة التي تعرف بالتركية بـ"شاه زاده، ليبدأ بعدها الأبناء بالدراسة وتلقي العلم على يد المعلمين المختصين الذين يختارهم السلطان.

وما إن يدخل الابن مرحلة البلوغ، يمكنه في حينها اختيار شيخه، فإذا كان أستاذه على قيد الحياة يمكنه أن يختاره، وفي حالة وفاة أستاذه يختار الابن واحدًا من العلماء المشاهير في تلك الفترة كشيخ له. ولا شك أن الأبناء يستفيدون بشكل كبير من علم الأساتذة وخبراتهم.

اشتهرت هذه العادة في الدولة العثمانية، واستمرت حتى عهد السلطان السابع "السلطان محمد الفاتح"، والذي كان لديه 4 شيوخ مشهورين عندما كان في مرحلة شاه زاده، منهم: ابن تمجيد (İbn tecmid) وهو المعروف بالقصائد العربية والفارسية، وقد استفاد السلطان الفاتح من علمه كثيرا.

ومن مشايخ السلطان الفاتح ملا سراج الدين حلبي (MOLLA siraceddin halebi)، وهذا العالم كانت له مكانة خاصة عند مراد الثاني والد السلطان محمد الفاتح، وملا عاياس (MOLLA Ayas)، وملا غوراني (MOLLA Gürani). وفي "مرحلة السلطان" وصل عدد مشايخ الفاتح إلى 7. وإجمالا كان السلطان الفاتح قد اتخذ لنفسه 11 شيخًا.

درس السلطان محمد الفاتح من أساتذته علم الرياضيات، والهندسة، والتفسير، والحديث، والفقه، والكلام، والتاريخ. كما تعلم اللغات العربية، والفارسية، والمصرية، واللاتينية، واليونانية بغية مخاطبة مجموعة مختلفة من الذين يعيشون تحت حكمه و يتكلمون بلغتهم خاصة. وقد اهتم أيضًا بالأدب، وكانت له عدة قصائد مشهورة منها  قصيدة "آوني".

كل ذلك يدل على اهتمام السلطان مراد الثاني بالدراسة كثيرا، ولذلك اختار كل العلماء والشيوخ المشهورين في عهده حتى يُتم تربية أولاده على أكمل وجه.

كان السلطان محمد الفاتح كذلك رجلا علميا، ولذلك اهتم بتصنيع سلاح المدفعية أيضا. ففي الحروب كان يفضّل استخدام المدفعية لإخافة العدو فقط، لكنّ الفاتح نجح بالشيء الذي لم يخطر ببال أحد قبله، وهو استخدام المدفعية التي صممها بنفسه لهدم الأسوار الكبيرة، كما استخدمها في ميادين المعركة.

ولمحمد الفاتح مكان خاص في تاريخ الدولة العثمانية وحتى في تاريخنا إلى يومنا هذا، فهو لم يكن مجرد سلطان قام بعدد من الفتوحات فقط، فقد برز في المجالات السياسية أيضا، وأصدر كثيرًا من القوانين في المجالات المالية والحقوقية لتنظيم إدارة الدولة العثمانية.

وفضلًا عن اهتمامه بالعلم، أسّس محمد الفاتح عدة مدارس دينية و علمية درس فيها على مدار السنين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!