ترك برس

بعد مرور 32 يوم على إجراء الانتخابات البرلمانية التي جرت في 7حزيران/ يونيو الماضي، قام رئيس الجمهورية "رجب طيب أردوغان" بتكليف رئيس حزب العدالة والتنمية "أحمد داود أوغلو" بمهمة تشكيل الحكومة الجديدة. ومع هذا التكليف تكون مرحلة تأسيس الحكومة الجديدة قد بدأت فعليا.

وبسبب زيارة رئيس الوزراء داود أوغلو إلى البوسنة والهرسك، فإنّ اللقاءات مع قادة الاحزاب ستبدأ اعتبارًا من الأسبوع القادم. فمن المتوقع أن ينهي داود أوغلو برنامجه في البوسنة يوم الاحد المقبل ليعود إلى العاصمة أنقرة.

وضمن برنامج اللقاءات التي سيعقدها داود أوغلو عقب عودته من البوسنة، فإنّه سيزور رئيس حزب الشعب الجمهوري "كمال كلجدار أوغلو" في تمام الساعة 14:00 من يوم الإثنين القادم الموافق لـ 13 تموز/ يوليو الجاري، ومن ثم رئيس حزب الحركة القومية "دولت بهتشلي" لينهي زياراته في الجولة الأولى بلقاء رئيس حزب الشعوب الديمقراطية "صلاح الدين ديميرطاش".

ما الذي سيحصل خلال الجولة الأولى؟

خلال الجولة الأولى من جولاته على قادة الأحزاب السياسية، سيقوم داود أوغلو بشرح مفصل لتطلعاته وأهدافه من الحكومة الجديدة. كما سيقوم داود أوغلو خلال هذه الجولات بالاستماع على آراء ومقترحات قادة الأحزاب حول كيفية تشكيل الحكومة الجديدة.

إنّ احتمال توصل الأحزاب إلى اتفاقية خلال الجولة الأولى من المحادثات، يبدو احتمالاً ضعيفاً للغاية حتى الان، فمن المتوقع خلال هذه الجولة أن يقوم كل حزب بتبيان مواقفه ونواياهم وخطوطه الحمر للأحزاب الأخرى. وسيقوم حزب العدالة والتنمية وأحزاب المعارضة بعد ذلك بالإعداد للجولة الثانية والتجهيز لها بعد أنّ يوضح كل حزب مطالبه من أجل التحالف للأحزاب الأخرى.

من المعلوم أنّ يوم 16 تموز/ يوليو يصادف عطلة يوم عرفة ويوم الجمعة المقبل موعد عيد الفطر السعيد. لذلك فإنّ من المتوقع أن تبدأ المرحلة الثانية من اللقاءات بعد عطلة العيد.

ماذا يوجد في حقيبة حزب الشعب الجمهوري؟

كان رئيس حزب الشعب الجمهوري "كمال كلجدار أوغلو" والذي سيزوره رئيس الوزراء داود أوغلو يوم الإثنين القادم، قد أعلن عن حزمة شروط مكونة من 14 مادة، سماها المبادئ التي لا يمكن التفاوض عليها أثناء اللقاءات التي ستعقد من أجل تشكيل الحكومة الجديدة. ومن المبادئ التي أعلن عنها كلجدار أوغلو داخل هذه الحزمة: التخلص من القوانين والنظم الحقوقية الناجمة عن دستور عام 1982، وإصدار قوانين ضابطة للأخلاق السياسية، ومنح مكافأة للعاملين في الدّولة بقيمة راتبين خلال الأعياد الدينية كل عام، ورفع الحد الأدنى لأجور العمال إلى 1500 ليرة تركية.

أكّد كلجدار أوغلو مِرارًا وتكرارًا أنّه لن يساوم في هذه المبادئ ولن يتخلّى عنها مهما كانت الأسباب. ومن المتوقع أن يذكر كلجدار أوغلو هذه المبادئ لرئيس حزب العدالة والتنمية أيضًا ويصرّ على عدم التنازل عن أيٍّ من هذه الشروط. كما أنّه من المتوقع أن يطالب كلجدار أوغلو أثناء لقائه بداود أوغلو، بالتزام رئيس الجمهورية بحدوده الدستورية وإعادة فتح ملف الوزراء الأربعة السابقين في حكومة حزب العدالة والتنمية والذين تمّ اتهامهم بعمليات اختلاس، حيث تمّت تبرئتهم من قِبل البرلمان التركي خلال الدّورة الماضية.

ومن البديهي أن يرسم اللقاء الأول الذي سيجري بين الزعيمين، ملامح اللقاءات القادمة التي من المتوقع أن تجري بينهما.

ماهي الوزارات التي يطالب بها حزب الشعب الجمهوري؟

من الواضح أنه تمّ تعيين عدد وأسماء الوزرات التي سيطالب بها حزب الشعب الجمهوري في حال تمّ التفاهم مع حزب العدالة والتنمية على تشكيل الحكومة الائتلافية. فحزب الشعب الجمهوري يرغب في الحصول على وزارة الخارجية من أجل نشر مفهومه الدبلوماسي للعالم الخارجي، كما سيطالب الحزب بالحصول على وزارتي العدل والداخلية من أجل مكافحة الفساد المستشري في البلاد حسب تعبير بعض المسؤولين في الحزب.

ماذا سيقول رئيس حزب الحركة القومية لداود أوغلو؟

بعد إنهائه زيارته إلى حزب الشعب الجمهوري، سيتوجه داود أوغلو في اليوم التالي إلى مقر حزب الحركة القومية للقاء رئيس الحزب "دولت بهتشلي". ومن المعروف للجميع أن دولت بهتشلي وكافة أعضاء هذا الحزب، يشترطون إنهاء عملية المصالحة الوطنية الجارية بين الأتراك والأكراد من أجل البدء بالمحادثات لعقد تحالف مع حزب العدالة والتنمية. كما أن من المتوقع أن يكون هذا المطلب حاضرًا وبقوة أثناء لقاء داود أوغلو بدولت بهتشلي، لا سيما أن الأخير أعلن عدة مرات أنه سيقول لداود أوغلو عند اللقاء به إنّ مسيرة المصالحة الوطنية هي مسيرة التفكيك وعلى حزب العدالة والتنمية إنهاء هذه المسيرة بشكل فوري.

وعلى غرار حزب الشعب الجمهوري، سيطالب حزب الحركة القومية داود أوغلو بإعطاء ضمانات حول إعادة فتح ملف الوزراء الأربعة المتهمين بعمليات اختلاس والتزام رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان ضمن حدود الصلاحيات الدستورية الممنوحة له.

موقف الحكومة الحالية من المحادثات

أكد داود أوغلو قبل البدء بعملية المحادثات مع زعماء الأحزاب، أنه من الخطأ تحديد شروط مسبقة وخطوط حمراء، وأن مثل هذه التصرفات من شأنها إعاقة عملية بين الأحزاب. وفي هذا الصدد قال داود أوغلو: "سيناقش حزب العدالة والتنمية مع قادة الأحزاب كافة السيناريوهات، وسيستمع لكافة الاقتراحات وسنأخذ ذلك على محمل الجد، باستثناء قضية رئاسة الجمهورية والمطالب الدائرة حولها فهذا خط أحمر بالنسبة لنا ولن نسمح لأحد بالنقاش حولها".

أين هو موقع حزب الشعوب الديمقراطية من سيناريوهات التحالف؟

اتبع حزب الشعوب الديمقراطية إلى يومنا هذا استراتيجية تعتمد على سياسة الترقب من الخفاء والبقاء في الخلف في كل خطوة. وعندما أُشيعت بين الأوساط الإعلامية أنباء عن تحالف وشيك بين حزب الشعوب الديمقراطية وحزب العدالة والتنمية، خرج زعيم الحزب صلاح الدين ديميرطاش ليصرح علنًا بأنّ حزبه لم ولن يعقد أي تحالف مع العدالة والتنمية ولن يدعم أي خطوة يكون حزب العدالة والتنمية جزءًا منها وسيظلّ يعارض سياسات العدالة والتنمية.

وخلال خطابه الذي ألقاه أمام أنصاره عقب إعلان النتائج غير الرسمية للانتخابات في 7 حزيران/ يونيو الماضي، صرح ديميرطاش بأنّ الناخب اختار لحزب الشعوب الديمقراطية، دور المعارضة خلال المرحلة القادمة. لكنه لم يغلق الباب تمامًا أمام المشاركة في الحكومة الائتلافية عندما قال: "لن نغلق الباب أمام النقاشات التي ستدور بخصوص الحكومة الائتلافية".

ومن أولويات أعضاء حزب الشعوب الديمقراطية خلال محادثات التي ستدور حول تشكيل الحكومة الجديدة، هي مستقبل عملية المصالحة الوطنية وضمان استمراريتها خلال المرحلة القادمة.

كيف يتم تأسيس الحكومة المنتخبة؟

مع استلام رئيس حزب العدالة والتنمية "أحمد داود أوغلو" مهمة تشكيل الحكومة الجديدة، من قِبل الرئيس أردوغان، فإنّ الفترة الدستورية تكون قد بدأت فعليًا، حيث من الواجب على داود أوغلو تشكيل الحكومة الجديدة خلال فترة أقصاها 45 يومًا، وذلك حتى تاريخ 24 آب/ أغسطس القادم. وفي حال فشل داود أوغلو بتشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة، وامتناع الرئيس أردوغان بتكليف شخص آخر لتشكيل الحكومة الجديدة، فإنّ الناخب التركي سيذهب إلى صناديق الاقتراع من جديد. وبحسب ما ورد في الدستور التركي من الفترات الزمنية المسموحة لتشكيل الحكومة الجديدة، وفي حال فشل الأحزاب في تشكيل هذه الحكومة، فإنّ تركيا ستجري الانتخابات المبكرة بحلول النصف الثاني من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر القادم.

وعندما تتحقق هذه الاحتمالات، ستنشغل الأوساط التركية حينها بتشكيل الحكومة الانتقالية التي ستدير شؤون البلاد حتى موعد إجراء الانتخابات الجديدة وتشكيل الحكومة. وبحسب ما نص الدستور في مثل هذه الحالات، فإنّ الأحزاب المشاركة في البرلمان التركي سترسل أعضاءها إلى مجلس الوزراء وذلك بحسب نسب الأحزاب في الانتخابات الأخيرة. وبناءً على ذلك فإن الحكومة الانتقالية ستضمّ وزراء من حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري، بالإضافة إلى حزب الحركة القومية وحزب الشعوب الديمقراطية.

هل يطالب البرلمان التركي بانتخابات مبكرة؟

يستعد نواب البرلمان الجدد الذين فازوا في الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من حزيران/ يونيو الماضي، يستعدون للبدء بالعمل تحت سقف البرلمان، غير أنهم يخشون من عدم قدرة قاداتهم تشكيل الحكومة الجديدة، وبالتالي فإنهم يخشون من مستقبلهم المجهول. ولذلك فإن معظم النواب الجدد لم يحددوا بعد أماكن إقامتهم الرسمية في العاصمة أنقرة، فهم إما ينزلون بشكل مؤقت في الفنادق، أو يبيتون عند أقربائهم. والأحاديث التي تدور بين أروقة البرلمان، يوضح أنّ غالبية النواب الجدد يعارضون فكرة الذهاب إلى انتخابات مبكرة.

لمن الكلمة الفصل في نهاية المطاف؟

على الرغم من عدم رغبة النواب الجدد وقادة الأحزاب في إعادة الانتخابات البرلمانية، إلا أنّ القرار النهائي في هذا الخصوص عائد للرئيس أردوغان لما يتمتع به من صلاحيات دستورية تخوله إعطاء التعليمات بشأن إجراء الانتخابات المبكرة أو إعادة الانتخابات التي جرت في السابع من حزيران/ يونيو الماضي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!