ترك برس

منذ تأسيس الاتحاد الأوروبي باسم "المجموعة الاقتصادية الأوروبية" أو "السوق الأوروبية المشتركة" في عام 1957 بموجب اتفاقية روما سعت تركيا لدخوله، وقدمت طلب انضمام كامل عام 1959، ولكن انضمام تركيا بشكل كامل لم يتم. وفي عام 1963 تم توقيع اتفاقية شراكة بين أنقرة والسوق الأوروبية المشتركة كأساس للتفاوض بينهما لإتمام العضوية الكاملة لتركيا. وبعد مساحة واسعة من التفاوض ومد وجزر في المفاوضات قامت تركيا بتقديم طلب انضمام بعضوية كاملة في عام 1984 ولكن لم ترد المنظومة الأوروبية بشكل إيجابي على تركيا وأرجأت الطلب إلى التفاوض الكامل من أجل إيصال تركيا إلى وضع يؤهلها إلى أن تكون مرشحة للانضمام بعضوية كاملة.

وفي عام 1999 قُبلت تركيا كمرشحة للانضمام للاتحاد الأوروبي ولكن لم تبدأ المفاوضات بهذا الشأن، وفي عام 2005 بعد نشاط جاد من قبل حكومة حزب العدالة والتنمية في هذا المجال، قبل أعضاء الاتحاد الأوروبي بدء المفاوضات مع تركيا على أنها مرشحة للانضمام بشكل كامل للاتحاد، ولكن إلى اليوم لم تستطع تركيا الانضمام للاتحاد الأوروبي بصفة "عضو دائم وكامل".

منذ عام 1959 إلى يومنا هذا، حوالي أكثر من 60 عامًا، وتركيا تحاول الانضمام للاتحاد الأوروبي بشكل كامل، وعلى الرغم من إبدائها نجاحًا ملموسًا في جميع المجالات التي طلبها ويطلبها منها الاتحاد الأوروبي، إلا أن الأخير يبدو غير جاد في قبول دولة إسلامية تحتوي على 80 مليون مواطن مسلم على حد تعبير عبد الله غُل الرئيس التركي الأسبق.

في هذا السياق، تناول الباحث في معهد أنقرة الاستراتيجي "سيفي طاش هان" الوضع الحالي للعلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي تحت عنوان "الوضع الأخير للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا"، ويبدأ طاش هان تقريره بإحضار شهادة لبعض المسؤولين الأتراك الذين أفادوا بشكل واضح أنه من الصعب لتركيا دخول الاتحاد الأوروبي على هيئة عضو كامل، حيث يقول الباحث " أفاد قبل فترة سفير تركيا لدى الاتحاد الأوروبي "سليم يانال" بأن "تركيا لن تصبح في يومٍ من الأيام عضوًا كاملًا ودائمًا لدى الاتحاد الأوروبي، لذلك يجب عليها البحث عن بدائل أخرى في سياستها التعاونية".

أما الوزير التركي الأسبق لشؤون الاتحاد الأوروبي أغامان باغيش فقد أفاد في لقاء صحفي على أحد قنوات التلفاز أنه "يبدو أن تركيا لن تصبح في أي يوم من الأيام عضوًا دائمًا لدى الاتحاد الأوروبي، والسبب في ذلك هو عدم رغبة الاتحاد الجدية في انضمام تركيا إليه بشكل كامل ودائم".

ويشير طاش هان إلى أن "هناك عدة عناصر موجهة ومقوية للعلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي يمكن ذكر أهمها بالشكل التالي:

ـ الأسباب التاريخية: بعد تأسيس تركيا كدولة جمهورية وتبنيها لمبدأ الحداثة والعلمانية وجدت نفسها أقرب إلى الاتحاد الأوروبي ثقافيًا واقتصاديًا، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وبسبب الاتفاق العسكري بين الطرفين أصبح هناك ارتباط وثيق بينهما استمر لفترات طويلة.

ـ الأسباب الجغرافية: وجود بعض أجزاء تركيا الجغرافية داخل حدود القارة الأوروبية، كما يوجد أكثر من 14 مليون تركي يقطنون في أوروبا مما يجعل لتركيا ثقلًا ديمغرافيًا جغرافيًا داخل أوروبا.

ـ تشابه نظام القانون والدستور: بعد تأسيس الجمهورية التركية عام 1923 أصبحت قوانين الدستور التركي بأغلبها مستمدة من القوانين الأوروبية وخاصة السويدية والفرنسية.

ـ الحرب على الإرهاب المنتشرة في مناطق عدة من العالم، والتي تستدعي توثيق العلاقات التعاونية والمعلوماتية بين الطرفين.

وحسب رأي الباحث أنه "على الرغم من هذه العناصر المقربة للعلاقات بين الدولتين إلا أن هناك عدة أسباب ظهرت في الفترة الأخيرة أعاقت من مفاوضات انضمام تركيا بشكل كامل ودائم للاتحاد الأوروبي وجعلت الوضع الأخير للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا سيئًا؛ هذه العناصر يمكن ذكرها بالشكل التالي:

ـ عدم قدرة تركيا على تطبيق قواعد حقوق الإنسان الخاصة بالاتحاد الأوروبي بشكل كامل.

ـ الفرق الثقافي الجاد والكبير الذي ظهر في الفترة الأخيرة بين الهوية التركية وهوية الاتحاد الأوروبي.

ـ اختلاف سياسة تركيا الخارجية مع بعض سياسات الدول الأوروبية مثل ألمانيا التي تروج للإرهاب على أنه نابع من العالم الإسلامي الأمر الذي ترفضه تركيا.

ـ نظرة مواطني الاتحاد الأوروبي وحكامه السلبية تجاه تركيا على أنها دولة إسلامية أنهكت أوروبا لفترة طويلة وأعاقت تقدمها أيام الدولة العثمانية؛ ويرون أنّه في حال انضمام تركيا إلى الاتحاد الاوروبي فسيدخله فوج إسلامي ضخم ويعيد إعاقة تقدم أوروبا وتطورها.

ـ الجانب الاقتصادي، قوة تركيا الاقتصادية التي أصبحت منافسة للاتحاد الأوروبي وبشكل قوي. تخشى دول الاتحاد الأوروبي من زيادة قوة الاقتصاد التركي وقوة منافسته بعد انضمام تركيا إليه.

وفي نهاية التقرير يبين الباحث أنّه "على الرغم من وجود معيقات معقدة تجعل تطور العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي أمرًا مستحيلًا، وتجعل من انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي أمرًا غير ممكن بعد اليوم إلا أنه يمكن تخطي هذه المعيقات من خلال زيادة التعاون الاقتصادي المتبادل بين تركيا والاتحاد الأوروبي، بشكل يجعل مواطني الاتحاد الأوروبي وقيادته يستوعبون مدى إيجابية وفائدة تركيا الاقصادية المتبادلة لهم، هذه الفائدة ستغطي على النظرات السلبية لهاتين الفئتين تجاه تركيا. أيضًا محاولة تركيا تطبيق قواعد حقوق الإنسان بشكل كامل يمكن أن تزيد من قوة العلاقات السياسية بين الطرفين، ونتمنى بأن تزيد هذه الخطوات من دفع عجلة تطور العلاقات بين الطرفين مع أننا نعتقد بأن أمر انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي أمر صعب في الفترة الحالية".

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!