سامي كوهين – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

من الواضح أنّ هناك بعض النقاط الغامضة حيال الاتفاق العسكري المبرم بين القيادة التركية والإدارة الأمريكية بخصوص الحرب ضدّ تنظيم الدّولة (داعش). وأحد أبرز هذه النقاط الغامضة، هي مسألة إقامة منطقة آمنة في المناطق الشمالية لسورية. فالتصريحات التي تصدر من أنقرة وواشنطن بهذا الشأن، تدل على أنّ هناك وجهات نظر مختلفة وأنّ الطرفان لم يستطيعا بعد من التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن.

من المعروف أنّ القيادة التركية تحاول ومنذ بدء الأحداث الدموية في سوريا إنشاء مثل هذه المناطق الآمنة في القسم الشمالي من سوريا وبالأخص في المناطق القريبة من الأراضي التركية، وتسعى لأجل ذلك جاهدةً لإقناع الإدارة الأمريكية بضرورة إقامة هذه المناطق. وللحكومة التركية عدّة مبررات لإقامة هذه المناطق. فمن هذه المبررات، الحد من تدفق اللاجئين السوريين تجاه الأراضي التركية. فالحكومة التركية تسعى لتخصيص مكان لهؤلاء اللاجئين ضمن الأراضي السورية، بدل إيوائهم في تركيا. وبالتالي تكون الحكومة التركية قد خفّفت الأعباء المترتبة على عاتقها جرّاء نزوح اللاجئين إلى أراضيها.

والمبرر الثاني وراء إصرار الحكومة التركية على إقامة المناطق الآمنة داخل الأراضي السورية، هو أنّ القيادة التركية لا ترغب في رؤية العناصر الإرهابية التي تنتمي لتنظيم داعش والمنظمات الإرهابية الأخرى بالقرب من حدودها.

لماذا يعارضون فكرة إقامة المناطق الآمنة؟

من المعروف أنّه لا يمكن اتخاذ قرار إقامة المناطق الآمنة بمعزل عن إجماع المجتمع الدّولي. ولأجل إعلان هذه المناطق يجب على الدّولة التي ترغب في إقامة المناطق الآمنة، الحصول على موافقة الأمم المتحدة واتخاذ التدابير العسكرية للحفاظ على سلامة تلك المناطق. ولقد رأينا كيف أنّ الإدارة الامريكية تحجّجت بهذين البندين كي تتهرب من مسؤولياتها في هذا الصدد.

الحكومة التركية وبعد الاتفاق العسكري المبرم مع الولايات المتحدة الأمريكية والذي أفضى إلى مشاركة تركيا بشكل فعلي في الحرب ضدّ تنظيم داعش، قامت بإحضار هذا الملف مجدّدًا إلى طاولة المباحثات مع المسؤولين الأمريكيين. فالمسؤولون الأتراك يرون أنّ بالإمكان المحافظة على سلامة تلك المناطق الآمنة بعد تطهير عناصر تنظيم داعش من المناطق الشمالية لسوريا.

نعم لقد تمّ التفاهم خلال المحادثات التركية الأمريكية على إبعاد عناصر داعش من المناطق الشمالية لسورية وتسليم زمام الأمور في هذه المناطق إلى المعارضة السورية المعتدلة، إلّا أنّه لم يصدر قرار واضح وصريح حيال إنشاء المناطق الآمنة والعازلة.

من وكيف سينشئ المنطقة الآمنة؟

تصريحات المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأمريكية حيال عدم طرح فكرة إقامة المناطق الآمنة داخل الأراضي السورية، توحي بأنّ غموضًا ما يلفّ هذه القضية. في الحقيقة هناك العديد من الأسئلة المطروحة حول كيفية إقامة مثل هذه المناطق. فعلى سبيل المثال من هم الذين سيتولون عملية التطهير من عناصر داعش بريًا؟. وما مدى القوة العسكرية الموجودة بحوزة قوات المعارضة السورية التي ستقوم بعملية التطهير؟. فالهزيمة التي تعرضت لها عناصر المعارضة السورية الذين خضعوا لبرنامج التدريب والتأهيل، أثرت على معنويات العديد من الجماعات المعتدلة المحاربة داخل سوريا. والحقيقة أنّه من غير المنطقي أنّ نتأمل الشيء الكثير من مسألة التدريب والتأهيل هذه. وفي هذا الوضع، لا بدّ من سؤال يتبادر إلى أذهاننا: وهو من سينشئ المناطق الآمنة؟ وكيف؟.

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس