إسماعيل ياشا - أخبار تركيا

قرأت قبل أيام تقارير في وسائل الإعلام السعودية أن عائلة سعودية تعرضت في مطار أتاتورك بإسطنبول للاعتداء عليها، وكان في التفاصيل أن أفراد العائلة وقفوا في الطابور لإكمال إجراءات الخروج والختم على جوازاتهم، ولكن الشرطي عندما جاء الدور عليهم رفض أن يختم على جوازاتهم لأنهم “سعوديون”، وقال لهم “يله يله”، ثم اعتدى هو وزملاؤه على السيدة السعودية وأولادها، هكذا دون أي سبب.

لم أصدق القصة، ولكني لم أكتب شيئا حتى أتحدث مع الأخ طه كينتش، مستشار رئيس الوزراء التركي، الذي نفى حدوث شيء من هذا القبيل، وأبلغني أنه يتابع الموضوع عن كثب. وبعد ذلك، جرت بيننا اتصالات وأطلعني مشكورا على تفاصيل الحادثة أولا بأول، وقال إنه تحدث مع مدير المطار ورجال الشرطة وشاهد تسجيلات كاميرات المراقبة، مؤكدا أنه لم يتم الاعتداء على المرأة ولم يتم اعتقالها، ونشر بعد ذلك تفاصيل الحادثة في حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”.

كانت التقارير المنشورة في وسائل الإعلام السعودية الرسمية وشبه الرسمية لا تشير إلى كثير من تفاصيل القصة، مثل الوقوف في الطابور المخصص لذوي الاحتياجات الخاصة وعض أحد أولاد العائلة يد موظف الخطوط السعودية، عراقي الجنسية، الذي طلب منهم الوقوف في ذلك الطابور، وعدم خروج أفراد العائلة  من الطابور المخصص لذوي الاحتياجات الخاصة على الرغم من طلب الشرطي وتأكيده أنه مخصص لذوي الاحتياجات الخاصة، والتدافع الذي حصل بين الأولاد والشرطي.

يبدو جليا أن هناك حملة شرسة ممنهجة تشن ضد تركيا وتستغل هذه الحادثة من خلال التضخيم والمغالطة وإخفاء بعض جوانبها، إلا أن المؤسف هو تورط الإعلام السعودي الرسمي في تأجيج المشاعر وتأليب الشعب السعودي ضد تركيا.

السفارة السعودية في العاصمة التركية أنقرة في بيان لها، كما نشرت صحيفة الرياض في موقعها، أعربت عن “تقديرها للتعاون التام مع الحكومة والجهات التركية المختصة واهتمامها الكبير على كافة المستويات للتحقيق في هذه الحادثة”، وقالت: “هذا الأمر ليس بمستغرب من جمهورية تركيا الشقيقة في ظل العلاقات الودية بين البلدين والحرص الدائم على تعزيزها وتطويرها على كافة المستويات الرسمية والشعبية”.

نعم؛ الحكومة التركية التي قامت بفتح تحقيق عاجل “لن تسكت أو تتهاون حيال أي تجاوزات على الإطلاق”، وهو أمر ليس بمستغرب من جمهورية تركيا، ولكن ماذا عن المملكة العربية السعودية الشقيقة؟ وهل سنرى منها خطوات عملية لإنهاء حملات التحريض والتشويه التي يقوم بها الإعلام السعودي الرسمي وشبه الرسمي ضد تركيا؟ أم أن هذا مستغرب من المملكة الشقيقة؟

السفير السعودي لدى تركيا، عادل مرداد، يذكر جيدا الشائعات التي انتشرت في مايو / أيار الماضي في مواقع التواصل الاجتماعي حول قيام عصابات بخطف السياح الخليجيين في تركيا للمطالبة بالفدية المالية أو ببيعهم إلى تنظيم “داعش”. وقد صاحب الشائعات إطلاق هاشتاغ في موقع “تويتر” لتحذير الخليجيين من السفر إلى تركيا لقضاء إجازاتهم. وكان سعادته نفى آنذاك ما تردد عن تسجيل حالات اختطاف لسعوديين في تركيا، وأعرب عن انزعاجه من هذه الشائعات التي يستغلها من سمَّاهم “ضعاف النفوس”، وتوعد بمتابعة مطلقيها.

المتابعون للعلاقات السعودية التركية يعرفون الأشخاص ووسائل الإعلام والجهات والحسابات التي تقوم بإطلاق مثل هذه الشائعات وحملات التحريض والتشويه الممنهجة ضد تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان. وهي ليست ببعيدة عن الإعلام السعودي – مع الأسف الشديد – وعن جارة السعودية التي لها طابور خامس قوي في داخل المملكة. وأعتقد أن الهدف من إطلاق هذه الشائعات والحملات المغرضة والمضللة لا يخفى على سعادة السفير. وإن كان تعزيز العلاقات السعودية التركية وتطويرها “على كافة المستويات الرسمية والشعبية” يعنيه فإن المطلوب منه أن يسعى لإنهاء الحملات التحريضية القذرة التي تقف وراءها أطراف سعودية وإماراتية، لتقدم الحكومة السعودية خطوات عملية بهذا الاتجاه حتى نقول نحن أيضا بملء الفم: “هذا الأمر ليس بمستغرب من المملكة العربية السعودية الشقيقة في ظل العلاقات الودية بين البلدين والحرص الدائم على تعزيزها وتطويرها على كافة المستويات الرسمية والشعبية”.

عن الكاتب

إسماعيل ياشا

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس