
جلال سلمي - خاص ترك برس
من غير بحث في تعمقات اللغة والجغرافيا والتاريخ لا يمكن فهم القيمة السياسية والاقتصادية والثقافية الكبيرة لمنطقة الشرق الأوسط التي تعد المنطقة الأولى التي خرجت منها الحضارات الإنسانية الأقدم في العالم مثل الحضارة السومرية والفنيقية والبابلية وغيرهما، من منطقة الشرق الأوسط ومن خلال هذه الحضارات خرجت اللغات الأولى في العالم ونزلت الديانات السماوية على البشر وتطور التاريخ البشري وكما أن هذه المنطقة منذ القدم من أكثر المناطق الغنية بالموارد والمصادر الطبيعية والمواقع الجغرافية الاستراتيجية.
وحسب المواثيق التاريخية لم يستطع الشرق الأوسط حماية نفسه وثقافته وثرواته إلا من خلال الدول القوية التي حكمته بقوة وحزم شديدين مثل الدولة الرومانية والدولة الأموية والدولة العباسية والدولة السلجوقية والدولة الأيوبية ومملوكي مصر والدولة العثمانية التي كانت آخر دولة حافظت عليه وعلى ثرواته من أطماع الدول الإمبريالية الغاشمة.
وبما يخص فترة حكم الدولة العثمانية لمنطقة الشرق الأوسط فإن هذه الفترة بدأت بعد معركة مرج دابق "1516" ومعركة الرايدانية 1517 واللتان على إثرهما فتح السلطان العثماني ياووز سليم الشام ومصر ومن ثم بلاد الحجاز وضم منطقة الشرق الأوسط إلى حكمه ووحّدهما مع منطقة الأناضول، واستمرت فترة حكم الدولة العثمانية لمنطقة الشرق الأوسط 4 قرون حيث بدأت رسميًا عام 1517 وانتهت عام 1917، ونعمت منطقة الشرق الأوسط خلال هذه الفترة بحماية عثمانية كاملة وغير منقطعة.
وتروي المصادر التاريخية بأنه خلال فترة حكم الدولة العثمانية لم يُجبر أحد على تغيير دينه أولغته ولم يتم اقتصار الوظائف على الأتراك فقط بل تم توزيعها على جميع مواطني الدولة العثمانية بلا استثناء وكان غير المسلم قبل المسلم يعمل في أعلى وظائف ومراكز الدولة دون أي تفرقة أو تمييز.
ولكن بعد ضعف الدولة العثمانية بعض الشيء وبعد اكتشاف النفط وبعض المواد الخام الأخرى في منطقة الشرق الأوسط بدأت الدول الأوروبية الإمبريالية الطامعة في هذه الثروات بحياكة المكائد والمؤامرات للقضاء على السيطرة العثمانية العادلة لمنطقة الشرق الأوسط وبالتالي الاستيلاء على ثروات منطقة الشرق الأوسط بسهولة ودون أي اعتراض من أحد، ولم يكتفوا بذلك بل عملوا على تطبيق سياسة "فرق تسد" لتحلو لهم السيطرة بكل سهولة فأصبح هناك عدد كبير من الدول أو الدويلات المُقسمة وأصبحت بعض هذه الدول حاقدة على بعضها الآخر وتولت الدول الغربية مسألة دعم هذه الدول وكأنها صديقة لها ولكن للأسف هي نفسها التي كانت تشعل فتيل الحرب والفتنة والحقد بين هذه الدول الصديقة في الأصل وتقوم بدعمها بالسلاح والمهمات العسكرية، وأكبر مُصيبة أورثها المُستعمر لمنطقة الشرق الأوسط هي دولة "إسرائيل" التي تشعل المنطقة دومًا بالفتن والحروب.
ويرى الكاتب السياسي التاريخي نظيف غورداغان، في مقال تقييمي له بعنوان "الشرق الأوسط يشتاق للدولة العثمانية" نُشر بتاريخ 20 تشرين الأول/ أكتوبر في جريدة "يني شفق" التركية بأن "الشرق الأوسط اليوم هو في اشتياق عظيم وكبير للدولة العثمانية التي حكمته لمدة 4 عقود متعاقبة دون أي تمييز أو تفرقة أو طمع في ثرواته بل قامت بحمايته على أساس الواجب الإسلامي الذي يقضي بضرورة وجود خلافة أو دولة إسلامية كبيرة لحماية دار السلام "بلاد الإسلام".
ويضيف الكاتب قائلا ً "الشرق الأوسط، بما فيها تركيا، اليوم يحتاج إلى التكاتف والتعاضد لتأسيس دولة مُوحدة تسير على أساس الائتلاف والتوحد لخدمة المصالح المشتركة لسكان المنطقة ولدحض أطماع الدول الغربية عن المنطقة مثلما كانت الدولة العثمانية وغيرها من الدول تفعل من أجل حماية منطقة الشرق الأوسط من غدر الدول الغربية واستيلائها الهمجي".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!