جلال سلمي - خاص ترك برس

شهدت المنطقة تعقيدًا أكبر مما كانت عليه قبل التدخل الروسي إذ أصبحت اليوم تحت مصب تصادم دولي، وإلى اليوم لم تُعلن نيته الحقيقية وأهدافه النهائية، وفي ظل هذه التعقيدات الجسيمة التي تشهدها المنطقة يرى خبراء بأن هناك الكثير من  الواجبات التي يجب على تركيا تطبيقها على جميع المستويات المحلية والإقليمية والدولية من أجل تخطي هذه المرحلة بشكل إيجابي يصب في صالحها.

ويروي الباحث في مركز الأبحاث الاستراتيجية "سام" التابع لوزارة الخارجية التركية أفق أولو طاش بأنه قبل أسبوع اتجه وزملاؤه إلى روسيا للقاء مركز أبحاث روسي مُعادل لسام من ناحية الهيكلية ونظام العمل لمناقشة تطورات العلاقات التركية الروسية المختلفة في الفترة الأخيرة.

ويرى أولوطاش بأن التوقيت كان رائعًا جدًا لإعطائهم فرصة لتباحث التوتر المتصاعد بين الطرفين بشكل مباشر ودون وسائط وفي نفس الوقت الذي تشهد العلاقات فيه هذا التوتر، ويضيف أولو طاش بأنه "كان على الطرف الروسي هناك اسمين مهمين في مجال سياسة روسيا الخاصة بالشرق الأوسط أو اسمين يمكن اعتبارهما المفتاحين الأساسيين في سياسة روسيا في الشرق الأوسط وهما ممثل بوتين الخاص في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أما الآخر فهو رئيس معهد الشرقيات الأكاديمي فيتليي نومكينو واللذان قاما بطرح خطة روسيا ورؤاها الخاصة في منطقة الشرق الأوسط من خلال المحاضرات التي ألقوها على مسامعنا في الاجتماع المغلق بيننا وبينهم".

وحسب أولوطاش فإن هذين الاسمين هما "طابخا" السياسة الروسية في سوريا خاصة ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام، ويشير أولوطاش بأن "أكثر نقطة لافتة للانتباه خلال الاجتماع هو تصرف الروس بحساسية زيادة في قضية العلاقات التركية الروسية، وحرص الطرف الروسي خلال هذا الاجتماع على التأكيد على العلاقات الثنائية القوية بين الطرفين وتجنب الدخول في مناقشات حادة تتعلق بالمسألة الأرمنية أو مسألة احتلال روسيا لجزيرة القرم في أوكرانيا أو قضية استهداف روسيا للمعارضين المعتدلين وليس داعش أو قضية خرق الطائرات الروسية للأجواء التركية".

ويردف ألوطاش في حديثه عن الانطباع العام للاجتماع بالقول بأنه "حسب الاجتماع والتباحثات التي تمت بيننا لا يمكن إطلاقًا للعلاقات الثنائية بين الطرفين بأن تتدهور بشكل جذري، بغض النظر عن علاقة الاعتماد المتبادلة الشديدة والمتنوعة بين الطرفين، الطرف الروسي بالفعل لا يريد أن يخسر علاقاته مع الطرف التركي خاصة في ظل الحصار الدولي والغربي بشكل خاص المفروض عليه بعد احتلاله لروسيا".

ويوضح أولوطاش بأن "الخروقات الجوية التي تمت من قبل الطيران الروسي للأجواء التركية جميعها كان بالخطأ وغير متعمد إطلاقًا، ولكن كهيئة لم نقتنع بهذا العذر واعتبرناه غير مُقنع لا سيما في ظل تكراره مرارًا وتكرارًا ونقلنا للطرف الروسي اعتراضنا الشديد على هذا التدخل وإننا سنقابله برد رادع في الأيام المقبلة في حال تم تكراره، وتقرر خلال الاجتماع عقد اجتماعات مُكثفة بين مساعدين رؤساء الأركان لكلا الطرفين لتباحث هذه الخروقات والقضاء عليها ولجعل الضربات الروسية تستهدف داعش فقط وليس جماعات المعارضة السورية المُعتدلة".

ويشير أولوطاش إلى أن "هناك اضطراب واضح لدى الطرف الروسي حول توقيت التدخل الروسي وأهدافه الحقيقية، التدخل الروسي بدأ بالفعل ولكن المسؤولين الروس لا يعرفون متى يمكن أن ينتهي هذا التدخل ولا أحد من المسؤولين الموجودين داخل الاجتماع يُعطي جواب نهائي ومُطمئن، هناك تخبط واضح وصريح بين مسؤولي الطرف الروسي بما يخص فترة انتهاء التدخل وأهدافه، الروس يعتقدون بأن المعارضة لن تصبر أمامهم سوى أيام قلائل وسيستطيع الدب الروسي العظيم القضاء عليها في خلال فترة قصيرة جدًا، بالضبط حسب ما أوضح مبعوث الأمم المتحدة في سوريا دي مستورا، الطرف الروسي لم يتطرق إلى مقاومة المعارضة القوية التي يمكن أن تغير خططه وتضربها بعرض الحائط وتجعل تدخله يستمر لشهور وحتى سنوات".

وفي نهاية تقريره يبين أولوطاش بأن "التخبط التخطيطي لدى الطرف الروسي حول مدة التدخل وأهدافه يجعل التدخل مليئًا بالغموض عن إمكانية تحصيل نتيجة "إيجابية" لصالح روسيا والنظام الأسدي، وهناك بعض ذوي الرأي الشخصي في الطرف الروسي يعتقدون بأن التدخل الروسي خاطئ جدًا بعد المقاومة الشرسة التي أبدتها المعارضة السورية في وجه التدخل الروسي، وفي رأيي الشخصي بأنه إذا استمرت  المعارضة السورية في ضرب الجيش الروسي بقوة وهذا ما يتوقع بعد الدعم التركي السعودي القطري المحوري "المُتوقع" في الأيام المقبلة فإن الجيش الروسي سيضطر لتغيير خططه الداعمة للنظام الأسدي وفتح أبواب التحاور والمفاوضات مع المعارضة ".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!