سامي كوهين – صحيفة ملييت – ترجمة وتحرير ترك برس

تقوم القيادة التركية بالصراع مع التنظيمات الإرهابية التي تهدد أمن وسلامة أراضيها، على عدّة جبهات مختلفة. وبالتوازي مع هذا الصراع، فإنّ تركيا تسيّر حراكًا دبلوماسيًا مكثّفًا على عدّة جبهات فيما يخصّ القضية السورية.

السياسة التركية فيما يخص الأزمة السورية ومنذ بداية الأحداث الدموية في هذا البلد، كانت متطابقة مع الرؤية الغربية. وإن حدث بعض الخلافات حيال عدد من القضايا المتعلقة بهذه الأزمة، إلّا أنّ هذا التطابق مستمر في الإطار العام. لكن ظهور تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري ونشاطه في المناطق الشمالية المتاخمة للحدود التركية، فتحت شرخاً كبيراً بين تركيا وحلفائها الغربيين لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية.

كما أنّ التدخل العسكري الروسي في سوريا وتحكّم موسكو بالقرار السياسي في سوريا، أدّت إلى تدهور العلاقات السياسية بين أنقرة وموسكو وذلك من خلال نشوب خلافات في وجهات النظر حول العديد من القضايا المتعلقة بالأزمة السورية وغيرها من القضايا الأخرى.

وبينما تسعى القيادة التركية إلى حل الأزمة السورية بمعزل عن رأس النظام "بشار الأسد"، تصبّ موسكو كل طاقتها العسكرية والدبلوماسية من أجل حماية النظام السوري من الانهيار. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ القيادة الروسية تعمل على التنسيق مع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، بل وسمحت لهم بفتح مكتب لهم في العاصمة موسكو. وهذه الخطوة بحد ذاتها سبب لتأزم العلاقات بين أنقرة وموسكو.

تصريحات قوية من المسؤولين الأتراك:

لو نظرنا إلى التصريحات الأخيرة التي صدرت من المسؤولين الأتراك خلال الفترة الأخيرة، نجد أنّ هذه التصريحات تتسم بالقوة والصرامة تجاه الغرب وروسيا فيما يخص القضية السورية، حتى وإنّ كانت هذه التصريحات تدخل في إطار الدعاية الانتخابية، إلّا أنها لاذعة وصارمة. فعلى سبيل المثال، فإنّ الرئيس أردوغان وجّه انتقادات لاذعة لنظيره الروسي فلاديمير بوتين، عقب استقبال الأخير لرأس النظام السوري بشار الأسد في الكرملين. حيث قال أردوغان أتعجب للرئيس بوتين كيف استقبل شخصاً قد تلطّخت يداه بدماء الآلاف من السوريين". وتأتي هذه الانتقادات في حين أنّ وزير الخارجية التركي كان في اجتماع القمة الرباعية التي عقدت في فيينا والتي ضمّت السعودية والولايات المتحدة وروسيا، للنظر في القضية السورية.

من المعلوم أنّ مثل هذه التصريحات الكلامية لا تعود بالنفع للعلاقات القائمة بين الدّولتين. ألا يجب للساسة الأتراك الاتزان أكثر في تصريحاتهم للمحافظة على المصالح المشتركة القائمة مع روسيا؟. والأمر كذلك ينطبق على التصريحات التركية الصادرة بحق الدّول الغربية فيما يخص أزمة اللاجئين.

إنّ مثل هذه التصريحات اللاذعة تساهم في زيادة الفتور في العلاقات التركية مع روسيا والعالم الغربي. في حين على الجميع حلّ هذه الخلافات القائمة عن طريق الدبلوماسية والعمل السياسي.

مما لا شك فيه أنّ الأزمة السورية وما نتج عنها من موجة النزوح الكبيرة وما أعقب ذلك من أزمة ظهور تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، أربكت القيادة التركية وجعلتها تبدي رد فعل قاسية ضدّ الدول الغربية وروسيا، لكن هذه الأزمات لا يمكن إزالتها إلا من خلال الدبلوماسية وزيادة التعاون مع القوى العالمية الفاعلة على الساحة السورية.

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس