ولاء خضير - ترك برس

سبق وأن حقق حزب الشعوب الديمقراطي "HDP"، مفاجأة كبيرة في انتخابات شهر حزيران/ يونيو، وحصوله على 13.12%، وتخطيه عتبة الـ10%، مما أهله لدخول البرلمان للمرة الأولى في تاريخه، ولكن إعادة انتخابات البرلمان قبل عدة أيام، غيرت الخريطة السياسية لحزب الشعوب الديمقراطي.

فعند الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة، تصدر حزب العدالة والتنمية بحصوله على أعلى نسب الأصوات، بينما حزب الشعوب الديمقراطي (الكردي)، شهد تراجعا، وفقد أكثر من مليون صوت.

وحسب النتائج المعلنة، فإن حزب الشعوب الديمقراطي، فقد مليون صوتًا من إجمالي أصواته، التي حصل عليها في الانتخابات السابقة، والبالغ عددها 6 ملايين، و57 ألفًا و500 صوت، وبذلك يكون الحزب قد خسر نحو مليون و780 ألف صوت، مقارنة بانتخابات يونيو/ حزيران، التي حصل فيها على 7 ملايين و423 ألف صوت.

 

وفقد الحزب أصواتًا في المدن الشرقية، والشمالية الشرقية التركية، التي احتل فيها المرتبة الأولى في انتخابات 7 يونيو، حيث انخفضت نسبة أصواته في ولاية "ديار بكر" من 79% إلى 71.98%، وفي ولاية "وان" من 74.8% إلى 64.97%، وفي ولاية "أورفاط من 38.5% إلى 28.35%، وانخفض عدد نواب الحزب في البرلمان من 80 نائباً في انتخابات 7 حزيران،  إلى 59 نائبا في انتخابات الإعادة.

وكانت تركيا قد شهدت العديد من اعمال العنف، والتفجيرات والأعمال الإرهابية، ووجهت الانتقادات الى حزب الشعوب الديمقراطي، واتهامات بأنه هو قام بتحريض بعض الأطراف على إحداث الفوضى في البلاد، لتحقيق مكاسب انتخابية وأخرى خاصة!.

الأسباب

حسب الحكومة التركية، فإن حزب الشعوب الديمقراطي هو المتهم الأول بالتحريض على الاحتجاجات، وأعمال العنف التي شهدتها شوارع العديد من المدن التركية، والصراع الدائر مع حزب العمال الكردستاني، حيث يرى البعض أن تراجع حزب الشعوب الجمهوري، يعود لعدم اتخاذ الحزب موقفاً واضحاً تجاه هجمات "العمال الكردستاني".

وما وصفه الكثيرون، ومنهم الأكراد بـ "عنجهية حزب الشعوب الديمقراطي"، وإصراره تقديم نفسه كمنافس لحزب العدالة والتنمية، وهو ما افقده الكثير من الأصوات، وأنه كان يجب على الشعوب الديمقراطي المشاركة في حكومة ائتلافية مع العدالة والتنمية، إبان الانتخابات الماضية، والتي حقق فيها انتصارا ملحوظا، لكنه رفض ذلك.

فيما يرى محللون آخرون، أن المعارك التي اندلعت في المناطق الكردية، ساهمت في خلق أجواء سياسية جديدة في تلك المناطق من جهة، ومنعت  حزب الشعوب الديمقراطية من القيام بالحملة الانتخابية من جهة أخرى، حيث صوت مناصرو الأحزاب الإسلامية، وبعض الأحزاب الكردية، للعدالة والتنمية، ما جعل نسبة العدالة والتنمية، تزداد على حساب حزب الشعوب الديمقراطي.

كما وجهت انتقادات إلى حزب الشعوب، بأنه ليس لديه خطاب لكل الأتراك، بل للأكراد فقط، فلم يستطع منافسة حزب العدالة والتنمية في خطابه "الجامع"، كما أنه لا يوجد "نضج سياسي" لدى بعض قادته.

ومن جانب آخر، اعترف مرشح حزب الشعوب الديمقراطي، والناشط اليساري بركات كار عبر قناة الجزيرة، أن التراجع الذي  أصاب الحزب، عزاه إلى "تبني حزب العدالة والتنمية سياسة استهداف لحزب الشعوب الديمقراطي بعد انتخابات يونيو/حزيران، فالتراجع حصل في المناطق الغربية، وليس في الجنوبية والشرقية المستهدفة بالعمليات العسكرية"، على حد قوله، مؤكدا أن قسمًا من الناخبين تراجع عن التصويت للحزب نتيجة الخوف.

وأضاف كار أن "العدالة والتنمية" حاول وضع حزب الشعوب في نفس خانة حزب العمال الكردستاني، وأن يبني له ارتباطًا عضويًا معه، حتى يحاصره ويدفعه لخسارة حتى عتبة الـ10% الانتخابية، مما أثر على تراجع الحزب.

ويذكر أن حزب الشعوب الديمقراطي تأسس عام 2012م، كثمرة من ثمار التفاوض بين الحكومة التركية، والزعيم الكردي المسجون عبد الله أوجلان؛ حيث دعا أنصاره إلى ترك السلاح، وخوض العملية السياسية للحصول على مطالبهم، ومنذ ذلك الحين عُرف الحزب بأنه الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني.

ويعتبر مراقبون أن هذا الحزب لم يكن ليبصر النور دون رغبة أوجلان، في رسالة تشير إلى أن خيوط اللعبة السياسية ما زالت بيده.

وعلما أن الأكراد كانوا قبل ذلك يدخلون البرلمان التركي نوابًا مستقلين، غير أنهم بعد ذلك قرروا خوض الانتخابات من خلال حزب الشعوب الديمقراطي، ونجحوا لأول مرة في دخول البرلمان، مستهدفين تخطي العتبة البرلمانية، بالحصول على أكثر من 10% من أصوات الناخبين.

وهكذا آثر العقلاء، وأصحاب المصلحة الوطنية من جميع القوميات في تركيا، بمن فيهم الأكراد، الامتناع عن التصويت لحزب الشعوب الديمقراطي، والتوجه للتصويت الى حزب العدالة والتنمية، خوفًا من الوقوع في فخ الحرب الأهلية، وطمعا في الاستقرار السياسي، والوحدة الوطنية، التي رفضها حزب الشعوب الديمقراطي، وتمسك بمطالبه دون اي تنازل، او تضحيات لتحقيق المصلحة العامة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!