ترك برس

تروي الوثائق التاريخية بأن الاحتفال بليلة الحادية عشر من ربيع الأول، أي اللية التي تسبق الثاني عشر من ربيع الأول التي توافق ليلة ميلاد النبي ﷺ، كان احتفالًا رسميًا في زمن الدولة العثمانية، وكانت تتم الاحتفالات بإدارة قصر الباب العالي ابتداءًا من عام 1910، وظلت هذه العادة مستمرة حتى تأسيس الجمهورية التركية عام 1923.

وقبل هذا التاريخ أيضًا كان يتم الاحتفال بالمولد النبوي من قبل الدولة، ولكن كان يتم الاحتفال على مستوى رفيع ولم يكن يشمل المستوى الشعبي، بمعنى أن الاحتفال بالمولد النبوي كان من قبل الدولة يتم من خلال اجتماع السلطان والوزراء والمسؤولين رفيعي المستوى في القصر وكان يحضر الوزراء والمسؤولين كل بردائه الرسمي، وكان يحضر إلى القصر قارئ للقرأن وعالم يلقي موعظة عن النبي ﷺ، وكانت هذه الاحتفالات لا تشمل المستوى الشعبي.

ولكن بعد عام 1910 أصبح الاحتفال بالمولد النبوي على المستويين الحكومي والشعبي. كان يجتمع الناس رويدًا رويدًا بعد صلاة العشاء أمام قصر الباب العالي وبالتحديد في ساحة مسجد السلطان أحمد، وكان يُخصص مكان مثل المسرح لجلوس السلطان وأئمة الجوامع الكبيرة والعلماء الواعظين والمؤذنين جميلي الصوت، وكان يجلس الجميع بأمر السلطان.

كان يحضر الاحتفال الرجال والنساء، وكان الجميع يحرص على حضور الحفل بلهفة ومتابعة فقراته بعناية عالية. كان يبدأ الاحتفال بتلاوة عذبة للقرأن الكريم ومن ثم يقوم شيخ الإسلام بإلقاء موعظة عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد ذلك تبدأ مسابقة أجمل الأصوات في الأذان.

أثناء توافد الحضور إلى الاحتفال كان يسكب على أيديهم عطر الورد وتوزع عليهم الحلوى في أطباق فضية، وبعد الانتهاء من الاحتفال كانت تستمر الضيافة التي تشمل تقديم صناديق حلوى صغيرة و"الشربة العثمانية" وعصير ليمون بالنعنع، وبعد تبادل التحيات والمباركة كان يلقي السلطان تحياته ويترك مكان الاحتفال وبذلك ينتهي.

هذان النوعان اللذان كانا مُتبعين من قبل القصر، أما على المستوى الشعبي فكان الاحتفال يتم وفق العادات السلجوقية التي توارثتها الأجيال جيل بعد جيل. على المستوى الشعبي كان يتم الاحتفال بالمولد النبي في يومي الحادي عشر والثاني عشر من ربيع الأول، وكان يتم الاحتفال على مستوى شعبي من خلال دعوة بعض المسؤولين رفيعي المستوى وبعض أئمة الجوامع الكبرى، وكان يتم الاحتفال في أحد الجوامع الكبرى بمدينة إسطنبول.

كانت العامة تتبادل المباركة وتوزع الحلوى و"الشربة العثمانية" من صبيحة الحادي عشر والثاني عشر من ربيع الأول، أما الاحتفال الرسمي فكان يبدأ بعد صلاة العشاء، وكانت تُعلق فوانيس أمام البيوت والمحلات التجارية.

وفيما يتعلق بالضيافة التي تُقدم بعد الاحتفال، فقد كانت تشمل بعض الحلوى و"الشربة العثمانية" وفي بعض الأحيان كان يتم تقديم الليمون بالنعنع.

بالإضافة إلى هذه الاحتفالات الضخمة التي كانت تتم في المساجد والقصر، كان الأغنياء وبعض العامة يحرصون على دعوة قارئي القرأن للاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم واستشعارًا بنعمة الإسلام.

وحرص بعض السلاطين العثمانيين على الإفراج عن بعض السجناء ذوي الأحكام الخفيفة، وكان بعض القضاء يحكمون على المذنب بشيء بسيط بإطلاق سراحه، لاعتقادهم بأنهم لو أرسلوه إلى السجن سيتم إطلاق صراحه في يوم الاحتفال بالمولد النبوي، لذا كانوا يحكمون على بعض ذوي الأحكام الخفيفة بالإعفاء.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!