عبد القادر سيلفي - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

عاشت انتخابات 2011 لحظات غريبة عندما بدأت بوادر التنظيم الموازي في التكون من طلائع المنفصلين عن حزب العدالة والتنمية من أعضاء جماعة غولن، ولم يكن هذا التحرك لجماعة دينية نحو العمل السياسي هي الحادثة الأولى في تاريخنا، بل كانت هنالك سابقة لها.

بينما كان رئيس حزب العدالة والتنمية آنذاك أردوغان يتفحص قائمة المرشحين عن حزبه من أعضاء الجماعة سأل نائبه عن الجماعة وأوضاعها، فكان رد النائب بأن الجماعة تتكون من خطين: الأول مخلص في نيته وعمله وهم الذين يقدمون الخدمات ويشرفون على المدارس، أما الخط الثاني فهم الشرطة والاستخبارات والقضاة وغيرهم وهم الهيكل الفاسد في التنظيم، ثم سأل أردوغان عن مكان غولن بين هؤلاء، فكان رد النائب بأنه لا يعلم.

كان هنالك الكثير من الأسماء التي تم ترشيحها من قبل جماعة غولن لدخول القوائم ولكنها لم تدخل، وكان من بين تلك الأسماء الهان اشبيلان ومحمد أداي الذين تم ترشيحهما من قبل غولن نفسه. بعد جدل قوائم الانتخابات كان عدد نواب حزب لعدالة والتنمية 327 ولكن ومع بدأ عمليات التنظيم الموازي انخفض العدد إلى 313 بسبب استقالة بعض منتسبي الجماعة.

كانت الأيام 17-25 من كانون الأول/ ديسمبر في العام الماضي حامية الوطيس، فبعد الضربة ومحاولة الانقلاب فيها، بدأ التنظيم الموازي حملة جديدة هدد فيها الحكومة في شهر شباط/ فبراير، وكان السيناريو يتحدث عن محاولة إسقاط الحكومة عن طريق استقالة 75 نائب من منتسبي الحزب الذين نجح في إدخالهم للقوائم قبل ذلك.

في مراجعات القانون العام التي حصلت في 12 أيلول/ سبتمبر من عام 2010 عملت جماعة غولن بجهد لا نظير له من أجل تمرير القانون الجديد حتى صرح غولن نفسه وقال: "يجب أن يمر القانون الجديد حتى لو اضطررنا إلى إخراج الموتى من قبورهم ليصوتوا بنعم"، بعد تمرير القانون بنسبة 58% كانت الجماعة هي أكبر المستفيدين بتوسع شريحتها البيروقراطية.

بعد التحشيد الكبير الذي قامت به الجماعة من أجل نوابها في حزب العدالة والتنمية، كانت مناقشات المدارس المستقلة هي المفتاح الذي أعطى الأمر ببداية الانقلاب واستئناف الاستقالات. علم أردوغان حقيقة الذي يحصل فبعث برسالته إلى غولن في بنسلفانيا وطلب منه الأسماء التي يريد تثبيتها، وكان رد غولن بإرسال اسمين من أجل ذلك.

حصل بعد ذلك تسريبات جديدة أدت إلى استقالة 14 نائب لم يكونوا كلهم من منتسبي جماعة غولن لكن توقيت الاستقالة اعطى قوة للجماعة. وكانت الأحداث بعد ذلك مثل تساقط قطع الدومينو، وأظهرت التسريبات بأن تحضيرات أعضاء الجماعة في المخابرات والشرطة والأجهزة المختلفة كانت منذ زمن بعيد. فمشكلة المدارس كان بالإمكان حلها بالحوار، ولكن ولأنهم أكملوا تحضيرات الانقلاب من قبل؛ كان اختيارهم الحرب لا السلم.

وكما قال بدر الدين ديميرال باشا بأن تحضيرات الانقلاب كانت جاهزة قبل عام من بدايته وأنهم انتظروا حتى يحين الوقت الملائم لتنفيذه. وتظهر المقاطع الصوتية التي هربها التنظيم بأنها كانت بعد واقعة "دقيقة واحدة" في دافوس.

والسؤال هنا: إذا كانت جماعة غولن من أكثر المستفيدين من حزب العدالة والتنمية فما هو الداعي للانقلاب عليهم؟ الحقيقة هو أن الذي انقلب على حزب العدالة والتنمية ليست مصالح الجماعة وإنما الذين يقفون خلف الستائر ويحركونها بالخفاء، فالذي انقلب على مرسي هو رئيس اركانه السيسي، والذي انقلب على سليمان دميرال هو كنعان إفرين، والذي قتل رئيس الوزراء الهندي هم أناس من المقربين منه، فراعي الاغنام على راس الجبل لن يستطيع الانقلاب على الحكومة في أنقرة!

في ضوء كل ما سبق يقوم التنظيم الموازي اليوم بعمليات الوعي التي تستهدف شرائح المجتمع المختلفة، فبينما يضرب تحت الحزام بأن تركيا تتفق مع إسرائيل كان انقلابه إثر تحريك شبكة علاقاته الواسع مع إسرائيل.

عن الكاتب

عبد القادر سلفي

كاتب في صحيفة حرييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس