ولاء خضير - خاص ترك برس

لم تكن الدولة العثمانية مجرد دولة عابرة بالنسبة لكثير من البلدان العربية، وبالأخص بلاد الشام (الهلال الخصيب)، فآثار الدولة العثمانية القديمة من مبانٍ، وقصور، وحمامات عثمانية، وعادات، وأنواع الطعام، ما زالت ماثلة حتى هذا اليوم، والتي تعد مصدر سياحة وفخر وأصالة لدى السكان.

ويعد "الأتراك"، والذين كانوا يطلقون عليهم أصحاب الطرابيش الحمراء، من اوائل رواد مقاهي فلسطين، وبلاد الشام، فخلال الحكم العثماني للولايات العربية، اختلط السكان بالجنود الأتراك وتعايشوا معهم، وأخذوا منهم بعض العادات والتقاليد، ووصفات من المطبخ العثماني العريق، عدى عن حلويات تركيا الشهيرة، والتي ما زال الكثير منها منتشرة حتى الآن في الدول العربية، وتحمل الاسم التركي نفسه.

تاريخ العرب والأتراك

ساهم التاريخ الإسلامي المشترك بين العرب والأتراك، في جعل العرب يقبلون العثمانيين بصدر رحب، فالدولة العثمانية التي ضمت بلاد العرب منذ عام 1516م، وأسست دولة إسلامية عظمى في العالم، لم ينظر إليها العرب على أنها قوة غازية مستعمرة، كما نظروا إلى الغزوين المغولي والصليبي، فلم يقاتل الأتراك من العرب أحدًا.

بل من شكك العرب، هو محاربة المماليك لهم، الذين أرادوا أن تبقى لهم السلطة وحدهم، وهم الذين صعدوا إلى الحكم في بلاد الشام ومصر، بسبب ضعف الأمة العربية، وتهاونها عن تسلم دورها القيادي في نهايات العصر العباسي، ولم يكن لدى أحد من العرب في ذاك التاريخ، اية حساسية من ظهور قوة الأتراك، ضمن المنظور الإسلامي، بل إن العرب تفاءلوا بالقوة الصاعدة، بعد أن ذاقوا مرارة غزو المغول، والصليبيين، وأستبشرو خيرا بعلو شأن الإسلام وهمته بين الأمم.

بداية علاقة العرب والأتراك

بدأت العلاقة بين العرب والأتراك في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، سنة 21 للهجرة، يومها كانت جيوش الفتح العربي الإسلامي تتابع تقدمها في بلاد الفرس، حين التقى قائد جيش المسلمين، عبد الرحمن بن ربيعة في بلاد الباب، بملك الترك شهربراز، وعرض عليه أن ينضم إلى جيشه، وأن يساهم معه في فتح منطقة أرمينيا، فوافق الملك التركي، ورحب الخليفة عمر بذلك، وانضم الأتراك إلى جيوش المسلمين.

الحضارة العثمانية

امتازت الحضاره العثمانية بروعة شواهدها، حيث تنتشر المباني العثمانية العريقة في أغلب الدول العربية، ويفضل كذلك بعض من الفلسطينين، والمصريين، والشاميين بناء مبانيهم على الطريقة العثمانية.

فقد تأثرت الدول العربية بالطراز العثماني الإسلامي، في بناء مساجدها، ومبانيها، حيث مع بداية الفتح العثماني لمصر والشام، بدأ التأثر العربي واضحا ًبالطراز المعماري العثماني.

ومن شواهد الحضارة العثمانية، برج ساعة القدس الدقاقة، الموجودة الآن في لندن، بعد أن كانت تزين باب مدينة خليل الرحمن، في فلسطين.

حيث شيد العثمانيون برج الساعة، فوق باب الخليل، بجوار القلعة، واستغرق بناؤه سبع سنوات، وتم الفراغ منه في ذكرى اليوبيل الفضي، لاعتلاء السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، عرش الخلافة عام 1909م، وكان يمثل تحفة معمارية تستقبل القادمين إلى المدينة من جهة مدينتي يافا والخليل، وكان يشمل أربع ساعات، يراها السكان من مختلف الجهات.

وبعد وقوع فلسطين تحت الحكم البريطاني، أصدرت جمعية  تسمى "محبي القدس" قرارًا بإزالة برج الساعة عام 1922م، تارةً بحجة شبهها ومنافستها لساعة "بيج بن" اللندنية، وتارة بحجة بشاعة البرج، بينما كان الهدف الحقيقي، إزالة ذكرى السلطان العثماني من أذهان السكان.

وقاوم الأهالي ذلك القرار بعنف، إلى أن سرت شائعة بأن ستورس، وهو الحاكم العسكري، عدل عن القرار، بسبب اعتراض مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، باعتباره من الآثار العثمانية. لكن ستورس نقل الساعة، ونصبها على برج صغير بُني على الساحة المقابلة لمبنى بلدية القدس، خارج الباب الجديد، وبعد أن استقبح تلك الفعلة كل من شاهد البرج الجديد، اضطر ستورس لهدمه، ونقل الساعة إلى المتحف البريطاني في لندن.

أما الآثار والشواهد العثمانية في البلاد العربية، فهي مشهورة ومعروفة عند الغالبية، لا يسع ذكرها جميعها، ويُعتبر الكثير منها مصدر سياحة ذات أهمية في كل مدينة عربية، سواء أكانت قصور عثمانية، أو مساجد عثمانية، أو مبانٍ، أو حمامات وغير ذلك.

مأكولات عثمانية

تاريخيًا أثّرت الأكلات والحلويات التركية على المطابخ العربية، ولعلنا لا زلنا نستخدم أسماء معظم الأكلات والحلويات التركية المشهورة أيضا في البلاد العربية، مثل الكباب، والكفتة، والشاورما، والشكشوكة، والدوالي أو اليبرق، أو محشي ورق العنب.

أما الحلويات فأشهرها القطايف، مع التحفظ على تميز كل دولة بكيفية إعدادها، واختلاف نكهتها.

وتعد "الكنافة" إحدى أشهر الحلويات التركية، بعضها خرج مثلا من مطبخ السلطان سليمان القانوني، وتعرف باسم كنافة العسل، أو جبن السكري، وتشتهر في مدن جنوب شرق تركيا.

بالإضافة إلى كنافة "البوش" التي ما زالت تطهى حتى اللحظة في المناسبات، والأعراس في مدينة كونيا، وتسمى أيضا "كنافة الأميرة".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!